الإثنين 2022/10/03

آخر تحديث: 00:24 (بيروت)

"طرد" الشيخ يزبك من التظاهرة النسوية: عنف الإقصاء

الإثنين 2022/10/03
"طرد" الشيخ يزبك من التظاهرة النسوية: عنف الإقصاء
"أتضامن معهن في ثورتهن ضدّ النظام الديكتاتوري" (المدن)
increase حجم الخط decrease

عشية التظاهرة "النسوية" أمام المتحف في بيروت، التّي أُقيمت يوم الأحد تضامنًا مع حركة احتجاج النسوة الإيرانيات على مقتل الشّابة مهسا أميني على يدّ شرطة الإرشاد/الأخلاق، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وعدّة منصات إعلامية صور وفيديوهات من الوقفة التضامنية تُظهر لقطات من السّجال بين بعض المتظاهرات والشيخ عباس يزبك، الذي حاول المشاركة معهن. الأمر الذي أثار سخط البعض ليتحول إلى عنفٍ لفظي ضد الشيخ الذي فضل الانسحاب لاحقًا.

ملابسات السجال
في حديثه مع "المدن"، أشار الشيخ عباس يزبك أن انضمامه للوقفة جاء بعدما أكدّ له عدد من منظمي الحراك عبر أحد أصدقائه المتواجدين هناك، بقبولهم مشاركته معهم، بعد أن كان قد طلب الانضمام، إيمانًا منه بأحقية ثورة الإيرانيات على النظام القمعي والهادر للحقوق والأرواح، والذي غيّب النسوة في الصفوف الخلفية بحجة الوصاية الدينية وفرض عليهن نمطاً من اللباس لا يتوافق مع تطلعاتهن وخياراتهن.

وفور انضمام الشيخ يزبك للتجمع، رفضت عدّة مشاركات تواجده باعتبار أن هذه الوقفة هي حكر على النساء وضدّ الوصاية الدينية والسياسية التّي تفرضها عليهم المراجع الدينية، وانهالت عليه بوابل من الشعارات التّي تدين المحاكم الجعفرية، على مثال "الفساد الفساد جوا جوا العمامات"، "القمع الذكوري الأبوي"، "شعر المرأة مش عورة، قمعك عورة". فيما حاولت واحدة من المشاركات إجباره على حمل يافطة تتضمن شعار"لا إكراه في الدين، فأي إله تعبدون"، فما كان من الشيخ، الذي حاول حسب ما قال لـ"المدن" التواصل معهن والوصول إلى أرضية للنقاش، إلا أن رفض ما اعتبره محاولة لشرعنة وجوده بينهن ووضعه تحت وطأة الإعلام الذي لاحقه فور وصوله. وبذلك انسحب الشيخ وفضل التضامن معهن افتراضيًا بعد طرد المشاركات له.

رد الشيخ عباس يزبك
تواصلت "المدن" مع الشيخ عباس يزبك، للإطلاع على رأيه إزاء ما حصل معه أثناء الوقفة، وفي سؤاله عن سبب مشاركته فيها، أجاب: "لفتني مضمون الدعوة منذ عدّة أيام، وعزمت على الانضمام لصفوف المشاركين/ات في حال نزولي من بيتي البقاعي إلى بيروت، وهذا ما حصل فعلاً. فعند مروري من محلة المتحف رأيت أحد الأصدقاء في التجمع، وسألته إذا ما كان ممكنًا المشاركة وإلقاء التحية ومساندة المعتصمات فوافق مؤكدًا، وذلك بعد استئذان منظميها. أما سبب مشاركتي فهو إيماني بحق الإنسان بتحديد مصيره بالأطر القانونية والشرعية على عكس ما يحصل في إيران اليوم، فولاية الفقيه التّي أفقرت وجوعت الشعب الإيراني وجعلته مستنزفَ الموارد لصالح مطامعها التوسعية في الدول العربية ومنها لبنان، التّي تتناقض مع مبدأ الدين الإسلامي، أو فكرة الدولة الّي تحترم وتحفظ حقوق مواطنيها".

وأضاف: "وانطلاقًا من رفضي الشديد للمنطق الإقصائي والتهميشي والذي أعدم مبدأ التنوع الثقافي والديني عبر فرض إيديولوجيا متزمتة، تقوم على إكراه الإنسان على مبادئ دينية ذات بُعد سياسي بالصميم، وبغض النظرعن الجدل الديني الحاصل وعن إشكالية مبدأ الحجاب ومفهومه، أرى أنّه من غير المنطقي أو الشرعي أو حتّى الإنساني، فرض الحجاب على المواطنات الإيرانيات قسرًا، وأتضامن معهن في ثورتهن ضدّ النظام الديكتاتوري، الذي يستبيح حقوقهن وأرواحهن لعدم إلتزامهن بقماشة رأس أو نمط معين من الملبس غير مقتنعات به".

وأشارمؤكدًا كونه يعتبر أن رفضه لهذا النظام الديكتاتوري المجرم لا ينحصر فقط بتضامنه مع الإيرانيات في ثورتهن بل يتعدى مساحة إيران الجغرافية: "أرى من واجبي الوقوف ودعم أياً من مضطهدي العالم وخصوصاً في الوطن العربي، الذين قاسوا الأمرين من تدخلات النظام الإيراني في سياساتهم الداخلية. وإن كنت أتضامن مع الإيرانيات ضد ولاية الفقيه فأتضامن مع السوريين/ات والعراقيين/ات واليمينيين/ات واللبنانين/ات ضدّ بطش النظام الإيراني وهيمنته الإستعمارية، التّي خلفت ميليشيات مسلحة تتبجح بتدينها الكاذب وتمرر تجارة المخدرات والأسلحة وتعيث الفساد في الدول وتفرض ثقافتها المتطرفة، خدمة لنظام استغل الثورة الإسلامية منذ أربعين سنة لمآربه الفاسدة".

تضامن افتراضي
وعند سؤال الشيخ يزبك عن ردّه على المتظاهرات اللواتي طالبنه بالانسحاب أجاب: "أتفهم طبعًا وجهة نظر المتظاهرات اللواتي رفضن تواجدي معهن، ولعلي أحسست ببعض الإنزعاج من الأسلوب الهجومي الذي طاولني، لكني فضلت الانسحاب متفاديًا تضخيم السجال وطمس أحقية التظاهرة بالتوتر الذي خلفه تواجدي عند بعضهن، وإن كنت أستهجن قليلاً هذا النوع من الإقصاء على أساس الملبس أو الدين في مظاهرة ضدّ الإقصاء والتهميش والظلم. وإن كان من واجبي كما ذكرت سابقًا التضامن والمساندة في أي حركة مشابهة، فإني أصرّعلى دعمي لهن ولمطالبهن حتّى ولو رفضن تواجدي". وحسب الشيخ يزبك فإنه "يستنكر ويندد بكل الجرائم التّي اقترفتها المحاكم الجعفرية ضدّ النسوة اللبنانيات"، وتمنى لو استطاع التحاورمع المتظاهرات لتبيان وجهة نظره، وشدد على كونه لم يقصد التسلق أو حتّى لفت الأنظار بمحاولته للمشاركة معهن، واقتصرت نيته على الإدلاء بموقفه أسوة بباقي المشاركين ضدّ ما أسماه ديكتاتورية ولاية الفقيه "التي امتدت أذنابها إلى لبنان عبر حزب الله ومؤسساته ومسؤوليه الذي نهب مقدرات وخبرات الدولة اللبنانية، وأعدم كل محاولات المعارضين له بإنشاء حياة سياسية تغييرية في مناطق نفوذه".

يُذكر أن الشيخ عباس يزبك هو رجل دين حائز على شهادته في الدراسات الدينية من حوزة الإمام الحسين في بعلبك، كما يعمل كأستاذ رسمي متفرغ في مدرسة بعلبك الرسمية، وحائز على عدّة شهادات من الجامعة اللبنانية ومنها الماجستير في الفلسفة، ويعرف يزبك بتوجهاته المعارضة لحزب الله.

ضد الإقصاء
في حين لسنا بمعرض الدفاع عن أي مرجعية دينية أو سياسية أسهمت بشكل أو بآخر بإقصاء وتهميش ومعاناة أي إنسان بغض النظر عن خلفيته الجندرية/ الدينية/ العرقية/ الثقافية.. وإيمانًا منا بأهمية الحوار وجدواه وخصوصاً في خضم ما نشهده من تحولات على الصعيد الإقليمي والداخلي، فضلاً عن حقّ أي إنسان بالردّ وبإبداء رأيه إزاء أي من حوادث إقصاء قد يتعرض لها. وفي المقلب الآخر قد يبدو أن التعميم في هذا السّياق مواربًا لحدًّ ما، ولعل الحوار مع أي جهة دينية شيعية في هذا الوقت محط جدال واسع، بين مؤيد لمنع تدخلاتهم في تظاهرات منددة بهم من جهة، ومعارض لتهجم على حدهم لمجرد محاولته المشاركة بهكذا حراك من جهة أخرى.

إلا أنّه وفي المحصلة من المفيد معرفة ملابسات السّجال وتبيان وجهات النظر لتفادي الوقوع في بلبلة قد تُستغل لاحقًا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها