السبت 2023/12/02

آخر تحديث: 11:11 (بيروت)

جامعة أميركية تعلن عن عصرٍ جديد في زراعة الأسنان

السبت 2023/12/02
جامعة أميركية تعلن عن عصرٍ جديد في زراعة الأسنان
تعمل التقنية الجديدة على تعزيز فعالية زراعة الأسنان، وكذلك على تحسين نوعية الحياة للمرضى(Getty)
increase حجم الخط decrease

تُعدّ زراعة الأسنان أكثر الخيارات ملائمةً لاستبدال الأسنان المفقودة، وتحتاج هذه العملية إلى حجمٍ وكثافةٍ معينين للعظام، الأمر الذي يزيد من صعوبة الإجراء، ناهيكَ عن وجود مضاعفاتٍ محتملة تبدأ بالعدوى والالتهاب والنزيف ولا تنتهي بتأخر التئام العظام وكسور الفك وتلف الأسنان الأخرى. غير أن كل ذلك على وشك أن يتبدل، مع تطوير فريق من الباحثين من كلية طب الأسنان بجامعة "كاليفورنيا" الأميركية، لتقنيةٍ جديدة توصف في المجتمع الطبي بأنها دلالة على بزوغ عصرٍ جديد في مجال زراعة الأسنان.



لا مضاعفات بعد اليوم
بادئ ذي بدء لا بد لنا من الإشارة بأن جراحة زرع الأسنان هي عملية تُستبدل من خلالها جذور الأسنان بدعاماتٍ معدنية شبيهة بالبراغي، وتُستبدل السن التالفة أو المفقودة بسنٍ اصطناعية تشبه الأسنان الحقيقية بصورةٍ كبيرة من حيث الشكل والأداء. وقد تشمل هذه الجراحة عدة عمليات، وتتطلب التئام العظم تماماً حول المكوِّن الذي تتم زراعته في عملية قد تستغرق عدة أشهر.

هذا بالتحديد ما عكف علماء الجامعة الأميركية على إيجاد حلٍ جذري له بإختراعهم لتكنولوجيا جديدة تتيح أوقات شفاءٍ أسرع، وتكامل عظمي "شبه مثالي" ومضاعفاتٍ أقل للمرضى. ويأتي ذلك بعد أن حددوا عقبة كبيرة أمام تقدم علم زراعة الأسنان، فوجدوا أن طبقة من الهيدروكربونات تترسب بشكلٍ طبيعي على أسطح دعامات حبيبات التيتانيوم ما يعيق التكامل العظمي ويمكن أن يؤدي إلى التهاب محيط بالزرع لدى 35 إلى 40 في المئة من المرضى.

ونتيجةً لذلك، طور هؤلاء العلماء تقنية جديدة تتضمن تسليط الضوء فوق البنفسجي على دعامات التيتانيوم لمدة دقيقة واحدة وحسب. وهكذا، يزيل ضوء الأشعة فوق البنفسجية الهيدروكربونات، وبالتالي يقلل من خطر حدوث مضاعفات ما بعد العلاج، والتي قد تصل إلى إصابة أو تلف البنيات المحيطة، مثل الأسنان أو الأوعية الدموية الأخرى، أو تلف الأعصاب وحدوث مشاكل في الجيوب الأنفية.


عصر جديد
إلى جانب ذلك، تضمن هذه التقنية التي كشفت عنها الجامعة الأميركية، إِطباقٌ مُتَوازِن للأسنان ما يقلل الحاجة إلى زرع دعاماتٍ أصغر ويخفض عدد عمليات زرع الجسور المطلوبة. وإضافةً إلى ما ذكرناه، يؤدي العلاج بالأشعة فوق البنفسجية إلى "عملٍ غير مسبوق" لخلايا اللثة لتقبل الأسنان المزروعة. وهذا يحد من احتمال الغزو البكتيري، ويجنب المريض التهاب المنطقة المحيطة بالسن المزروعة.

وقد وصف الدكتور المشرف على هذه التكنولوجيا المذهلة في كلية طب الأسنان بجامعة "كاليفورنيا"، تاكاهيرو أوجاوا، ما تم الكشف عنه، بأنه الإعلان الرسمي لدخول البشرية في عصرٍ جديد يختصّ بمجال زراعة الأسنان. مضيفاً "لا تعمل تقنية الأشعة فوق البنفسجية هذه على تعزيز فعالية زراعة الأسنان وحسب، إنما تعمل أيضاً على تحسين نوعية الحياة للمرضى. الاحتمالات لا حدود لها، وأنا متحمسٌ للغاية بشأن التأثير المحتمل على صحة الفم والصحة العامة، وفيما يتعلق بجهودنا للقضاء على التهاب المنطقة المحيطة بالأسنان المزروعة".

هذا ويعتقد علماء الجامعة الأميركية أن استخدام الدعامات المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يكون مفيداً في أماكن أخرى من عالم الطب. حيث تُظهر عمليات زراعة العظام، مثل إعادة بناء مفصل الورك وتثبيت العمود الفقري، نسبةً عالية من عمليات المراجعة والمضاعفات. وهم يجزمون بأن الدعامات المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية ستساعد في التخفيف منها.



نقلة نوعية في العام الجاري
ويبقى أن نشير في النهاية بأن عام 2023 أحدث تطوراتٍ ملحوظة في تكنولوجيا زراعة الأسنان، لعل أبرزها هو دمج تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد. إذ يتمتع أطباء الأسنان الآن بالقدرة على إنشاء دعاماتٍ دقيقة وشخصية مصممة خصيصاً لكل مريض. لا يضمن هذا التخصيص ملاءمة أفضل وراحة أكبر وحسب، بل يقلل أيضاً من وقت الجراحة والتعافي بشكلٍ كبير. 

كما نجح الباحثون في عام 2023 بتسخير قوة تكنولوجيا النانو لتحسين التكامل العظمي، وهي العملية التي يتم من خلالها دمج زراعة الأسنان مع عظم الفك. بحيث باتت الأسطح ذات البنية النانوية الموجودة على تركيبات الزرع تعمل على تعزيز نمو العظام والتصاقها بشكلٍ أسرع. ويُعدّ هذا التطور مفيداً بشكلٍ خاص للأفراد الذين يعانون من انخفاض كثافة العظام، لأنه يعزز فرص إجراء عملية زرع ناجحة.

إضافةً إلى ما ذكرناه، أصبح أطباء الأسنان قادرين من خلال دمج أجهزة الاستشعار المصغرة والإلكترونيات الدقيقة، من مراقبة صحة  زراعة الأسنان وحالتها في الوقت الفعلي. يمكن لهذه المستشعرات اكتشاف المشكلات المحتملة مثل العدوى أو عدم الاستقرار أو الضغط الزائد على الدعامة. وبذلك، يمكن تنبيه المرضى إلى المشاكل المحتملة، ما يمكنّهم من طلب رعاية أسنان سريعة ومنع المضاعفات.

وشهد هذا العام تطوير العلماء لموادٍ نشطة بيولوجياً وعوامل نمو تساعد في تجديد الأنسجة حول موقع الزرع. وهذا لا يؤدي إلى تسريع عملية الشفاء وحسب، بل يساهم أيضاً في نجاح عملية الزرع على المدى الطويل. وتعتبر هذه التقنيات التجديدية مفيدة بشكلٍ خاص للمرضى الذين يعانون من أمراض اللثة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها