الخميس 2024/03/21

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

المؤسسات الإعلاميّة والمساواة بين الجنسين: الفشل ممنوع

الخميس 2024/03/21
المؤسسات الإعلاميّة والمساواة بين الجنسين: الفشل ممنوع
غالبًا ما تواجه الصحفيات المؤهلات والكفؤات التحيز (المدن)
increase حجم الخط decrease

نظرةٌ شاملة، على امتداد المشهد الصحافيّ والإعلاميّ في لبنان والشرق الأوسط، كفيلةٌ لفهم المحنة الّتي لا تزال الصحافيات في هذه البلدان، تناضل لاستبعادها وتجاوزها: وجهة النظر -نظرهن- الغائبة، أفكارهن المقموعة، تاء التأنيث التّي تسقط سهوًا أو عن قصد، رواتبهن المنخفضة والتّي لا تتساوى مع زملائهن وأقرانهن في المُسمى الوظيفيّ نفسه، التكميم المنهجيّ لأفواههن، الفئويّة الجانحة نحو الإقصاء والمحو، التحرش الجنسيّ، اللاعدالة في توزيع الفرص، الإبقاء عليهن كعنصر "تجميليّ - تنوعيّ" وأحيانًا أموميّ يدّعي الفضيلة، المعايير الإعجازيّة في القيافة والقدّ والوجه والجسد و"الجذابيّة".. وغيرها الكثير من الخلائط التّي تتنج التركيبة السّامة نفسها المتربصة بالنسوة في المجتمع اللّبنانيّ والعربيّ.

النساء في الإعلام
إذ لا يزال النضال من أجل المساواة بين الجنسين في المضمار الإعلاميّ والصحافيّ بكل تشعباته في لبنان، وتحديدًا في المؤسسات ذات الطابع التقليديّ الّتي تتوخى الحداثة في الشكل وتتناساها لدى الاستحقاق وفي المضمون، نضالٌ موصولٌ وشاقّ على الرغم من التقدم المُحرز في السّنوات الأخيرة. وتتفاقم هذه التحديات بسبب الضغوط المجتمعيّة، والقوانين المُجحفة، والاستغلال السّلطويّ في مكان العمل، ناهيك بالظلم الفرديّ.

وغالبًا ما تواجه الصحفيات المؤهلات والكفؤات التحيز والتمييز على أساس جنسهن فقط. هذه المعاملة غير العادلة يمكن أن تلقي بظلال من الشكّ على مصداقيتهن ومواقفهن، بغض النظر عن إسهامتهن في المهنة. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن تحد الأدوار والتوقعات التقليديّة للجنسين من قدرتهم على المشاركة في تغطية مواضيع مهمة مثل النقاشات السّياسيّة والجرائم القائمة على النوع الاجتماعيّ والقضايا الاقتصاديّة. وأحيانًا وحده التطرق علانيّة لموضوعات شائكة تتدرج تحت مفهوم المحظورات والتابوهات أو الإبلاغ عن السّلوك الاستبداديّ غير القانوني يمكن أن يضرّ بسمعتهن ويزيد من الصعوبات الّتي يواجهونها بالفعل.

هذا من دون التعريج على الممارسات الذكوريّة لبعض الإعلاميين في ترسيخ الصورة النمطيّة للمرأة من دون مراعاة مسألة تعزيز حضورها في الحياة العامة، ما يؤدي الى إبعادها عن الفضاء العام وإحباط جهود تمكينها سياسيًّا.

النوع الاجتماعي والإعلام
وتفاعلًا مع هذا الواقع، وضمن المبادرات الحثيثة، لمعالجة فشل السّياسات الإعلاميّة في لبنان في مراعاة منظور حقوق النوع الاجتماعي، المؤدي إلى ترسيخ البرامج الاجتماعّية على شاشات التلفزيون لأدوار النوع الاجتماعيّ النمطيّة، وتطبيع الهيمنة الذكوريّة البطريركيّة.. نشرت مؤسسة مهارات تقريرًا (نصّ التقرير)، تناول في جزئه الأوّل، الالتزامات الدوليّة المراعية للمنظور الجندريّ في وسائط الإعلام، وضع المساواة بين الجنسين على المستوى التنظيمي-القانوني الوطنيّ، السياسي والاقتصادي، الاجتماعي والثقافي. ويظهر كيفية تعامل الإعلام مع المرأة في المجال السّياسيّ، وانحياز الأخبار في معظمها لوجهات نظر الرجال. كما يسلّط الضوء على واقع المؤسسات الإعلامية من جهة التنوع بين الجنسين في مكان العمل وداخل غرف القيادة، واتجاهها نحو اعتماد المرأة كمصدر للأخبار وكخبيرات ومناصرات للقضايا، ونسبة تغطيتها لقضايا المساواة بين الجنسين.

بينما استعرض في جزئه الثاني، ورقة التزامات للمؤسسات الاعلاميّة بالمساواة بين الجنسين، الّتي تتعهد بها للوصول الى إعلام أكثر مراعاة للنوع الاجتماعي، بحيث تتعهد المؤسسات بوضع إطار حساس للفوراق بين الجنسين، يُعزز التنوع والمساواة على مستوى فريق القيادة وغرفة الأخبار والبرامج السياسيّة، ووضع سياسات تُعزز من وضع المرأة العاملة في المؤسسات الإعلاميّة، واعتماد المساواة بين الجنسين باختيار مصادر المعلومات على أرض الواقع تعزيزًا لتغطية حساسة للنوع الاجتماعيّ، واعتماد متساوٍ للنساء كمصادر للخبرة في مختلف الملفات والتأكد من عدم حصرهن في قضايا المرأة، والتوجه إلى التدقيق في المحتوى الإعلاميّ وتحويله إلى محتوى حساس ومستجيب للنوع الاجتماعيّ وتعزيز التغطية الصريحة لقضايا المساواة، ورفض تسليع المرأة من خلال البرامج والإعلانات، وأخيرًا التعاون مع المنظمات الداعمة لحقوق المرأة لتحسين المحتوى والممارسات المستجيبة للنوع الاجتماعيّ.

جريدة "المدن" تتعهد
وبالتعاون مع كل من الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) والسّفارة البريطانيّة، أقامت مؤسسة مهارات، صباح اليوم الأربعاء 20 آذار، لقاء حول "الإعلام وتعزيز المساواة الجندريّة"، وشاركت فيه عشرات الصحافيات والعاملات في المجال الإعلاميّ، وتحدثت فيه عددٌ من النسوة العاملات في الشأن العام والمنخرطات في المجال السّياسيّ، وتحدثن فيه عن تجاربهن مع الإعلام اللّبنانيّ، أكان إيجابيًّا حيث حصلن على حيز واسع من المشاركة، أو سلبًا حيث وقعن ضحيةً للتصنيف أو التهميش أو الفئويّة.

ومن بين عددٍ من المؤسسات الإعلاميّة والصحافيّة كالـ"MTV"، و"رصيف22"، والنشرة"، و"L'Orient Le Jour"، و"صوت كل لبنان"، و"جريدة النهار العربيّ"، و"نقد"، و"درج"، و"نداء الوطن"، و"OTV"، و"تلفزيون لبنان"؛ كانت جريدة "المدن" قد أعلنت إلتزامها بلائحة التعهدات، وشاركت في المؤتمر بوصفها واحدةً من المؤسسات التّي عملت منذ انطلاقتها على تعزيز المساواة بين الجنسين أكان في فريق عملها أو في انتاجها الصحافيّ.

وأشارت "المدن" في كلمتها ولدى سؤالها عن إسهاماتها في هذا المضمار، إلى "كونها تعاطت مع موضوع المساواة الجندريّة كأحد القضايا الرئيسيّة، واعتبرته ملفًا دائمًا في إنتاجها الصحافيّ. وكانت "المدن" من أوائل المؤسسات التّي عينت مديرة تحرير وهي الزميلة رشا الأطرش. وقد حاولت "المدن" قدر المستطاع تطبيق المساواة الجندريّة في التوظيف، وليس على أساس "كوتا" بل كانت الصحافيات متساويات مع الصحافيين في العدد والكفاءة"، وختمت:" بما أن المدن انطلقت كمبنرٍ للمجتمع المدنيّ اللّبنانيّ والعربيّ، فهي منحازة كل الانحياز، ودومًا لكل العناوين الّتي يطرحها ويسعى إليها المجتمع المدنيّ، ولكل ما يتدرج تحت مظلة الحريات والحقوق والديمقراطيّة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها