الأربعاء 2022/05/18

آخر تحديث: 13:05 (بيروت)

بعلبك: أموات وأطفال انتخبوا لـ"الثنائي".. ترهيب وانتهاكات لا تحصى

الأربعاء 2022/05/18
بعلبك: أموات وأطفال انتخبوا لـ"الثنائي".. ترهيب وانتهاكات لا تحصى
كثرة من العجائز والمرضى اقترع عنهم مندوبو الثنائي الشيعي (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
التزوير والاعتداءات عاملان أساسيان حوّلا المشهد الانتخابي في بعلبك-الهرمل الأحد 15 أيار الفائت، من معركة ديموقراطية إلى مبايعة عمياء، أطاحت برغبات التغيير الفعلي في منطقة ساقطة من اهتمام دولتها على كافة الصعد. وعلى الرغم من نسبة الاقتراع التي تجاوزت 48 في المئة، انحسرت المنافسة الانتخابية، كما في الدورات السّابقة، بين لائحة حزب الله وحلفائه (9 مقاعد)، ولائحة "بناء الدولة" المدعومة من القوات اللبنانية (مقعد واحد). فغابت القوى التغييرية وائتلافات العشائر عن الحاصل الانتخابي، وفقًا لعدد المقترعين البالغ 182 ألفًا و796 مقترعًا، توزعوا على 590 قلم اقتراع في قضاءي بعلبك والهرمل.

وظهرت بيانات مراقبين وشهادات مرشحين وناخبين شككت في نزاهة العملية الانتخابية في دائرة البقاع الثالثة، فضلًا عن تصريحات القوات اللبنانية عن ما لحق بمندوبيها، فأكدت استشراس الثنائي الشيعي، منذ السّاعات الانتخابية الأولى وحتى إقفال الصناديق، في فرض فائض قوته الترهيبية، لخنق أي صوت معارض، نفسيًا وجسديًا، على مرأى القيمين على هذه العملية ومسامعهم.

الترهيب العلني
لم يقتصر التفلت والتسيب الأمنيان في مدينة بعلبك وقراها وبلداتها على العراضات والهرج والمرج، تلبيةً لنداء حسن نصرالله نهار الجمعة، ليستمر ذلك حتى عشية الأحد، كاسرًا قاعدة الصمت الانتخابي. بل شملت الفوضى الترهيب والتخويف والتزوير العلني في جوّ مطمئن لغياب أدوات المحاسبة. فما رافق اليوم الانتخابي من مخالفات وتجاوزات، لا يمكن حصره، ولا الإحاطة به. ففي معظم مناطق نفوذ الثنائي أجبر الترهيب مراقبي نزاهة الانتخابات، من "لادي" والمندوبين والصحافيين، على الانسحاب حفاظًا على سلامتهم.

وأشارت مصادر سياسية محلية في بعلبك "للمدن"، رصدها مخالفات وتجاوزات لا تحصى، فلم تتمكن الهيئات الرقابية من تحرير محاضر في أي منها، بسبب الازدحام والتشويش والمشاكل المفتعلة بين حين وآخر. وهناك أيضًا فساد رؤساء الأقلام الذين سهلوا للمندوبين والناخبين التزوير والغش، فضلًا عن طرد المراقبين في قرى عشائرية، كالكنيسة وغيرها. أما بلدات الهرمل فكانت بلا مراقبين، وانفلت التزوير على الغارب فيها، كما نشرت "لادي" سابقًا على حساباتها. https://www.facebook.com/154029261310643/posts/5251884334858418/

أما عمليات الترهيب والتخويف الموثقة، فقد أكدها مواطنون كثيرون، وكذلك التجاوزات التّي جرت أمام أعين المراقبين ورؤساء الأقلام. وهذا أفقد عملية الاقتراع سريتها القانونية.

مندوبون يقترعون عن الناس في حضورهم
وفي هذا الصدد أفاد م. ش. (26 سنة) وهو مندوب لائحة قادرين في دائرة البقاع الثالثة: "لدى دخولي غرفة الاقتراع رافقني مندوب لائحة الأمل والوفاء ووقف خلفي. أشار بإصبعه إلى الصوت التفضيلي واللائحة التي يجب أن أصوت لها في هذه المنطقة. قلت له إنني لست أميًا واستطيع القراءة، فانسحب من خلفي وأسرعت في الإدلاء بصوتي، خشية أن يمنعني من ذلك. وضعت الظرف في الصندوق، وإذ بمندوب آخر للائحة نفسها يسألني لمن أعطيت صوتي. لم أجب وخرجت. صديق لي واجه عملية التخويف والترهيب نفسها بشكلٍ أسوأ. أتى المندوب من خلفه وأخذ القلم منه وصوت عنه عنوةً وبكل وقاحة أمام رئيس القلم والمندوبين الذين تجاوز عددهم 10 في الغرفة الواحدة، فيما غاب مندوبو لادي منذ الصباح الباكر".

وروى حسين.ط (21 سنة) أنه توجه صباحًا نحو أحد مركز الاقتراع في مدينة بعلبك للتصويت، لتلافي أي نوع من المضايقة والازدحام: "لكن منذ دخولي قلم الاقتراع لحق بي أحد مندوبي لائحة الثنائي وأجبرني رمي لائحة المعارضة وتحديد الصوت التفضيلي للمرشح ينال الصلح في لائحة الثنائي. وبقي إلى جانبي حتى أسقطت الظرف في الصندوق. وكان خطيب من مأذنة الجامع قد أعلن "التكليف الشرعي" لانتخاب هذا الاسم. لكنني لم أتوقع أن أُجبَر على انتخابه في حضور المراقبين ورئيس القلم بابتسامته الصفراء. بعد اقتراعه عني بالقوة، أشار المندوب إلى المسؤول ليحرر لي بون بنزين، ساخرًا مني".

واستشراس الثنائي الشيعي على تأكيد سطوته في البقاع الشمالي، بدأ قبل الانتخابات بإجبار بعض المرشحين  الشيعة عن المعارضة على الانسحاب تحت تهديد حزبي وعشائري وتخوينهم والتشكيك بوطنيتهم. وهذا ما حصل للائحة الشيخ عباس الجوهري (نلفت هنا إلى الترجيحات التّي قالت إنه "متواطئ"، لأنه انقطع فجأة عن التواصل مع ماكينته الانتخابية عشية الانتخابات، ما أفسح المجال لماكينة حزب الله الوحيدة بأن تتلاعب بالنتائج في ظلّ غياب ماكينات أخرى). وهناك التكليف الشرعي الذي صدحت بها الجوامع عشية الانتخابات، ففرزت الأصوات مسبقًا وحددت الفائزين. وهناك ما يزيد عن 19 قرى حدودية مع سوريا جرت فيها انتخابات فضائحية معلبة وجاهزة مسبقًا.

أموات وأطفال "العرس الديمقراطي"
عمد الثنائي الشيعي عبر مندوبيه إلى التلاعب الصريح بلوائح الشّطب وإدخال الأموات والأطفال في العمل الانتخابي، وسمح للناخبين بالتصويت أكثر من مرة: "لو صوتت للسيد مليون مرة ما بيكفي التضحيات يلي عملها معنا"، هكذا صرخت امرأة ثمانينية أمام مركز اقتراع في بلدة اليمونة. وقد شاهدها أحد مندوبي لائحة المعارضة تنتخب للمرة الثالثة. وهذه البلدة حصلت فيها لائحة "قادرين" على صوتين فقط، فيما أكد عشرات الأشخاص انتخابهم هذه اللائحة. وهذا ما جرى في بلدات عدّة، كالنبي شيت ونحلة ويونين...

في هذا السّياق شدد ناخب للقوى المعارضة في اليمونة (حسن.ن. 20 سنة) على أن قريبته إمرأة سبعينية أدلت بصوتها 4 مرات، وفي كل مرة نيابة عن شخص متوفٍ. منهم جده الذي توفيّ قبل 25 سنة. وقال: "تكررت هذه العملية أمامي عشرات المرات، وسمعت عنها مئات المرات. وفي مركز الاقتراع نفسه. أما الأطفال الذين تترواح أعمارهم بين 10 و15 سنة، فدخلوا ليقترعوا عنوةً ويجددوا البيعة للثنائي الشيعي. إضافة إلى كثرة من العجائز والمرضى الذين لم يقترعوا، بل دخل المندوبين واقترعوا عنهم، فضلًا عن المندوبين الذين انتزعوا بطاقات الهوية من أيدي الناخبين وهرعوا للتصويت عنهم".

لا جدوى من الطعون
رُصدت مئات من هذه التجاوزات، ولم تتمكن أجهزة المراقبة من توثيقها، واقتصر الرصد والتوثيق على بعض الناخبين المعارضين. وبالتالي فإن الانتخابات في هذه الدائرة، بأرقامها وحواصلها، تفقد مصداقيتها وشرعيتها. ويُستبعد الآن الحديث عن جدوى الطعون.

مثل هذه المشاهد لم تغب قط عن الدورات الانتخابية السابقة في بعلبك، البلدية والنيابية منها. غير أن فضائحيتها الجديدة هذه لا تنطوي إلا على خوف الثنائي من بيئته المعارضة. والنفس المعارض صمد في وجه قمع الثنائي صوته وتزويره وانتهاك حقه بالاقتراع. وهذا الغش والتزوير يعتبرهما الثنائي "حلالًا"، لتثبيت "خزان الدم الذي يملكه"، على الرغم من الأصوات التّي خرجت من بيئته المؤيدة، واعترضت على النواب الذين أعاد حزب الله ترشيحهم. والربح، وإن كان مزورًا، صار أمرًا واقعًا على بعلبك وسكانها، وغير وجهها وفرض سطوته على شرفائها ومجرميها في آن واحد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها