السبت 2024/03/23

آخر تحديث: 17:12 (بيروت)

جردة بتطورات الحملات العنصريّة اللبنانية والترحيل التعسفيّ للاجئين

السبت 2024/03/23
جردة بتطورات الحملات العنصريّة اللبنانية والترحيل التعسفيّ للاجئين
سُجل ترحيل 100 شخص قسرياً في غضون ثلاثة أسابيع (علي علوش)
increase حجم الخط decrease


على امتداد الطرقات العموميّة والعريضة في العاصمة بيروت وسائر المناطق، كما في بيوت اللّبنانيين، ينتشر ويُبث الإعلان نفسه؛ ذلك الإعلان الفظيع، بلهجته التحذيريّة، الّتي يدّعي فيها منظمو حملة "UNdo The Damage Before It's Too Late" (مع التّركيز على التذاكي اللّغويّ في حرفيّ UN كنايةً على أن الأمم المتحدّة متواطئة في هذا الأذى)، حرصهم على تطبيق القوانين وغيرتهم على المصلحة الوطنيّة، المتجليّة في تنظيم إقامة وتسجيل اللاجئين السّوريّين في لبنان – الأكثريّة المتسببة بالانهيار الاقتصاديّ وهجرة اللّبنانيين والشباب، حسب قولهم..

هذا الطرح المتعثر والذي ينبثق لدى كل حديث عن ملف اللاجئين، نتيجةً للقرارات العاطفيّة التّي اتخذتها الحكومات اللّبنانيّة المتعاقبة والمدفوعة بالحالة العونيّة ومخاوف التغيير الديمغرافيّ والتّوطين، وخصوصًا القرار الصادر في عام 2015، الذي منع المفوضيّة من قبول المزيد من طلبات تسجيل اللاجئين لديها منذ ذلك الحين (راجع "المدن").

 

حملة إعلاميّة وخريطة طريق
اليوم، بين الحملة الإعلانيّة العنصريّة الضّخمة بصورةٍ ملتبسة، الّتي طورتها شركة "Phenomena" للإعلانات وموّلتها كلًّا من قناة ال MTV وغرفة التجارة والصناعة والزراعة اللّبنانيّة، ومؤسسة "بيت لبنان العالم"، والمستمدة من معلومات مُضلّلة وحقائق مُلفقة وإحصاءات مبالغ بها وصورٍ مجتزأة من خارج السّياق (راجع تقرير منصة صواب لتدقيق المعلومات)، وبين الحواجز غير الشرعيّة، المنتشرة في العاصمة الّتي تحولت لاحقًا إلى حواجزٍ بطابعٍ ميليشياويّ تستهدف اللاجئين وتُهدر بسببها أرواح الأفراد، يبدو أن المنظومة السّياسيّة وأنصارها، يصرّون على البقاء على ناصيّة من أي حلٍّ براغماتيّ وعمليّ، في مسار معالجة ملف اللاجئين السّوريّين، بل والتفوق في بثّ نفس العقيدة الشعبويّة في تواطؤٍ صريح مع الانتهاكات السّلطويّة التّي تُمارس بحقّ هؤلاء.

ولعلّ أبرز دليل على هذا التواطؤ، هو إطلاق وزارة الداخليّة والبلديات مطلع الشهر الجاري، وبالتعاون مع مؤسسة "بيت لبنان العالم" وهي المؤسسة الّتي ساهمت في الحملة العنصريّة، خريطة طريق لتنظيم الوضع القانونيّ للاجئين السّوريين في لبنان. وتضمنت تحديد شروط العمل داخل المؤسسات والتحقق من صلاحيّة إقامة اللاجئين، فضلًا عن إجراءات لضبط دخولهم إلى لبنان وآليات لعودتهم "الطوعيّة" إلى سوريا. والخريطة، قد أثارت جدلًا في صفوف الحقوقيين، بينما تخوف مراقبون من ارتداداتها أكان بما يتعلق بإزدياد أعداد المُرحلين قسرًا، وضمنًا المُعرضين لخطر التعذيب في سوريا، بحجة "العودة الطوعيّة"، أو تأثيراتها على حصول اللاجئين على الخدمات الأساسيّة، كالتعليم والصحّة والاستشفاء، خصوصًا من خلال ربط هذه الخدمات بوضعهم القانونيّ.

 

ترحيلات تعسفيّة
هذه المخاوف الّتي سُرعان ما تُرجمت على أرض الواقع، بما يفوق 100 حالة ترحيل قسريّة في غضون ثلاثة أسابيع، بالرغم من الضغط الإعلاميّ الذي واكب محاولة أربعة سجناء في روميّة شنق أنفسهم، احتجاجًا على جريمة الترحيل التعسفيّ بحق اللاجئين وخصوصًا المعارضين (راجع "المدن" ).

وقد نفذ الجيش اللّبنانيّ،  وبعد يومين من إطلاق الخريطة، تحديدًا في السابع من آذار الجاري، مداهمات أمنيّة على ثلاثة مخيمات للاجئين السّوريين في بلدات برّ إلياس ورياق وكامد اللوز في منطقة البقاع الأوسط. وقامت قوات الجيش في بر إلياس بمداهمة مخيم السّلام وتمّ اعتقال عشرات الأشخاص. أخلي سبيل بعضهم بعد ساعات، وتمت مصادرة دراجات نارية، وترحيل 14 لاجئ قسرًا إلى سوريا، ومصيرهم غير معروف حتّى اللحظة. أما في بلدة كامد اللوز قضاء البقاع الغربي، تمت مداهمة مخيم 005، واعتقال العشرات من اللاجئين، أخلي سبيل بعضهم، وتمت مصادرة دراجات نارية وشبكات انترنت وتم ترحيل ستة لاجئين قسرًا إلى سوريا، ومصيرهم أيضًا غير معروف حتى تاريخه. ذلك بحسب ما أفادت تقارير حقوقيّة.

وتكرّرت هذه المداهمات، بعد أيام قليلة، بحيث نفذ الجيش اللّبنانيّ ومخابراته مداهمات أمنيّة وعسكريّة على مخيمات اللاجئين السّوريين في بلدات جب جنين وقب الياس في منطقة البقاع، بتاريخ 11 و12 آذار الجاري. وقام بنصب حواجز أمنيّة عند مداخل المخيمات في بلدة جب جنين بقضاء البقاع الغربي، وعلى إثر ذلك تم اعتقال عدد كبير من اللاجئين، فيما تم ترحيل 15لاجئا قسرًا إلى سوريا. كما وقامت مخابرات الجيش اللبناني بمداهمة مخيم رقم 025 في بلدة قب الياس بقضاء زحلة، حيث تم اعتقال أربعة لاجئين ومصادرة دراجات نارية، ورُحّل اللاجئون المعتقلون قسرًا إلى سوريا، بحيث تمّ نقلهم إلى ثكنة عسكرية بالقرب من معبر المصنع الحدودي، ومن هناك تم ترحيلهم قسرًا إلى سوريا.

ومنذ عدّة أيام، نفذت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني حملة أمنية مشابهة في قبّ إلياس، استهدفت بشكل رئيسي اللاجئين السّوريين المقيمين في البلدة. وأسفرت الحملة عن توقيف ثلاثة لاجئين سوريين بسبب انتهاء مدة إقامتهم، لايزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن. كما تم مصادرة عدد من الدراجات النارية، ومنع بعض الباعة الجوالين من ممارسة عملهم ومصادرة بضائعهم.

وأفاد مركز وصول لحقوق الإنسان، في تعليقه على هذه المداهمات أن غالبية المعتقلين والمرحلين مسجلون كلاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدّة لشؤون اللاجئين، كما لم تصدر أي جهة رسمية في لبنان أي بيان أو تعليق بشأن هذه الاعتقالات التعسفية والترحيلات القسريّة، التي باتت تثير قلقًا متزايدًا بشأن سلامة وحقوق اللاجئين السوريين في لبنان.

 

حريق في مخيم للاجئين
والمداهمة الأخيرة، تزامنت مع نشوب حريق ضخم في مخيم اللاجئين السّوريين في عرسال في منطقة وادي الأرنب، بتاريخ 19 آذار الجاري، أدّى إلى احتراق كامل المخيم الذي يضمّ قرابة 200 شخص (41 عائلة تقريبًا)، هذه العوائل التّي تشردت بكاملها، ومعظمها من الأطفال والنساء الذين صاروا من دون مأوى ولا غذاء ولا أوراق ثبوتيّة. وتواصلت "المدن" مع عددٍ من الأهالي المشردين، لمعرفة ملابسات الحادث، بحيث زعم رهطٌ منهم أنّ الحريق مفتعل، لطردهم من المنطقة، بينما اعتبر آخرون أنّه قضاء وقدر.

 

اعتقال وخطف
وفي سياق متابعتها لأوضاع اللاجئين المعتقلين، علمت "المدن" أن اللاجئ المعارض ياسين العتر المُضرب عن الطعام، والذي أُبطل قرار ترحيله بضغط إعلاميّ لا يزال محتجزًا لدى الأمن العام اللّبنانيّ من دون أي مسوّغ قانونيّ، (راجع "المدن")، بالرغم كل المحاولات القانونيّة للإفراج عنه. فيما يؤكد وكيله القانونيّ ومدير مركز سيدار للدراسات القانونيّة، أن الإبقاء عليه يُعد احتجازًا للحريّة وغير شرعيّ البتة، وقد تلقى وعدًا بمعرفة قرار مفوض الحكومة بشأن الموقوف الأسبوع المقبل.

وفي حادثةٍ متصلة، تتدرج تحت ظاهرة اختطاف اللاجئين السّوريّين مقابل فديّة، والتّي تنتشر مؤخرًا بصورة مقلقة، تم تداول مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، منذ أيام يُظهر شابًا مكبّلاً بسلاسل معدنية ومعرّضًا للضرب والمعاملة السيئة. تبيّن لاحقًا أن هذا الشاب هو لاجئ سوري في الثلاثينات من عمره، يقيم في النبطية بالجنوب. وبحسب المعلومات المتداولة، قام الشاب بالاتصال بأشخاص عبر منصة فيسبوك يُدّعون أنهم من منظمة إنسانية قادرة على مساعدته في الهجرة إلى أوروبا. وعندما التقى بهم في بيروت، تم اختطافه ونقله إلى البقاع، حيث اكتشف أنهم جزء من إحدى العصابات المسلحة التي تعمل في النصب والاحتيال. طلبت العصابة مبلغًا ماليًا قدره 8000 دولار أمريكي كفدية، وناشد الضحية عائلته في مقطع فيديو بدفع الفدية لتحريره من أيدي الخاطفين. فيما لا يزال مصير الشاب مجهولًا.

  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها