السبت 2016/02/27

آخر تحديث: 11:48 (بيروت)

مدينة النبطية تجرّب فرز النفايات من المصدر

السبت 2016/02/27
increase حجم الخط decrease
رغم كل ما أثير حول أزمة النفايات، كانت مجموعات الحراك، منذ انطلاقتها، تعتبر أن الحل الصحي والبيئي والمستدام، يجب أن ينطلق من بدء البلديات بعملية فرز النفايات من مصدرها، أي من البيوت، وهذا ما يمكنه، في مراحل لاحقة، تسهيل معالجتها والتخلص منها. على أن تطبيق البلديات هذا الحل، لا يمكن تحقيقه من دون توفير امكانيات مالية ولوجستية محددة، كتلك التي يمكن أن يوفرها تحويل أموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل، أو إيجاد طرق تمويل مختلفة، مثلما حصل في عدد من القرى، ومثلما سيحصل في مدينة النبطية، حيث ستطلق بلديتها، يوم الأحد، مشروع فرز النفايات من المصدر تحت عنوان "فكر شوي قبل ما ترمي، الفرز هو الحل".


حملات توعية
تُقسّم المدينة في هذا المشروع، المتعلق بفرز النفايات العضوية وغير العضوية، إلى 11 قسماً، ستوزع البلدية على سكانها الأكياس الملونة بدعم من منظمة "UNhabitat" (برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية) والصليب الأحمر اللبناني، وزارة الشؤون الاجتماعية، كشافة الإمام المهدي والنادي الحسيني في البلدة. ويقول رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل لـ"المدن" إن "المشروع قد بدأ، بصورة أولية، بتعاون بين البلدية وجمعيات المجتمع المدني، وقد قامت كل جمعية بتسلم دائرة معينة، وبدأت في ما بعد حملات التوعية على آلية الفرز وكيفية العمل، عبر توزيع منشورات وتوزيعها، من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة المتمثلة بتحقيق التنمية المستدامة، الحفاظ على البيئة، تقليص كمية النفايات، الحد من انتشار الأوبئة، تخفيف تلوث المياه والحفاظ على الصحة العامة".

وتستفيد النبطية، في تخلصها من نفاياتها المفروزة، من معمل فرز النفايات الصلبة في الكفور، الذي أفتتح في بداية شهر شباط الجاري، بحضور وزير التنمية الإدارية نبيل دو فريج وسفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن، بعد سنوات من العمل عليه. ويؤكد كحيل أن الهدف من المشروع "تحويل الفرز إلى سلوك دائم".


تجاوب مبدئي
لكن محاولة تغيير سلوك الناس، وما اعتادوا عليه لسنوات، وتشكيل وعي عام بأهمية هذه الخطوة ليست مسائل سهلة، وهي تحتاج إلى وقت طويل. وفي خلال جولة لـ"المدن" في النبطية، بدا تجاوب أغلبية الناس مع المشروع كبيراً، وهذا ما يؤكده كحيل، الذي يتوقع أن تكون "نسبة الملتزمين بالخطة الموضوعة من أجل نجاح الفرز من المصدر كبيرة، وهذا ما اتضح لنا بعد كثير من الاجتماعات التوعوية التي نظمت حول المشروع".

هناك أسباب كثيرة دفعت الناس إلى الموافقة على خطة الفرز من المصدر، لا بل تشجيع الآخرين عليها، لأن أزمة النفايات وصلت إلى مرحلة لا تحتمل، ولأن الثمن الصحي للأزمة سيدفعه أبناء المناطق الملوثة جراء تكدس النفايات فيها، في بلد تغيب فيه الضمانات الصحية والاستشفائية بحسب الأهالي، لذلك "ما إلنا غير ندير بالنا ع حالنا، وطالما الحل بإيدنا مش لازم نقصر، وإلا سنكون شركاء في المسؤولية".


بالقانون
على أن البلدية لم تضع ضمن مشروعها قانوناً يلزم الناس باتباع خطة الفرز. وفي هذا السياق، يشير رئيس جمعية "العمل البلدي" الطبيب مصطفى بدرالدين، وهي أحد الشركاء في المشروع، إلى أن "عدم التجاوب المقصود من قِبل البعض لن يُسكت عنه، لكن في المقابل سيلقى التجاوب مع الخطة صدى إيجابياً لدى البلدية، التي ستقدم مكافآت للأحياء الملتزمة، كتجميل المنطقة أو إقامة مشاريع فيها". وهذا ما يؤكده كحيل، الذي يتحدث عن مرحلة أخيرة من الخطة ستهدف إلى "تطبيق القانون تجاه المخالفين". وعن التجارب السابقة على المشروع، يشير بدرالدين إلى أن الخطة "طُبقت بنجاح في قصر العدل في المدينة بعد دعم من القاضي برنارد شويري".

في كل الأحوال، يبدو واضحاً أن المشاريع التي تُنفذ عن طريق المجلس البلدي، أو بدعم منه على الأقل، هي الأوفر حظاً للنجاح في النبطية، بسبب قلة فعالية عمل المجتمع المدني فيها مقارنة بمناطق أخرى. لكن هذا المشروع يبقى تحت الاختبار، فهل يتحول إلى ممارسة يومية، لا يُدفع إليها سكان المدينة سعياً إلى مكافآت، أو خوفاً من عقوبات قد تفرض عليهم. فإذا ما تحقّق ذلك يمكن القول إن النبطية تجاوزت مشكلة النفايات بالكامل، وهي تفرز فعلاً من المصدر، كما يحصل في عربصاليم القريبة منها، أو غيرها من المناطق اللبنانية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها