بعد ثلاث سنوات على الانفجار، أبصرت النور أغنية جديدة بعنوان "بيروت في الهواء". المفارقة أن تلك الأغنية، التي كتبها ولحّنها الفنان الفرنسي - التشيكي بروكوب (Prokop)، هي الأغنية الأجنبية الأولى التي تتناول قضية الانفجار "من منظورٍ أوروبي"، كما فضّل بروكوب تسميته.
يمتلك بروكوب علاقة مختلفة مع بيروت، إذ يروي لـ"المدن" أن لا جذور تربطه بلبنان فعلياً. كان السؤال عن علاقته بالمدينة بديهياً منذ بثّ أغنية تروي مأساة لبنانية على لسان فنانٍ فرنسي. لكن لبروكوب أصدقاء كثر في المدينة، كما أن شقيقته تعيش فيها وهي متزوجة من لبناني. وقد زار بروكوب لبنان في 2016 وكتب نصوصاً عن بيروت التي "تجمع بين الفوضى وكونها على قيد الحياة"، وفق ما قاله، إلا أنه لم ينشرها حينها.
في 14 آب، اجتمع بروكوب بأصدقاء لبنانيين شاركوه قصصهم وحزنهم بعد 10 أيام على انفجار المدينة. يقول بروكوب: "كنت خائفاً أن أقدّم فنّاً مبتذلاً أو أن يبدو عملي كرغبة في المتاجرة بقصص الضحايا وذويهم، لكني أردت فعلاً نقل تلك القصص، كتبت الأغنية استناداً إلى الشهادات التي سمعتها على مرّ سنوات، وإلى معلومات قرأتها في مقالاتٍ وكتب، وعندما غنّيتها أمام مجموعة من الناس كثر شجعوني على تسجيلها... لقد بدا واضحاً لمن سمعها أن هدف الأغنية هو حفظ ذكرى الانفجار وليس الحصول على أي منفعة شخصية".
انتفاضة وضحايا
يستهلّ بروكوب أغنيته بعبارة: "هناك جرح في السماء، بيروت في الأجواء، مدينة تحلّق في السماء"، ثم يتابع ليروي تفاصيل الانفجار بأسلوب درامي كفيل بأن يُحضر الحادثة بتفاصيلها إلى ذاكرة كل من عايش الانفجار. لا يغفل بروكوب عن ذِكر عدد الضحايا أيضاً، إذ يذكر أن 206 ضحية سقطوا، فيما أُصيب أكثر من 6000 شخص، "وبعضهم قد لا تشفى جروحه أبداً".
اللافت أن الأغنية لا تتناول قضية انفجار المرفأ بمعزل عن تاريخ لبنان. أصرّ بروكوب في أغنيته ألا يسلخ ذكرى الانفجار عما سبقها من فسادٍ متراكم في مرفأ بيروت، وصولاً إلى الانتفاضة الشعبية والاغتيالات السياسية.
ففي إحدى عبارات الأغنية مثلاً، يتطرأ بروكوب الى سكّة الحديد المتوقفة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وفي أُخرى يذكر بقضم الشاطئ العام من قبل اصحاب النفوذ وحرمان اللبنانيين من حقّهم في ارتياده.
يذهب الشاب أبعد من ذلك في العمق، فيذكر محاولات عرقلة عمل المحقّق العدلي طارق البيطار في ملف تفجير المرفأ، من دون أن يسمّيه. كما يُعرّج على اغتيال الناشط السياسي المعارض لـ"حزب الله" لقمان سليم، والمُصوّر جو بجاني، الذي التقط صوراً لمرفأ بيروت عقب الانفجار، يُرجّح أنها كانت تحمل معطيات قد تُغيّر مجرى القضية.
تلك الأغنية قد تكون واحدة من عشرات الأغاني التي خلّدت انفجار المرفأ وتركت رسالة واضحة في نهايتها: "ضعوا الزهور على قبورهم، اجعلوا الدّم يُزهر". وقد تكون واحدة من الأعمال الفنية التي تُساعد على خلق ذاكرة جماعية حول حدثٍ أليم، أو أن تُساعد في تخطي
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها