السبت 2014/07/26

آخر تحديث: 16:25 (بيروت)

المساحات العامة.. أزمات مستمرة

السبت 2014/07/26
المساحات العامة.. أزمات مستمرة
كورنيش البحر في بيروت (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

توصيف الحيز العام في لبنان ليس مسألة سهلة. ولا يبدو، في إطار سياسات تاريخية، أن تحديد آليات التعامل معه والاستنفاع الجماعي منه أمراً ممكناً. ذلك أن السعي للإستيلاء عليه وإستملاكه، من قطاع غير عام، أكبر التحديات التي يواجهها. وهذا ما حاول مناقشته والبحث فيه مؤتمر "المساحات العامة في لبنان.. أزمات مستمرة"، الذي انعقد اليوم في "جامعة القديس يوسف" في حرم العلوم الاجتماعية، بدعوة من جمعية "نحن".

النظر في فسحات المدينة لا يمكن أن يقتصر على العقارات بشقيها العام والخاص، على ما تشير الدكتورة منى فواز أستاذة التنظيم المدني في "الجامعة الأميركية في بيروت". "المدينة ليست عقارات فحسب. وامتلاك فرد لعقار يجيز له أن يفعل به ما يشاء لكن ضمن القوانين التي تحفظ حق الآخرين"، وفقها. وهذا ما يكفل الحفاظ على بعض الأبنية التي تملك تاريخاً خاصاً، إذ يجبر مالكوها على ترميمها، بمساعدة من السلطات الرسمية. "ويمكن أن تؤدي الضريبة العقارية، المعززة بقوانين، دوراً مهماً في التنظيم المُدني، طالما أن إرتفاع الأسعار هو نتجية للجهود العامة في المجتمع. وهذا ما يمكن رده للناس عبر الضريبة وليس عبر استنفاع شخص واحد منها". ويحيل هذا الأمر إلى ما تسميه فواز بـ"الاعتراف بالأرض كقيمة اجتماعية، وهذا أكثر أهمية من الملكية الخاصة".

لكن الحديث عن المساحات العامة لا يمكن أن ينفصل، على ما يقول المحامي نزار صاغية، "عن مناقشة الحرب الأهلية وكيفية التعامل معها. إذ أن الاستيلاء على الشواطئ مثلاً تم خلال هذه الحرب". وما يبدو غير معقول، وفقه، أن لا يفتح هذا الملف بعد إنتهائها. لكن هذا مفهوم أيضاً. "اذ قسمت المساحات العامة بين الجماعات، وبدلاً من إعتماد سياسة إنتقالية، كُرست نتائج الحرب، عبر تحايل من قبل الدولة أو فرض الوقائع كأنها غير قابلة للتغيير". وهذه الممارسة تنحسب أيضاً على الحق بالبيئة والولوج إليها، كما في قضية دالية الروشة، "على الرغم من وجود مواد في قانون البيئة تحمي هذا الحق وتعاقب أي أشغال تعرقله"، وفقه. على أن صاغية يقترح ربط كل هذه المسائل في مشروع عمل مشترك يعززه ويقويه حراك شعبي يتجاوز تحركات "هيئة التنسيق النقابية". "وإعتماد التقاضي الإستراتيجي وخاصة أن القانون يساعدنا في هذا المجال".


والحال أن الحضارات التي تزدهر هي تلك "التي توازن بين الحق العام والحق الخاص"، وفق إندريه سليمان المتخصص في الحكم المحلي. لم تكن حالة فرنسا، في آخر القرن العشرين، مختلفة كثيراً عن حالة لبنان اليوم. "لكن السياسات الحكومية اليوم تعزز القطاع العام على حساب القطاع الخاص". وهذا ما يمكن، على ما شرح سليمان، أن تقوم به البلديات ضمن نطاق عملها في لبنان. "فهي تملك صلاحيات واسعة، كالتخطيط وتصنيف الأراضي وإنشاء المساحات العامة".


هوية


كان لإنطلاق "نحن"، في العام 2009، دور في لفت الإنتباه إلى المساحات العامة المهملة في لبنان. "كنا نرى، عند إنطلاقنا، أن الملك العام ليس مسألة جغرافية فحسب، بل تعبر عن هوية اللبنانيين. وتعرض الملك العام للخطر يعني تعرض هويتهم للخطر أيضاً". والمشكلة التي تواجهها، اليوم، المساحات العامة هي صراعات النفوذ على "من يديرها، كما يحصل في مسألة حرج بيروت. لكن أيضاً غياب الربط بين المواطنين والمساحات العامة، عبر تنفيذ أشغال تمنعهم من الوصول إليها".

وعرضت عبير سقسوق لرواية الروشة. وهو نص مكتوب ترافقه صور للروشة وداليتها. ويبدو واضحاً، في السرد التاريخي، تجاهل التوجه الرسمي للدالية مقابل إهتمام بصخرة الروشة كـ"صورة لبنان". إذ تبرز الروشة في الطوابع والاعلانات الترويجية. في المقابل تظهر الدالية، حصراً، في الألبومات العائلية كمكان للـ"السيران" في العطل والأعياد. أما رجا نجيم، وهو المنسق العام للإئتلاف المدني المناهض لمشروع أتوستراد فؤاد بطرس، فشرح "كيف يسعى المشروع إلى خرق المدينة في سبيل وصل أطرافها، عبر جسور وأنفاق. وهذا ما لم يكن في موجوداً، على عكس ما يدعون، في الخرائط التأسيسية لبيروت في الخمسينات".

increase حجم الخط decrease