بالقرب من فرع المخابرات العسكرية وجامع زين العابدين وكافيتيريا الموعد والمصرف التجاري السوري ومحطة محروقات قديمة ومبنى البريد وفي أهم مثلث في القامشلي يقف تمثال خائف لحافظ الأسد، كلما مرّ أحد قربه يخبئ رأسه بين يديه و يغمض عينيه كي لا يرى ما يحدث حوله.
اختفت صور حافظ وباسل وبشار وحسن نصر الله وشعارات الإصلاح والتحديث والعبارة الشهيرة (الأكراد في سورية مكون أساسي وعريق من الشعب السوري) التي اقتطفت من حوار لبشار الأسد مع قناة الجزيرة بعد انتفاضة القامشلي 2004.
اختفت دوريات الأمن وسيارات البيجو ستيشن والعبارة التي كنت تسمعها في شوارع كثيرة (اعريف مع مين عم بتحكي ولك )لم تعد تسمع حركة السيارات التي كانت تدخل يومياً و بالعشرات إلى فرع الأمن العسكري وفرع أمن الدولة بعده بقليل أو فرع الأمن السياسي قبله.
ثمة أعلام جديدة ترفرف عالياً وصورة جديدة تحتل واجهة المحلات والبيوت.. أعلام كردية وصورة عبد الله أوجلان الزعيم الكردي المعتقل في إيمرالي والأب الروحي لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD الذي يسيطر على القامشلي ومناطق شاسعة من محافظة الحسكة.
لم تتضح الصورة بعد، تمر دوريات الاسايش (الأمن الكردي التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي) قرب مطار القامشلي حيث معقل المخابرات الجوية السورية، العنصر الذي يقف قرب الحاجز يرد التحية بأحسن منها.
وفي عامودا دوريات مشتركة للاسايش ومجاهدين بسيارات نصبت فوقها رشاشات أوتوماتيكية كبيرة مضادة للطائرات
وأعلام سوداء ترفرف عالياً. لا احد يعرف هويتها غير أن الكلمة البيضاء في منتصف الراية (الله أكبر) واضحة جداً.
بين عامودا والقامشلي طريق إسفلتي قديم، مليء بالمطبات، على أطرافه تتناثر قرى كردية وقرى عربية كانت نموذجية بنيت على عجل في إطار الحزام العربي، حاجز ديموغرافي بين كردستان تركيا والمناطق الكردية في الجزيرة. تعرف ذلك من البيوت الأسمنتية المتشابهة وأعلام البعث وصور الرفيق القائد.. التي بهتت من الإهمال.
نوافذ تطل على نوافذ
وأبواب مغلقة تماماً
وغرباء في كل مكان.
كرد لا يجيدون من العربية غير اللهجة البدوية ويحبون خبز الصاج و(الحميس)
وبدو يتحدثون الكردية بلكنة عربية ويفضلون التبغ الكردي المهرب من ماردين
هناك قلق وخوف وتوجس..
لا أحد يستطيع أن يتكهن بالقادم
الصورة ليست واضحة أبداً
الواضح فقط أن التمثال الخائف في قلب القامشلي سيسقط قريباً جداً
لا أحد يعرف كيف
ربما خوفاً أو مللاً بعد أن سقطت كل التماثيل
أو بضربة من قبضة متظاهر كردي أو عربي
لا فرق.