أعلن الموظفون والمدربون في الجامعة اللبنانيّة، مساء الثلاثاء 18 تموز الجاري، الإضراب العام والتّوقف عن الحضور إلى العمل، وضمنًا مراقبة الامتحانات ومباريات الدخول وإصدار النتائج وسواها، في الجامعة، إلى حين تحقيق مطالبهم المعيشيّة، وأهمها "إعادة دفع بدلات الإنتاجية من دون تأخير مع اعتماد شروط منطقيّة".
ويأتي هذا الإضراب بالتّزامن مع ما نشرته "المدن" نقلاً عن أحد تجمعات الهيئات التّعليميّة، حيث شجبت الأخيرة التناقض الحاصل بين مرسوم البرلمان الرسميّ، وقرار رئاسة الجامعة (راجع "المدن") بما يختص بموضوع بدلات الإنتاجيّة وتقصير الرئاسة في مطالبة الحكومة بمبالغ ماليّة تعطي كل أفراد الهيئات التعليميّة والموظفين والمدربين حقوقهم، وبصورة عادلة.
إضراب عام
صباح الأربعاء، نفذ العاملون والموظفون في الجامعة-كلية العلوم الفرع الخامس، في النبطيّة، اعتصامًا، أعلنوا فيه اعتكافهم عن العمل، ذلك التزامًا بقرار رابطة العاملين في الجامعة اللبنانية وحتى تنفيذ مطالبهم ومن أبرزها: إعادة دفع الإنتاجية من دون تأخير مع اعتماد شروط منطقية، وعدم المبالغة في إضافة شروط غير قابلة للتطبيق، ودفع أشهر المساعدات غير المدفوعة منذ السّنة الماضية، ودفع مساهمة للصندوق التعاضديّ لموظفي واجراء ومُستَخدمي الجامعة، والبدء بتطبيق الدفع الشهري لرواتب المدربين بعد صدورها، وتمثيل العاملين في لجنة المتابعة التي ضّمت رئاستي الحكومة والجامعة وممثلين عن رابطة الاساتذة وصندوقهم، وتنظيم عمل المفتشين وإعادته إلى الواقعية في التعاطي مع الموظفين.
هذا فيما دعا مدربو الجامعة اللبنانية، رابطة الأساتذة المتفرغين ورابطة العاملين في الجامعة اللبنانية، للتّوحد ضدّ كل من يقوم بتعطيل دور الجامعة وتفقير كادرها البشريّ، متسائلين عن مصير رواتبهم عن العامين السّابق والحاليّ، فيما أشار بيانهم إلى أن رواتب الشهور الأخيرة من العام السابق لا تزال مجهولة المصير، على الرغم من عودة عقود المصالحة من ديوان المحاسبة، قائلين: "ويُطلب من المدرب رغم ذلك الحضور إلى العمل أكثر من 14 يوم شهريًا كشرط لتقاضي 4 أضعاف الراتب، فيدفع المدرب من جيبه للوصول إلى مركز عمله، ومر أكثر من شهرين على إصدار المرسوم في مجلس الوزراء و لم يتقاضَ المدرب هذه الرواتب".
والإضراب العام، شارك فيه موظفو الإدارة المركزيّة في الجامعة اللبنانيّة الذين طالبوا في بيانٍ نُشر لهم: العمل على تطبيق المساواة فيما يخصّ توزيع الأموال المرتبطة بالإنتاجية، حيث يتم تثمين جهود جميع العاملين بناءً على أدائهم الفعلّي، الذيّ قد يصلّ أحيانًا إلى حدّ الإرهاق، وعدم ربطها بأساس الراتب. فأساس الراتب قد تمّ ربطه بأضعاف الرواتب المقدمة، أما بدل الإنتاجية فلا ربط لها بأساس الراتب، وهذا ما أقرّت به وزارة التربية ضمنا عندما وحّدت قيمة الإنتاجية للجميع. وطالبوا باعتبار الحضور ثلاثة أيام شرطًا وحيدًا لاستفادة العامل من القيمة الكاملة للإنتاجية. أما ربط الإنتاجيّة بتسلسل أيام معين فهو غير منصف وغير منطقي، في عملية حسابية بسيطة، الحضور لأيام أكثر مع دفع بدل نقل وبدل موقف والعمل في ظروف صحراوية يؤدي إلى خسارة الإنتاجية لقيمتها السّابقة.
ظروف الإضراب
واقع الإضراب خلق نوعًا من الخلافات بين الأساتذة وسائر الموظفين والمدربين، والفجوّة الهائلة بين هؤلاء أفرزت نوعًا من الانقسام المطلبيّ. فكل فئة اعتبرت أنها الأكثر هشاشةً وضعفًا، وأنها التّي تستحق أكثر من الأخرى المساعدات والحوافز وبدلات الإنتاجيّة، كما باتت بعض بيانات البعض شبه انتقاميّة ولا تخلو من الاتهام، فقد اشتمل بيان التزام مدربي كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية - الفرع الخامس، بالإضراب بمطلبٍ عدّه بعض الأساتذة بالإنتقامي بعدما طلب المدربون من الأساتذة الغائبين كليًّا عن الفرع منذ فترة شهرين، والذين لديهم القدرة على إصدار النتائج، إلى الحضور "حرصًا منهم على مصلحة الطلاب".
وفيما اشتركت البيانات في اعتبار أن الأساتذة الذين طالبوا رئاسة الجامعة بتوضيح التناقض الحاصل، هم المسؤولون عن واقع خطر حرمان الموظفين والمدربين المستنزفين من بدلات الإنتاجيّة، إلا أن تجمع الأساتذة الذي طالب بالتّوضيح، اعتبر أنه ليس مسؤولاً عن هذه التفرقة الحاصلة بين الكادر التعليميّ والكادر التّوظيفي، بل الملام هو رئاسة الجامعة التّي تنتهج ما أسموه "بالتذاكي" على الكادر البشريّ، بل المسؤول على التفرقة والنزاع الحاصل بين كافة الأطراف.
وأشار تجمع أساتذة لإنقاذ الجامعة لـ"المدن" أنهم يستنكرون "محاولة رئاسة الجامعة الايقاع بين الأستاذ والموظف، فكلاهما في مركب العوز والذل والاهانة والمماطلة والحرمان، فنحن إذ نقدر جهود الموظف المضنية، لا يسعنا إلا أن نقدم له مليون كلمة شكر وانحناء على الدور الكبير والاستثنائي الذي يقوم به باللحم الحيّ، بل بالسخرة، ونؤكد وبكل محبة أن هدفنا من بياننا الاخير هو توضيح للرأي العام أن الرئاسة تتخبط في قراراتها بدل دعم الرابطة في الضغط على السلطة، ولم يكن هدفنا في يوم من الايام حرمان الموظف من مقومات حياته. ونرى أن على رئاسة الجامعة المطالبة الحقيقية بحقوق الأساتذة والموظفين، من خلال الضغط لتحصيل أموال فحوص "البي سي آر"، وتطبيق الشفافية بدل التخبط في القرارات بهدف الايقاع بين الموظف والأستاذ".
وإزاء هذا السّجال الحاصل بين الكادر التعليميّ والتوظيفيّ، وحرب البيانات والشجب، تنبثق تساؤلات ومخاوف عن إمكانيّة تحول السّجال هذا إلى مُعرقل جديد وأزمة مستحدثة يحول دون تدارك وطأة انهيار الجامعة، ويُضعف الخطوات المجهريّة للنهوض بها وبطلابها وكادرها البشريّ. خصوصاً أن هذا الإضراب جاء على مشارف العام الأكاديمي الحاليّ، وعلى بدايّة التّسجيل للعام المُقبل. فالإضراب الحاليّ يؤخر الطلاب من التّسجيل للعام الدراسي 2023 - 2024، وبالتّالي قد تتأخر بداية العام الأكاديمي المُقبل، وبذلك تعود الجامعة إلى دوامة التّأخيرات ذاتها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها