الإثنين 2014/12/15

آخر تحديث: 14:44 (بيروت)

"وردة" لهادي الباجوري: فيلم رُعب برؤية جديدة

الإثنين 2014/12/15
"وردة" لهادي الباجوري: فيلم رُعب برؤية جديدة
فيلم رعب من الواقع المصري
increase حجم الخط decrease

قّللت السينما المصرية إنتاجها لأفلام الرّعب والخيال العِلمي واكتفت ببعض المُحاولات ولكنها حققت شُهرة مقبولة. فكانت البداية في فيلم "سفير جهنّم" (1945 ) من تأليف الفنان يوسف وهبي واخراجه وبطولته. هي سينما الفانتازيا المليئة بالخوارق حيث جسّد فيها شخصية الشيطان...

وفي العام (1984) أطلق المخرج المصري محمد راضي فيلم "الإنس والجنّ"، بطولة عادل إمام ويسرا، وعالج ظهور الجنّ للإنسان وتناقض هذه الظاهرة ما بين العلم والدّين، وتميز الفيلم بأداء عادل إمام الباهر. وهناك فيلم رعب آخر شهدته فترة الثمانينات، وهو "التعويذة "(1987)، من بطولة يُسرا أيضاً، يروي قصّة عائلة مصرية متواضعة تتعرّض لظواهر غريبة في منزلها على يدّ جنيّ. فشكّل هذا الفيلم نقلة نوعية من خلال مشاهد الخِدع البصرية والموسيقى التصويرية وحركة الكاميرا...

على ان جمهور أفلام الرّعب قد يُعجب بفيلم "وردة" (2014) تأليف محمد حفظي، إخراج هادي الباجوري، الذي عرفناه في فيلم "السلّم والثعبان"( 2001) و"تيتّو"( 2004). والتجربة الجديدة في فيلم "وردة" بعيدة من تجارب الباجوري السابقة بالشكل والمضمون، ونحن على موعد مع فيلم رعب مُختلف. القصّة ليست من نسج الخيال. هي قصّة المسّ أو تلبسّ الجن للإنسان. إنها قصة بأحداث واقعية. تدور في قرية المنصورة في الرّيف المصري والشاب المصري (فاروق محمد هاشم) الذي يعيش في أوروبا ويعود الى بلدته المصرية، ليحاول حلّ أزمة عائلته وبالتحديد اخته وردة (ندى الألفي)، التي أصابها مسّ شيطاني. فاستعان بكاميرا الفيديو ليوثّق حالة الرعب والهذيان والظواهر العجيبة التي تحصل في منزل اهله، محاولاً الكشف عن سرّ هذه الوقائع الغامضة. إنها تجربة مجنونة ومحاولة جريئة من مخرج اعتاد النمط الإخراجي العاديّ ذات الأسلوب الواضح الذي يصل الى المشاهد دون عناءٍ يُذكر. 

 في فيلم "وردة"، ركّز الثنائي الباجوري وحِفظي على فكرة الفيلم فقط، وابتعدا عن الإستعانة بممثلين مشهورين، وفضّلا المواهب الجديدة.

حرِص المخرج على أن تكون أحداث الفيلم بصرية بامتياز، بعيدة من التكلّف والمؤثرات الصوتية التي يتطلّب إنتاجها ملايين الدولارات. إنه اسلوب الـFound footage فالتصوير والإخراج لم يكن متعباً، معتمداً في بعض الأحيان على الOne shot ولكنه ركّز على اماكن التصوير، وتلك الأماكن الضيّقة والمُعتمة، دون مونتاج، واعتمد فقط على اصوات طبيعية دون الإستعانة بالمؤثرات الصوتية، فركّز على اصوات الأبواب العتيقة في المنزل ودعسات السلالم.

أثار الفيلم جدلاً واسعاَ عند عرضِ الإعلان الخاصّ به على مواقع التواصل الإجتماعي قبل ثلاث أيام من نزوله في الصالات المصرية. كما اشترط الباجوري على ممثّليه عدم الظهور في افلام تسبق عرض الفيلم، نظراً لوجوههم الجديدة التي لا يعرفها الجمهور.

إخراجياً يمتلك الفيلم اسلوبا إخراجياً يتقارب مع فكرة الفيلم الأميركي "مشروع الساحرة بلار" (1999)، حيث اجرى المخرج احاديث مع اهالي المنطقة، الشاهدين على تلك الظواهر "العجيبة" والخرافية. فاعتمد المخرج على عناصر السينما المتقشّفة او ما يعرف بسينما "الدوغما". فالفيلم يخلو من الديكورات او الأكسسورات الباهظة. فالصوت والصورة لم يجرِ لهما اي تعديل مع انعدام وجود الموسيقى التصويرية. والكاميرا محمولة باليدّ وحِراكها مسموح، فأعطى مصداقية لوجود الأحداث. فالزمان هو الحاضر، والمكان حقيقي وغير مصطنع. قد يكون الجمهور ليس مهتماً، ولكن قدرة الممثلين ساهمت في التحكّم بإيقاع أحداث الفيلم. فبالرغم من الوجوه الجديدة في التمثيل، لكنهم أقنعونا بأدائهم. خصوصا أداء "وردة" في مشاهد تلبّسها الشيطان وحُصول القدرات الجسدية القوية التي كانت تفتك بها. وليد وهو شقيق وردة، كان حسّاساً، ونجح في توصيل إحساسه الى المُشاهد. لم يفكّر المخرج ان كان الفيلم سيحقق النجاح المطلوب ولكنه سعى لإخراج فيلم مختلف عن ما اعتاد المشاهد ان يرى في افلام الرعب الرّائجة، من مشاهد دموية ومؤثرات صوتية. ولم يشأ ان يمتلك فيلمه نقاط قوّة تجعله في سباق مع افلام الرعب الأميركية، ذات الكلفة الباهظة. فهو عمل مغامر في القصة واللغة الإخراجية. إنها فكرة لم تطرح من قبل ومحاولة قد تعجب الجمهور او ربما لا. ولكن شرف المحاولة يكفي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها