السبت 2016/06/18

آخر تحديث: 09:22 (بيروت)

تنانير "كلية العلوم"

السبت 2016/06/18
تنانير "كلية العلوم"
هناك طلاب يسعون إلى فرض وجودهم رغم اختلافهم ويواجهون ما يحصل (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease
"أكيد يلي عارضي جسمها بالشارع بقرف منها وبتقلب نفسي بس تطلع بوجي. بتاكلها قتلة وبتتغطى بالقوة". هذا الكلام ليس صادراً عن أحد بيانات "داعش"، ولا عن رجال دين يقدمون الفتاوى، بل من طالب في "الجامعة اللبنانية"، وفي كلية العلوم تحديداً.

والطالب محمد فحص، ذائع الصيت في الأيام الماضية، يعتقد وفق ما كتب في مجموعة "كلية العلوم" على "فايسبوك"، أنه يملك كامل الحرية ليقوم بتصرف كهذا. فمن غير المقبول، عنده، التمادي إلى هذه الدرجة من دون القيام بأي ردة فعل، خصوصاً أن دينه لا يسمح بذلك. ولئن كان الشرع يحرّم لمس من ليست حلالاً له، تطوعت إحدى زميلاته لتولي المهمة "الواجبة" عليهما.

هذه عينة مما شاع في نقاشات "فايسبوك" كلية العلوم. وهي بدت كما لو أنها حملة منظّمة، تحمل رسالة مفادها أن المجاهرة بما يخالف الدين ممنوعة. فلا مشكلة عند بعض المنتسبين إلى مجموعة كلية العلوم في "اللبنانية" بالتعبير عن اشمئزازهم من جسد المرأة المكشوف في الوقت الذي يطالبون فيه الفتيات طيلة الوقت بضرورة إخفائه لشدّة جماله مستعملين حجة أنّه جوهرة ثمينة يجب أن تبقى مخبّأة. ثم يقولون إن الالتزام بالحجاب هو الوسيلة لمحاربة الكفار والملحدين. وقد وصل بهم الأمر إلى تأييد فكرة منع الإختلاط في الجامعة.

ومن وجهة نظرهم، فإن ماري كوري التي حصلت على جائزة نوبل مرتين في الكيمياء والفيزياء ضعيفة الشخصية، على ما قال أحد رجال الدين. فهم لا تعنيهم إنجازاتها لأن العلوم الدينية هي سبيل رقيّ المجتمع، والحجاب هو شهادة تقدير للمرأة، وغيابه خير دليل على أن المرأة حتماً ضعيفة الشخصية.

هذه السيطرة على "الجامعة اللبنانية" مترجمة على أرض الواقع وليس في العالم الإفتراضي فقط. تارةً تُمنع حفلة موسيقية في كلية الفنون وطوراً يتمّ إلغاء نشاط ثقافي لمجموعة ما، بحجة أنها تنشر مفاهيم غربية إلحادية، على حد قولهم. لكن الاحتفالات التي تتعلق بأي حزب مسيطر على كلية ما لا تتوّقف، ويتّم العمل عليها بشكل مريح ومكثّف، فضلاً عن الأعلام وصور الزعماء السياسيين المنتشرة في مباني الكليات.

تذكر إحدى طالبات كلية العلوم أن مجموعة من الطلاب أصدرت مرةً "تكليفاً شرعياً"، منعت بموجبه التعاطي معها ومع ثلاثة من أصدقائها لأنهم عبروا عن امتعاضهم من إدارة فحص وبضعة شباب غيره مجلس طلاب الفرع في الكليّة، خصوصاً أن المجلس غير منتخب وغير شرعي.

لكنّ الجيّد أيضاّ أنه رغم سكوت الإدارات المعنيّة عمّا يجري في الجامعة منذ فترة طويلة، هناك طلاب يسعون إلى فرض وجودهم رغم اختلافهم، ويواجهون ما يحصل بأساليب عديدة. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي لم يقبل كثيرون ما نُشر من أفكار إلغائية وفاشية. وجاءت ردودهم بأشكال مختلفة. فالردّ الأول كان عبر مجموعة "يوم التنورة العالمي"، لتكون رسالةً ولو بسيطة إلى المتشددين بأنّ لا خوف لدينا من ارتداء ملابس قصيرة، بل إننا نحب جسد المرأة ونقدره كيفما كان، نحيفاً أو سميناً، وأن لنا الحريّة الكاملة بأن نفعل ما نريد. في المقابل، أنشئت صفحة باسم فحص، تحتوي على منشورات تنتقد بأسلوب ساخر كل الأفكار الرجعيّة التي طرحها.

ورغم نفي مجلس طلاب كلية العلوم في الفرع الخامس علاقته بهذه المجموعة، وإصدار مجموعات جامعية أخرى بيانات تتبرأ مما قيل فيها، إلا أن "الجامعة اللبنانية"، في ما صار واضحاً، تعاني انهياراً، لأن هناك من يسمح بذلك ويفرضه، ليس في الكليات التي يسيطر عليها "حزب الله" فحسب، إنمّا في فروعها كافة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها