الثلاثاء 2014/09/16

آخر تحديث: 15:37 (بيروت)

طلاب "اللبنانية الأميركية".. خاملون؟

الثلاثاء 2014/09/16
طلاب "اللبنانية الأميركية".. خاملون؟
انحصرت الاحتجاجات في السنة الماضية بعدد قليل من الطلاب ولا يتوقع أن يزداد هذه السنة (المدن)
increase حجم الخط decrease
يبدأ العام الدراسي الجديد في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، غداً الأربعاء، مصحوباً بزيادة في الأقساط، كسائر الجامعات الخاصة. وهذا ما يطرح تساؤلات عما إذا كانت الجامعة ستشهد اعتصامات وتحركات مناهضة لهذه الزيادة. لكن لا بوادر واضحة لهكذا "غليان" إلى الآن. ويعود ذلك إلى عوامل عدة منها تجربة العام الماضي، والتي لم تكن مشجعة. إذ انحصرت الاحتجاجات بعدد قليل من الطلاب، لا يتوقع أن يزداد هذه السنة، إذ أن نسبة الزيادة، التي تترواح ما بين 2.5 و5 في المئة، أدنى من زيادة العام الماضي.

قلة عدد المعتصمين ضد زيادة الأقساط عذر استعملته الادارة لتجاهل مطالب السنة الماضية. إذ أن المحتجين، الذين لا تتجاوز نسبتهم 2 في المئة من مجموع الطلاب، كما جاء في حسابات الادارة وتقديراتها، لا يمثلون الجسم الطلابي كله. على أن الجامعة تبدو واعية لخمول الطلاب في المجال المطلبي. وتقول إليز سالم، نائب رئيس الجامعة، "المعروف عن طلاب الـLAU في بيروت اهتمامهم بالثياب وبجزدان Louis Viton الذي يفوق اهتمامهم بصفوفهم". لهذا شكلت حركة "أوقفوا زيادة الأقساط" السنة الماضية جوا مغايرا لما هو سائد في الجامعة. وسالم، على ما تقول، كانت قد "فرحت كثيرا في وقتها، فأخيرا تحرك الطلاب لقضية كهذه".

خمول الطلاب الذي تتحدث عنه سالم يعتبر أحد عناصر الصورة النمطية التي يُعرَّف بها طلاب هذه الجامعة. هذه الصورة عن طلاب "أثرياء غير مبالين" كانت مصدر نكات للكثيرين خاصة لطلابها، الذين يعتبرون أنفسهم أرقى شأنا لإمتلاكهم مستوى ذكاء "IQ" أعلى. كما صاغ حول هذه "الشخصية" كوميديون لبنانيون نكاتاً، حيث سخر نمر أبو نصار منهم "لجهلهم أن مبنى الطبقات الثمانية هو أحد أكبر المكتبات في الشرق الأوسط وليس موقفاً لسيارتهم". كما سخر من الصفوف التي يتدافع الطلاب للتسجيل فيها كصف "الجبن والنبيذ" أو"النبيذ والسيغار"، والتي لا تتطلب منهم خلال فصل كامل مجهوداً أكبر من تعلم فتح قنينة نبيذ.

كما يصور الطلاب أنهم لا يقرأون حتى دروسهم. فيضطر الأساتذة، في بعض الأحيان، الى التحايل عليهم لحثهم على زيارة المكتبة كاجبارهم على تنويع مصادر أبحاثهم، فيشترطون عليهم استعارة كتب من المكتبة وليس الاعتماد فقط على مقالات من الانترنت. أما في فترة الامتحانات فتقدم الجامعة للطلاب قهوة وبسكويت مجانيين لتشجيعهم على الدرس. على أن هذه الصورة تنبثق من أن طلاب هذه الجامعة ينتمون في غالبيتهم الى عائلات غنية، فلا يملكون حافز أو طموح التطور والتغيير.

لكن سالم ترفض تعميم هذه الصورة على جميع الطلاب قائلة أن "اللبنانية الأميركية كانت جامعة للأثرياء فقط، منذ سنوات عدة، لكنها لم تعد كذلك الآن". وتبرر سالم ذلك بكون الجامعة تركز في السنوات الأخيرة على زيادة نسبة المنح والمساعدات المالية التي "تزداد بمعدل ضعف نسبة ارتفاع الاقساط سنوياً مما يتيح للطلاب المتفوقين والأقل يسرا الانضمام الى الجامعة"، على حد قولها.

وعلى الرغم من دعمها لإحتجاجات الطلاب إلا أن سالم لا ترى أي مهرب من زيادة الأقساط بسبب ارتفاع مصاريف الجامعة سنوياً. وتضيف: "الادارة حاولت هذه السنة تقليص نسبة الزيادة إلى الحد الأدنى، كما اجتمعت مع المجلس الطلابي من أجل مناقشة الأقساط وتم أخذ مطالبه بعين الاعتبار".

الا أن الجامعة لا تراعي الطلاب الأقل يسرا في مجالات عديدة. اذ غُيِّر السنة الماضية متعهدو الطعام في الكافتيريا ليستبدل مطعم "سقراط" بمطعم "شترومف" ومقهى "كاريبو" بأسعارهما المرتفعة. وتقول نعمت عون، مديرة خدمات الضيافة في الجامعة، إن "التغيير حدث بناء على رغبة الطلاب الذين طالبوا بخدمات أفضل". وتضيف: "أي من الشكاوى السابقة لم تقدم هذه السنة، مما يعني أن الطلاب راضون بالكافتيريا الجديدة وأسعارها".

ويضطر، أمام هذا الواقع، الكثير من الطلاب لايجاد مصادر بديلة لقهوتهم. وتقول الطالبة إناس شوقي "لن أشتري يومياً اسبرسو بأربعة الاف ليرة من كاريبو، في حين لا يتجاوز سعرها الألف ليرة من الدكاكين والمقاهي المحيطة بالجامعة". كما أن كلفة الكتب تتخطى أحياناً القدرة المادية لبعض الطلاب فلا يشترون إلا كتباً مستعملة أو مصورة. أما البعض الآخر، وان لم تشكل الكتب عبئا ماديا عليه، فهو يفضل عدم انفاق ماله عليها، فيلجأ الى الطرق الأقل كلفة، أي تصوير الكتب لا شرائها.

ليس الطلاب جميعهم مرتاحين مادياً إذاً، إلا أن "الخمول" المسيطر يفرض نفسه حتى على الطلاب المتضررين من بعض الأمور، اذ يفضلون التهرب منها بدلاً من مواجهتها. وتقول سالم: "هناك أزمة إيمان في البلد بأكمله. فإذا كان المواطنون لا يعتصمون ضد انقطاع الكهرباء وانعدام الأمن فمن يتوقع منهم أن يحتجوا على ارتفاع الأقساط؟".

والحال أن الجو الانهزامي في الجامعة يغذي تخوف الطلاب من ردة فعل الإدارة، التي كادت أن تطرد أربعة طلاب السنة الماضية لانخراطهم في الحركة الاحتجاجية على زيادة الأقساط، بعد أن اتهموا من جانبها بتشجيعهم الطلاب على اخلاء صفوفهم للاعتصام. هذا بالاضافة الى أن الكثيرين منهم "يخجلون" من اظهار حاجتهم المادية من خلال الاعتراض على غلاء الأقساط. ويقول خريج الجامعة ايلي خوري أن "الشريحة السائدة في الجامعة هي الميسورة مادياً، فإذا ظهر أنك مختلف عن هذا السائد، ستشعر أنك لا تنتمي الى هذا مجتمع الجامعة".

أسباب كثيرة تقيد الطلاب وتلجم اندفاعهم لصناعة واقعهم الخاص، فيبدأ خضوعهم لنظام أكبر منهم في المدرسة لتستكمل بعدها الجامعة مهمة تطويعهم لإرادتها بوسائل عدة، منها الظاهر ومنها غير المباشر، لتضحي الجامعة صورة مصغرة عن مجتمع لبناني، شبابه بخمول عجائزه.
increase حجم الخط decrease