الأحد 2022/05/15

آخر تحديث: 13:19 (بيروت)

انتخابات الجنوب: "الثنائي" بطَل المشهد لكن الاعتراض موجود

الأحد 2022/05/15
انتخابات الجنوب: "الثنائي" بطَل المشهد لكن الاعتراض موجود
"الثنائي" ربح حرب المشهديّة باكرًا (مجلس النواب)
increase حجم الخط decrease

تبدأ الرحلة نحو الجنوب فجر اليوم الانتخابي قبل الساعة السادسة صباحًا، على أمل تفادي زحمات السير الخانقة المعهودة، على طريق دوائر انتخابيّة معروفة بتركّز ناخبيها في بيروت وضواحيها. فالوجه الآخر لموجات النزوح التاريخيّة نحو المدينة، بات النزوح المؤقّت المعاكس باتجاه القرى، في أيام العطل والأعياد والمناسبات، ومنها حتمًا المناسبات الانتخابيّة. هنا يخطر في بال المشاهد حتمًا السؤال عن الميغاسنتر، الذي كان من شأنه أن يعفي الناخب صبيحة اليوم من كلفة "تنكات" البنزين التي قد توازي نصف راتبه بالنسبة لمحدودي الدخل، أو قد يعفيه من مذلّة الارتهان لماكينات الأحزاب المدعومة ماليًّا، والقادرة على توزيع ما بات يُعرف بالبنزين الانتخابي.

"المواجهة الكبرى"
والبحث عن البنزين الانتخابي في بدايات طريق الجنوب سهل، ومنذ ساعات الفجر الأولى، بمجرّد رؤية الطوابير المصطفّة أمام محطتي الأمانة والأيتام بالتحديد، اللتين تعاقدتا مع ماكينة حزب الله لهذه الغاية. تؤشّر الطوابير منذ بداية النهار الانتخابي لنوعيّة المواجهة غير المتكافئة، بين ماكينات حزبيّة منظمة ومتمكنة، ومعارضة هشّة القدرات التنظيميّة، بمعزل عن الدعم المحدود الذي قدّمته بعض منصّات الدعم المالي. على أي حال، يستحضر المشهد هنا ما بات معروفًا منذ أيام، عن تفاوت التنظيم وقدرات الحشد بين ماكينتي الثنائي أنفسهما، بين حزب الله الذي جيّش منذ أيّام مناصريه في القرى لـ"المواجهة الكبرى"، وحركة أمل التي دخلت المعركة بقدرات متواضعة، انعكست في محدوديّة بدل المحروقات الذي قدّمته وعدد المندوبين الذي أمنته في معظم القرى. في النهاية، إذا كات الساحة الشيعيّة ما زالت موصومة بحجم التكتّل الشعبي خلف قوّتي الطائفة المتراصّة، فذلك يعود إلى شد العصب الذي ما زال يخدم مواجهات حزب الله على كل الجبهات، والإمكانات الماديّة التي لا تُضاهيها إمكانات أي حزب آخر على الساحة المحليّة.

على طول الطريق الساحليّة، تتوالى المشاهد التي تمهّد لما ستراه لاحقًا في القرى والمدن الجنوبيّة، مع كثافة السيّارات والأعلام الحزبيّة، وتحديدًا أعلام حزب الله، مع تواجد أكثر تواضعًا لأعلام حركة أمل. الثنائي يسيطر على المشهديّة منذ بداية الطريق إذًا، وهو ما حرص على تكريسه بالأعلام الحزبيّة المنتشرة على العواميد على طول الطريق الممتدة من برج رحّال وحتّى الغندوريّة.

في خلاصة الأمر، يدرك الثنائي أن تكريس مشهديّة قاسية في وجه الحالة الاعتراضيّة، كفيل بخلق جو "تعبوي" مشحون، يمكن أن يفضي إلى دفع الآخرين إلى التردد قبل محاولة خلق أي مشهديّة مواجهة.

غياب المنافسة
بجولة صغيرة على قرى قضاء بنت جبيل، يمكن للمشاهد سريعًا أن يكتشف أن الشحن المجتمعي فعل فعله، وأن الحالة الاعتراضيّة، وإن توحّدت في لائحة واحدة، فشلت في خلق تواجد ميداني فاعل بالقرب من الغالبيّة الساحقة من المراكز الانتخابيّة في القرى الشيعيّة، رغم أهميّة هذا التواجد لشحن المؤيّدين والعمل على التواصل مع الناخبين المحتملين. وفي النتيجة، يمكن للمراقب أن يشعر بغياب المنافسة على المشهديّة العامّة في هذه القرى. مع الإشارة إلى أنّ المعلومات المتوفرة حتّى الساعة التاسعة صباحًا، أشارت إلى أنّ مندوبي لائحة معًا نحو التغيير غابوا عن نسبة كبيرة من الأقلام في قضاء بنت جبيل، وخصوصًا الشيعيّة، ما قد يشير إلى تركيز اللائحة على أقلام في قرى أخرى.

إلا أنّ الغياب عن التنافس على المشهديّة، وإن كان سيفعل فعله بالنسبة لجرأة المعارضين على الفعل السياسي يوم الانتخاب، لم يعنِ غياب الحالة الاعتراضيّة عن الصناديق. بعيدًا عن الشارع أمام المراكز، تتوارد الأخبار في كل قرية عن شبكات "المعارضين" الذين نشطوا بعيدًا عن الأنظار، لتحصيل ما يمكن تحصيله من أصوات، مهما قلّت أو كثرت. وهي مهمّة قد لا يصعب فعلها بالنظر إلى تميّز الناخبين المحتملين عن الجو السياسي الطاغي في كل قرية، والقدرة السريعة على تحديدهم والتواصل معهم. وهكذا، كان من الممكن أن يلاحظ المشاهد أن ثمّة حالة اعتراضيّة موجودة، لم تقوَ المشهديّة العامّة على محوها، إنما لا يمكن رصد حجمها أو أثرها إلا في صناديق الاقتراع.

الملاحظات الأوليّة على اليوم الانتخابي الطويل في الجنوب يمكن تلخيصها كالتالي: الثنائي ربح حرب المشهديّة باكرًا، لكن الحالة الاعتراضيّة موجودة.    

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها