الجمعة 2023/05/05

آخر تحديث: 12:27 (بيروت)

الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم الطب: المشاركة بعمل الأطباء

الجمعة 2023/05/05
الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم الطب: المشاركة بعمل الأطباء
يستخدم ما يُقدّر بـ550 ألف طبيب حالياً تطبيق "دراغون" (Getty)
increase حجم الخط decrease

دخل الذكاء الاصطناعي منذ بضعة سنوات عالم الطب من بابه العريض، ومذّاك الحين، خففت مجموعة من البرامج والتطبيقات أعباء الأعمال الإدارية المتزايدة على الأطباء ولو بمقدارٍ بسيط. وضمن هذه الجهود، يحتل ما تقوم به شركة "مايكروسوفت" الأميركية حالياً الصدارة، من خلال عزمها طرح تطبيقٍ في الأسواق يزيح الأعباء الإدارية عن كاهل الأطباء بشكلٍ غير مسبوق.

تطبيق يلغي الحاجة إلى الكتابة
يجد العديد من الأطباء أنفسهم مضطرون لقضاء ساعاتٍ طويلة من يومهم خلف الشاشات بدلاً من التواصل مع المرضى، وبذلك يخصصون جزءاً كبيراً من وقتهم لإدخال تفاصيلٍ كثيرة في السجلات الطبية، التي تتطلب منهم غالباً العمل حتى وقتٍ متأخر من الليل. وبين اللوائح الحكومية ومتطلبات التأمين، فإن ملء هذه التفاصيل يزيد من أعباء مهنة الطب المرهقة بالفعل.

شركة "مايكروسوفت" الأميركية وجدت الحل لهذه المعضلة، من خلال تطبيقٍ يُسمى "دراغون أمبيانت إكسبيرينس Dragon Ambient eXperience، يسجل تفاعلات الطبيب مع المرضى ويستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملاحظاتٍ للسجل الطبي. وسيمكّن هذا التطبيق المجتمع الطبي من أداء المهام المكتبية الأساسية بطريقةٍ أكثر راحة وفعالية، وذلك من خلال الأوامر الصوتية وحسب.

باشرت الشركة الأميركية بالعمل على نسخة فائقةٍ التطور من هذا التطبيق الذي يحول الكلام إلى نصٍّ بسرعةٍ فائقة، بعيد استحواذها على شركة الذكاء الاصطناعي "نيانس كومينيكاشينزNuance Communications، العام الماضي، بصفقةٍ بلغت قيمتها 18.8 مليار دولار. ويوفر التطبيق للأطباء خيار إضافة أوامر صوتية لفتح متصفحات الويب، وتنسيق الفقرات، وأنماط النص. 

الحاجة إلى السرعة
يستخدم ما يُقدّر بـ550 ألف طبيب حالياً تطبيق "دراغون"، وستبدأ عملاق البرمجيات "مايكروسوفت" هذا الصيف في طرح إصدارٍ مؤتمت بالكامل يتضمن نموذج الذكاء الاصطناعي الأحدث "GPT-4"، مستفيدةً من شراكتها مع "أوبن أي OpenAI". ويُعتبر هذا الدفع نحو الأتمتة الكاملة الخطوة الأولى ضمن طموحات "مايكروسوفت" الأوسع نطاقاً، والتي ترتكز في هذه المرحلة على تطوير وبيع منتجاتٍ جديدة إلى نصف أطباء الولايات المتحدة، ثم التوسع عالمياً. وقد أعلن الرئيس التنفيذي للشركة الأميركية، ساتيا ناديلا، عن ذلك جهاراً بعيد استحواذه على "نيانس"، إذ قال ما حرفيته "أمامنا فرصة سوقية بقيمة 500 مليار دولار، الذكاء الاصطناعي هو أهم أولويات التكنولوجيا، والرعاية الصحية هي التطبيق الأكثر إلحاحاً".

تقدّر "نيانس" أن الطبيب العادي يقضي حوالى 15 دقيقة في التوثيق لكل زيارة مريض، وأن تطبيقها يساعد بنسخته الحالية في توفير سبع دقائقٍ منها. ومع النسخة الجديدة المزمع طرحها هذا الصيف، تؤكد الشركة أن ملاحظات المريض ستكون جاهزة في ثوانٍ معدودة. وتتمثل الخطة في البدء بالرعاية الأولية وطرح الإصدار الجديد على حوالى 500 طبيب في الشهور الثلاثة الأولى.

الدقة واللغات
بَيد أن الحاجة إلى السرعة لا تلغي حقيقة إضطرار الأطباء إلى العودة باستمرار والتحقق من عمل التطبيق. وبطبيعة الحال سيتوجب عليهم القيام بذلك، لأنهم يتحملون المسؤولية القانونية النهائية عن محتويات السجلات الطبية للمريض. وبينما تشدد "مايكروسوفت" بأن دمج "GPT-4" سيحسن الدقة الكلية للتطبيق، فهذا لا يعني طبعاً بأن النتائج ستكون دقيقة في المطلق. فالتطبيق سيوفر على الأطباء الوقت، ويبقي عليهم مسؤولية المراجعة النهائية.

المخاوف الأخرى المتعلقة بالدقة تتعلق بالمكان الذي يُستخدم فيه التطبيق. في الوقت الحالي، يمكن استخدام هذه التكنولوجيا في العيادات. ويبقى التحدي المستقبلي باختبار عملها في بيئاتٍ أكثر جنوناً، مثل غرف طوارئ المستشفيات حيث يوجد العديد من الأصوات والمشتتات الأخرى.

هناك مصدر قلق آخر يتعلق بتنوع مجموعات المرضى التي يراها الأطباء كل يوم وكيف ستعمل هذه النماذج عبر لهجاتٍ مختلفة ومع غير الناطقين باللغة الإنكليزية. وهنا، يقول كينيث هاربر، نائب رئيس شركة "نيانس"، إنّ التطبيق بنسخته المؤتمتة بالكامل تم تدريبه على 8 ملايين زيارة مريض في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وهو مصمم حالياً للإنكليزية المحكية في الولايات المتحدة، وثمة خطط للتوسع ليشمل الإنكليزية بلكناتها المختلفة والإسبانية.

مستقبل التطبيق
تخطط "مايكروسوفت" و"نيانس" في المرحلة المقبلة، لمواصلة تقديم كلا الإصدارين من تطبيقهما "دراغون" بالنسخة التي تتطلب مراجعة بشرية وتلك المنتظرة والمؤتمتة بالكامل. والخطوة التالية ستكون بتطوير قوالب أسلوبية مختلفة يمكن للأطباء الاختيار من بينها، وأتمتة الميزات الأخرى التي يقوم بها المراجع البشري حالياً، وتعديل المعلومات أو إلغائها من الملاحظات المدونة.

وفي حين أن التركيز الرئيسي حتى الآن انحصر بتوثيق الملاحظات بشكلٍ صحيح، تقول "مايكروسوفت" إن مستقبل التطبيق سيشمل ميزاتٍ تتضمن متابعة الطلبات، والتوصية بالتشخيص، وإنشاء تعليمات ما بعد الزيارة للمريض، ما يعني أن التطبيق سينتقل إلى مرحلة ما بعد تدوين الملاحظات ليصبح في النهاية مساعداً على تحسين سير العمل. 

على مدار الأشهر والسنوات القليلة المقبلة، ومع تمكن الأطباء من استخدام التطبيق المؤتمت بالكامل والاعتياد عليه، ستبدأ المستشفيات حقاً في التعرف على قدرة الذكاء الاصطناعي في تخفيف الأعباء الإدارية التي ترهق أطبائها. لكن المتبنين الأوائل للمشروع لا ينفكون يعبرون عن تفاؤلهم بشأن المستقبل، معتبرين أن ما يطورونه سيسمح للطبيب بالاستماع والتفكير في المريض، وسيقلل من وقته المخصص للتدوين والتدقيق بمعدل ثلاث مرات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها