الخميس 2016/02/25

آخر تحديث: 17:04 (بيروت)

الفرز من المصدر في التبانة.. لم يتجاوب أحد

الخميس 2016/02/25
الفرز من المصدر في التبانة.. لم يتجاوب أحد
ستنتقل التجربة إلى حي آخر في باب التبانة ويتوقع المنظمون نجاحها فيه (المدن)
increase حجم الخط decrease
إذا كان السائد أن الحل الصحي والمستدام لأزمة النفايات، يكون عبر اعتماد الفرز من المصدر، فإن تجربة حي أبو عربي، في باب التبانية، وهو أحد الأحياء الأكثر فقراً في طرابلس، تظهر أن تطبيق هذا الحل ليس بالسهولة المتوقعة، خصوصاً بعدما شهدت الأيام الأخيرة فشل "خطة الحي النموذجي لفرز النفايات من المصدر". وهذا ما يطرح تساؤلاً حول مدى جهوزية المجتمعات المحلية للبدء بالحلول البيئية، التي تعتمد أساساً على السلوك الفردي.



فكرة طموحة
والحال أنّ مشروع الفرز من المصدر هو مقدمة لفكرة تطمح أستاذة الهندسة البيئية ميرفت الهوز في "جامعة البلمند" إلى تعميمها في شمال لبنان، وبدأت بطرحها فعلياً منذ العام 2006، لكن بدء حرب تموز عطل تنفيذها، لتعود إلى الواجهة مجدداً مع تفاقم أزمة النفايات. وكان المشرفون على المشروع يعتقدون أن تطبيقها في حي أبو عربي سيكون مدخلاً لتعميمها في أنحاء المدينة، عبر تعاون بين طلاب "الجامعة اللبنانية" وجمعية "يوتوبيا" والمجتمع المدني في التبانة، كـ"مجلس شباب التبانة" ومجموعة "عيون التبانة"، بالإضافة إلى بلدية طرابلس.

وكان المشروع قد بدأ بملء إستمارات، من قبل فريق يعمل مع الهوز، لجمع معلومات حول سكان الحي، كعدد أفراد كل بيت وتقدير حجم النفايات التي ينتجها. في المقابل، قامت "يوتوبيا" و"مجلس شباب التبانة" بتأمين المستوعبات وتطويع مجموعة من الأشخاص لتوعية المواطنين والأهالي حول كيفية فرز النفايات وأهميته، وفق مسؤول "يوتوبيا" شادي نشابة، الذي أوضح أن المخطط كان يتضمن زيارات إلى المنازل، يقوم بها شباب "يوتوبيا" وطلاب "اللبنانية".


لا تجاوب
لكن التفاؤل الذي انطلقت منه الخطة لم ينعكس على الأرض. فمشروع الحي النموذجي فشل، وفق أحمد ستيتة الناشط في "عيون التبانة". ويشير ستيتة إلى أن "الأهالي في حي أبو عربي لم يتجاوبوا مع المبادرة مطلقاً". وفشل تجربة الفرز من المصدر في طرابلس ومحيطها لا يقتصر على أبو عربي. وهذا ما يرجع إلى "عدم متابعة المشاريع من قبل النشطاء البيئيين"، على حد تعبير الناشط البيئي سامر أنوس، الذي يتحدث عن "عدم وجود فكر أو ممارسة بيئية، وكذلك غياب الخطط المستدامة، وعدم الأخذ في الاعتبار انتهاء التمويل"، متحدثاً عن "شراكة في الفساد". ويستشهد أنوس بـ"مشروع الفرز في مدينة الميناء، الذي نفذ بتعاون بين لجنة رعاية البيئة وبلدية الميناء، منذ 8 سنوات، وقام سكان الأحياء الشعبية ببيع الحاويات البلاستيكية لبائعي الخردة بعد اختتام المشروع".

والمفارقة اللافتة في التبانة أن سكان أحيائها، يبدون حالياً محاصرين بين أسلاك كهربائية تحجب السماء عنهم وأرصفة تتجمع عليها أكياس النفايات، بينما يؤكد بعضهم أنهم لم يسمعوا بخطة الفرز، كما يشير علي. ز.، ويلعب بعض المواطنين على الألفاظ للإشارة إلى موقفهم السلبي من الفرز، فيقول وليد العلي إن "الشعب بالتبانة لا يفرز لأنه لا يفرز"، مشيراً إلى أن "المواطنين يستسهلون رمي النفايات من دون فرزها لأنه الحل الأسهل"، مستدركاً أن "التبانة من أنظف المناطق ولكن سكانها إعتادوا على جمع البلدية للنفايات ورميها في المحجر الصحي لأنها عملية بسيطة وغير معقدة وتنتهي في البراميل". وهو يرجع ذلك إلى المستوى التعليمي لأبناء المنطقة، التي تغلب عليهم الأمية ما يجعل من إقناعهم بالفرز مسألة صعبة. فيما يعتبر أيمن، وهو مدرّس، أن "حالة عدم الإستقرار التي شهدتها التبانة وموجات العنف تجعل من الإنماء والترميم أولوية".

والمشكلة الأساس هي غياب قوانين تلزم المواطنين بالفرز، مقابل عقوبات أو غرامات، على ما يؤكد أنوس، الذي يشير إلى "ضرورة وجود سلة حوافز تتضمن توزيع الأكياس والتدريب والمراقبة، والتأكيد للناس أن هذه المبادرة تخلق فرص عمل لأبناء الحي"، رافضاً ما يتم ترويجه عن أن الأغنياء هم الأكثر قابلية للفرز من الفقراء، إذ إن "الأهم ألا يشعروا بأنك تحاول أن تفرض عليهم المشروع من فوق".

في المقابل، لا يرى رئيس لجنة البيئة في بلدية طرابلس الدكتور جلال حلواني أن "اقرار قانون أو إتخاذ البلدية لإجراءات معينة كافٍ لانجاح مشاريع كهذه، ذلك أن هذه المسألة لا تحل بقرار، إنما تحتاج إلى خطة متكاملة".


التجربة مستمرة
من جهته، يتمسك رئيس "الحركة البيئية اللبنانية" بول أبي راشد بمشروع الفرز من المصدر، لكنّه يشير إلى أن "الفرز من المصدر يحتاج إلى نفس طويل وتخطيط، ودراسة نفسية الناس، وبالتالي لا يمكن الحكم عليه من فشل محاولة يتيمة". كما أن لمصنع الفرز "دور مهم عقب تنظيم عملية الجمع، إذ يتحمل مسؤولية الفرز إن لم تفرز الناس".

واذا كانت التجربة فشلت في حي أبو عربي، فإن المحاولات مستمرة، إذ يلفت ستيتة إلى أن "هناك توجهاً لإختيار حي جديد في محيط حي برغشة الواقع ضمن منطقة الناصري عند مدخل سوق الخضار في التبانة"، مضيفاً أن "التواصل بدأ مع سكان المنطقة للحصول على موافقتهم قبل تنفيذ الخطة"، مرجحاً "تجاوب السكان مع المبادرة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها