السبت 2022/03/26

آخر تحديث: 17:30 (بيروت)

جوليا عودة تنضمّ لقافلة شهداء المرفأ: عودة ذاكرة الدم!

السبت 2022/03/26
جوليا عودة تنضمّ لقافلة شهداء المرفأ: عودة ذاكرة الدم!
الحقيقة والعدالة والمحاسبة أو عودة لشعار "القضاء.. أو سيكون الدم بالدم" (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
لن ننشر صورتها على فراش المستشفى، في الصحف والمواقع. لن نسأل أين كانت يوم 4 آب. لن نسائل أهلاً عن ابنتهم، وبماذا كانت تعمل أو ماذا حملت من درجات جامعة. لن نتوقّف عند حقيقة أنها استيقظت من الغيبوبة بعد شهر من انفجار مرفأ بيروت. لن نسأل عن كمّ العمليات الجراحية والعلاجات التي خضعت لها على مدى 600 يوم من العذاب ومحاولات التعافي والنهوض من جديد. لن نسأل عن كل هذا. كل هذه التفاصيل لا تعنينا، لأنّه على الرغم منها ثمة حقيقة ثابتة وخلاصة نهائية تقول إنّ جوليا عودة فارقت الحياة اليوم السبت نتيجة الإصابات التي تعرّضت لها في انفجار المرفأ.
ضحية جديدة تنضمّ إلى القافلة الطويلة. مثل عباس مظلوم وإبراهيم حرب، اللذين توفيا بين أيلول وتشرين الأول الماضي، ركبت جوليا اليوم قطار شهداء المرفأ.

من بين مختلف ضحايا الانفجار، مع عباس وإبراهيم، يمكن أن تكون جوليا عودة قد عاينت عن قرب مسار الأحداث منذ استفاقتها من الغيبوبة في أيلول 2020 وحتى اليوم. بالتأكيد سمعت أنّ ثمة دولة لبنانية وعدت اللبنانيين بكشف الحقيقة في خمسة أيام ومحاسبة المسؤولين عن مجزرة 4 آب.
وبالتأكيد أيضاً سمعت حقيقة ما يحصل في هذه الجريمة التي ارتكبت بحقّها، شخصياً وبحق زملاء وأصدقاء لها، وبحق بيروت طبعاً. قرأت كيف تعمد دولتها إلى طمس الحقيقة وإبعاد المحاسبة عن المرتكبين. وشاهدت كمّ الضحايا المكدّسين في طوابير السؤال عن التحقيق والعدالة.

بعد عباس وإبراهيم، دور جوليا اليوم في نكء أدمغة من يحكمونا، علّ هذه الرؤوس تصدر بعضاً من الأحاسيس والمشاعر. في إحدى التحركات السابقة للجنة ضحايا وشهداء انفجار المرفأ، قالت والدة أحد شهداء فوج الإطفاء ما معناه إنّ "الحجر بكى على وجعنا، والمسؤولون لم يشعروا بشيء بعد". هؤلاء، هم، الذين في السلطة يتلطّون خلف كراسيهم ومناصبهم وطوائفهم وفي دور العبادة، لا مشاعر فيهم. لا دماء فيهم. فقط أموال وسلطة وجاه وسمسرات وتركيبات وصفقات. يحمون أنفسهم ويتناوبون على الحراسة. أحدهم يشنّ الحملات على التحقيق، آخر يفرّغ معنى السلطة القضائية، ثالث يعبث بالتشكيلات القضائية، رابع يركب موجة الضحايا ليستغلّها سياسياً، خامس متفرّج، وسادس يغط في نومه.

جوليا عودة، ضحية جديدة لانفجار مرفأ بيروت الذي لا رقم رسمياً بعد حتى الساعة لعدد ضحاياه الفعليين. 220، أو 221؟ لا نعرف، لأنّ دولتنا لا تعرف ولم توثّق الضحايا وترفعهم إلى مرتبة شهداء الواجب. واجب الكفاح اليومي. ولا نعرف، لأنّ دولتنا لن تحاسب المرتكبين. لأنّ دولتنا ارتكبت المجزرة بنا. بعد جوليا عودة، كما قبلها، المطلب واضح في الحقيقة والمحاسبة والعدالة، أو عودة بديهية لشعار رفعه أهالي الضحايا يوم 19 أيلول 2020 "سنأخذ حقنا بيدنا إذا ظلمنا القضاء.. وسيكون الدم بالدم".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها