الثلاثاء 2014/11/11

آخر تحديث: 14:28 (بيروت)

فيلم أكرم زعتري والتجريب المنقوص

الثلاثاء 2014/11/11
فيلم أكرم زعتري والتجريب المنقوص
الفيلم يشبه معظم أفلامه السَابقة، خصوصاً في استخدامه للأغاني الشعبية
increase حجم الخط decrease

عرضت سينما متروبوليس، مساء الأحد، فيلم Beirut Exploded views (بيروت: وجهات نظر متفجرة) للمصوَر الفوتوغرافي والمخرج اللبناني أكرم زعتري، والذي اشتهر بسينماه التجريبية بطابع الـ"بوب آرت". وقد ركز في تجاربه السابقة على لبنان في زمن السلم ونتائج الحرب على المجتمع، واختار لأفلامه مواضيع مثل حركات المقاومة الوطنية والمنطق الديني والشخصيات المهمشة. وأعماله التي قاربت الأربعين فيلماً، أبرزها: "مجنونك"(1997) الذي صُوّر في بيروت، وتحديداً في إحدى المناطق الصناعية. ويركز على حياة شبَان مثليَي الجنس. ثلاثة منهم يسردون للكاميرا خبرتهم العاطفية والجنسية كمثلييَن. أما فيلمه "في هذا البيت"، فهو رحلة بحث عن "رسالة" من نوع آخر… رسالة كتبها شاب يدعى علي حشيشو، من مجموعة محاربين كانوا قد احتلوا منزلاً في عين المير (جنوب لبنان) لخمس سنوات. قبل مغادرتهم البيت العام 1901، طمر حشيشو رسالة في حديقة المنزل، علّ أصحاب البيت المهجّرين يجدونها بعد عودتهم. في الرسالة، قدّم كاتب الرسالة نفسه، وشكر أهل البيت وأهل عين المير على احتضانهم... هذه عينة من الأفلام التي رسخت صورة أكرم زعتري السينمائية في المهرجانات والبيناليات في عدد من العواصم العربية والعالمية. لكن الصورة المكرسة قد تصل أحياناً الى حدود الرتابة والتكرار الذي لا يصب في مصلحة المخرج، والقصد هنا فيلمه الجديد Beirut: Exploded Views.

ينطلق الفيلم من فكرة تقول.. المكان: المدينة، الزمان: ما بعد نهاية العالم. موضوع الفيلم، شُبَان يُحاولون التواصُل من خلال الهواتف الذكية، ورغم أنهم غير قادرين على التخاطب، فهم قادرون على الحُلم. في الشكل، ينتمي الفيلم الى ما يسمى "المدرسة التجريبية"، وهذا الأمر يستحق النقاش، وطرح أسئلة كثيرة حول بعض الأمور الملتبسة. من الجيَد والجدير أن نقدّر كل تلك المحاولات لصناعة أفلام تجريبية لبنانية، لكن: هل تحمل هذه التجارب سِمات تجعلها جيَدة، وتقدم ما هو مختلف وجديد؟ الأرجح أن هذا مفقود في فيلم أكرم زعتري الذي يَفتقر الى مفهوم الفيلم التجريبيَ، في الطرح والمَضمون والتعاطي المحدود مع الموضوع المطروح. فنحن أمام ضوضاء وافكار مشرذِمة، لا تصل بنا الى برَ خصائص الفن السينمائي التجريبي.

في الفيلم، نحن أمام شابين: الأخ الاكبر والأخ الأصغر، يتنقلان من مشهد الى آخر بطريقة غير مفهومة ومبهمة. فإن كان موضوع الفيلم يرتكَز إلى فكرة سيطرة وسائل الاتصال والهواتف الذكية على الحياة، فالشابَان استعانا بهذه الوسائل فقط لسِماع موسيقى جورج وسوف وراغب علامة وليس للتواصل في ما بينهما. إنها تجارب الحياة اليومية.. لكن أين هي وسائل التواصل الإلكترونية في مشهد شابَ يستحم وهو يرتدي سروالاً قصيراً؟! هناك خرق لجميع اُسس المدارس التجريبية على غرار نيل فيولا وجوان جوناس. 

هل الإحتكاك بالهواتف الذكية وطرق الإتصال الحديثة تكمن في مشهد دركيَ لبنانيَ يتكلمَ "بصمت" عبر هاتفه الذكيَ؟ أين الوسائِل الرَقمية وسيطرتها على عقولنا في مثل هذا المشهد؟ هل ينتمي فيلم أكرم زعتري الى فنَ "الآرت بازل"؟ لا. لأنه لا تفاعل ولا أداء لافت من قبِل الممثلين... فأن تكون ممثلاً هاوياً وتقوم بتجربتك الأولى، فهذا ليس عذراً كي لا يكون لك حضور أمام الكاميرا! أين التفكير خارج العُلبة والتركيز على الفن التجريبي؟ هل هو في مشهد تطاير الفقاعات في السماء الزرقاء؟ أم في مشهد المفرقعات النارية ليلاً؟

لحظات سُكون وترقَب خيَمت على أجواء صالة "متروبوليس". فهذا الفيلم القصير(28 دقيقة)، يُشبه معظم أفلام أكرم زعتري السَابقة، خصوصاً في استعماله للأغاني الشعبية. المشاهد تعيد نفسها والنمط السينمائيَ ذاته والموسيقى ذاتِها وحتى الإدارة الفنية للصَورة ظَلت نفسها.

لن نقارن هذا العمل بسينما لارس فون تراير ولا بسينما الأخوين لوميار... هل هذا هو فن السينما المُعاصرة الذي يحوَل الفن الى تجربة؟ الأرجح أن فيلم Beirut: Exploded views تجربة غير مكتملة، وإن كانت فكرتها واعدة، وهو في حالة بحث عن تصنيف له.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها