أسقط انفجار المرفأ، 6 شهداء من الجسم الطبي والتمريضي في مستشفيات بيروت. وبحسب ما يؤكد نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون لـ"المدن"، فإنّ "5 شهداء سقطوا فوراً في مستشفى القديس جاورجيوس (مستشفى الروم -الأشرفية)، وشهيد سادس في مستشفى راهبات الوردية (الجميّزة)". قضوا هؤلاء على الفور، نتيجة الدمار الذي خلّفه ضغط الانفجار، كما أصيب عشرات الآخرين من الأطباء والممرضين والإداريين في مختلف مستشفيات بيروت. ونتج عن الانفجار أيضاً توقّف 3 مستشفيات أساسية في بيروت أيضاً، هي الوردية و"الروم" ومستشفى اللبناني - الجعيتاوي، بفعل الضرر الذي لحق بها. محصلة كارثية، لم تمنع الجسم الطبي من استكمال عمله في إسعاف الجرحى وتطبيبهم وإجراء العمليات الجراحية اللازمة، مع تأكيد الجهات الطبية في ثلاث من أكبر مستشفيات بيروت على أنّ "مئات العمليات الجراحية لجرحى الانفجار مستمرّة منذ أكثر من 18 ساعة".
ضحايا بين المرضى
لكن الكارثة الفعلية، سجّلتها مستشفى الروم، حيث أكدت الإدارة إضافة إلى خسائر الأرواح في الجسم التمريضي، "وفاة 9 مرضى" كانوا يتلقّون العلاج في المستشفى. تم إفراغ المشفى بشكل نهائي، ونقل كل من فيه إلى مستشفيات في بيروت وخارجها. أما في الوردية فتأكد وفاة ممرضة من الطاقم الطبي، وإجلاء جميع المرضى منه بعد تدمّر مبنيي المشفى بشكل كامل. تبعد "الوردية" عن مكان التفجير، 850 متر خط نار. ومستشفى الروم 1000 متر عن المرفأ. و"الجعيتاوي"، 1200 متر. مسافات قادرة على تلخيص حجم إطار الدمار الذي لحق بالشوارع المحيطة بمكان القنبلة الموقوتة التي تكتّمت عليها الدولة اللبنانية منذ سنوات. مباني هذه المستشفيات مجّهزة أساساً للصدمات، معدّة لحالات الطوارئ والكوارث، سقط فيها قتلى وجرحى، وتعطّلت، وتهدّمت أقسام داخلية كثيرة فيها. لم يعد يوحي الموقع أنّ في الجميزة مستشفى اسمه الوردية. فقط لافتة طوارئ، والباقي أشلاء مبنى. أما الوصول إلى مستشفى الروم فكان صعباً جداً نتيجة طوق أمني فرض في محيطه. وبينه وبين الجعيتاوي طريق واحد فاصل، تجمّع فيها دبش الحجارة وألواح الزجاج والسيارات المحطّمة.
جهوزية المستشفيات
خرجت المشافي الثلاث عن الخدمة وتوقّف العمل فيها، ليتحوّل الضغط على سائر مستشفيات العاصمة التي اكتظّت بعد أقل من ساعة من وقوع التفجير. فعملت الفرق الصحية على نقل جرحى ومصابين إلى مستشفيات المناطق، وصولاً إلى طرابلس شمالاً والنبطية جنوباً.
وفي هذا الإطار، يؤكد نقيب أصحاب المستشفيات، سليمان هارون، لـ"المدن" إنّ "واقع القطاع الطبي لا يزال تحت السيطرة، وقد تمّ إعلان حالة الطوارئ والاستنفار في مشافي لبنان في مختلف المناطق اللبنانية".
وحول حاجات المستشفيات والدعم المطلوب للمستشفيات اليوم، يقول هارون إنّ "الحاجة الفعلية ليس لمستشفيات نقالة ولا إلى طواقم طبية، بل إلى مستلزمات طبية وأدوية، لأنّ لا مشكلة لدينا في الأسرة ولا في الجهاز الطبي والتمريضي. أؤكد أنّ هذا الجهاز مستمرّ في عمله على الرغم من كل الصعوبات". ولا تزال النقابة تعدّ اللوائح الكاملة لحجم الأضرار التي حصلت، وكذلك محصّلة الضحايا الموجودين في المستشفيات، في حين تحدّثت إدارة بعض المشافي عن أعداد المصابين والضحايا التي استقبلتهم.
امتلأت برادات المشافي بالجثث، وبعض الضحايا لم يجد الجسم الطبي جوارير تحفظ ما تبقى منهم بانتظار تسليمهم للأهالي. هذا ما أكده مدير العناية الطبية في وزارة الصحة، جوزيف الحلو، الذي أشار إلى وجود عدد كبير من الجثث مجهولة الهوية "ولا برادات متوفرة لوضعها داخلها".
المستشفيات الفاعلة
من بين عشرات المستشفيات التي تمكّنت من المشاركة بفعالية في احتضان إصابات تفجير المرفأ، يقول المسؤول الإعلامي في مستشفى رزق، سعد الزين، لـ"المدن" إنّ "أضراراً كبيرة لحقت بالمشفى، وسجّلت إصابات طفيفة في الجسم الطبي"، مشيراً إلى أنّ "رزق استقبل 5 ضحايا، و300 مصاب في غرف الطوارئ". ويضيف الزين أنه تم تحويل كل المشفى بأقسامه وغرفه وأروقته إلى مستشفى للحالات الطارئة "حيث تمّ إجراء 26 عملية جراحية في الساعات الأخيرة، مع استمرار حالات أخرى بحاجة للعمليات".
وكذلك الحال في مركز الجامعة الأميركية الطبي، إذ تشير المسؤولة الإعلامية فيه عبير سلام إلى أنّ "أضراراً جسيمة لحقت بالمباني لكن لم تؤثر على سير العمل، تحديداً في قسم العمليات، ولا تزال أعمال حصر الأضرار مستمرة، نظراً لتعدّد المباني الطبية الخاصة بالجامعة". وتؤكد سلام على أنّ "مستشفى الجامعة استقبلت مئات الحالات بدءاً من بعد ظهر أمس"، ولا أرقام فعلية بعد عن عدد المصابين فيها، ولا عدد الضحايا التي وصلت جثامينهم إليها.
أما المسؤول الإعلامي في مستشفى أوتيل ديو، ربيع كنعان، فأكد لـ"المدن" تضرّر إحدى غرف العمليات في المشفى وأقسام أخرى في مختلف الأبنية الطبية والإدارية. ويلفت كنعان إلى أنّ أوتيل ديو استقبل ما يزيد 400 جريح و14 جثة، "ومستمرّون في إجراء العمليات الجراحية". وتؤكد إدارات المستشفيات الثلاث على أنّ قدرتها الاستيعابية وصلت إلى ذروتها، وأنّ فرق العمل فيها تجتهد منذ لحظة وقوع الانفجار في متابعة نشاطها.
بيان نقابة الممرضات والممرضين
وصدر عن نقابة الممرضات والممرضين، بيان جاء فيه:
"بالحزن والأسى تنعي نقابة الممرضات والممرضين شهداء الواجب المهني الذين سقطوا أثناء إدائهم مهامهم في المستشفيات ومراكز الإسعاف وهنّ الممرضات:
لينا أبو حمدان، جيسي قهوجي داوود، جيسيكا بازدجيان، ميراي جرمانوس وجاكلين جبرين.
إنها ضريبة الدم تدفعها مهنة التمريض من جديد وتقدّم خيرة شاباتها وشبابها فداءً عن الإنسان والمجتمع والصحة.
إنه قدر الممرضات والممرضين الذين لم يبخلوا يوماً عن تلبية نداء الإستغاثة لنجدة وإسعاف المصابين والجرحى والعناية بالمرضى والمحتاجين مهما كان ثمن التضحية غالياً. إنه نضال الأبطال الذين برهنوا مرة جديدة أنهم صمام أمان وخطّ الدفاع الأول عن الناس في كلّ الأزمات والكوارث، وكلّما سقط شهيد يعاهده زملاؤه بتكملة المسيرة.
إنّ النقابة إذ تقدّر كل الجهود الجبّارة التي بذلت في الساعات الماضية، تتقدّم من ذوي الشهداء بأحرّ التعازي القلبية وتتمنى للجرحى الشفاء العاجل وتعاهد كافة الزملاء بأن الدم والعرق لن يذهب هدراً... ولا بدّ للّيل أن ينجلي".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها