الثلاثاء 2020/04/07

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

لعبة ورقية مبتكرة للعيش وجهاً لوجه وكسر عزلة كورونا

الثلاثاء 2020/04/07
لعبة ورقية مبتكرة للعيش وجهاً لوجه وكسر عزلة كورونا
استوحى مارتن خليل اللعبة من برامج المواعدة الأجنبية (المدن)
increase حجم الخط decrease
منذ تفشّي كورونا وإعلان التعبئة العامة في لبنان، أوى الجميع إلى بيوتهم، وتغير نمط الحياة اليومية، وتلاشت عادة الجري وراء مشاغل الحياة في الخارج. ومن كان يعتصر يومه ليمنح عائلته بعضاً من وقته، صار يومه فضفاضاً وبات أمامه وقت فائض للمسامرة والجلوس مع من يشاركونه المنزل.

الحب والتضحية
وبينما يقضي غالبية الناس وقتهم في مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وجد المصور والمصمم الغرافيكي الفلسطيني الشاب، مارتن خليل، في هذه الأزمة فرصة لإصدار لعبته الورقية التي كان يعمل على إعدادها قبل انتشار فيروس كورونا. 

".. في زمن كورونا". هذا هو الاسم الذي أطلقه مارتن على لعبته الورقية. اقتبس الاسم من عنوان رواية "حب في زمن الكوليرا" للروائي الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز: "هي من أفضل الروايات التي قرأتها ولها تأثير خاص علي، ووجدتها مرتبطة بما يجري اليوم. الحب والتضحية؟ نحن في بيوتنا لحماية من نحب في ظل انتشار الوباء"، قال الشاب الثلاثيني في حديثه إلى "المدن". وعن النقاط الثلاث التي تسبق الاسم، يقول إنه ترك الخيار لحامل اللعبة. فقد يكون اللاعبون أصدقاء أو أشقاء أو أحباء، لذلك لم يشأ أن تكون اللعبة حكراً على علاقات محددة.



العيش وجهاً لوجه
استوحى مارتن اللعبة من برامج المواعدة الأجنبية blind dates، التي تتبع أسلوب طرح الأسئلة للتعارف وكسر الحواجز: "انعملت اللعبة بوقت انفرض علينا حجر صحي لنحمي حالنا ونحمي غيرنا من كورونا، وقبل ما تجي يلي ما بتتسمى، نحن كنا بعاد وما منعرف كتير اشيا عن بعض"، يقول النص التعريفي في الكتيّب المرفق باللعبة.

وفضّل مارتن أن تباع لعبته ورقياً لا الكترونياً، لأنه يرى أن الأجوبة عن الأسئلة على الشاشة قد يفقد اللعبة مصداقيتها. وهو يضيف: "لأول مرةٍ منذ سنوات، أجبر الناس على الجلوس معاً لوقت طويل. وهذه فرصة علينا اغتنامها لتحسين علاقاتنا الاجتماعية، بعيداً عن زيف العالم الافتراضي. هي لعبة اجتماعية وستكون ممتعة كثيراً، في حال العيش وجهاً لوجه مع من تلعب معهم".

ولعبة "... في زمن الكورونا" هي لعبة حفلات شفهية في الغالب، وتتطلب لاعبَين أو أكثر، ومؤلفة من فئتين: الأولى تحمل قطعاً ورقية صفراء، طبعت عليها أسئلة متنوعة. والفئة الثانية تحمل مجموعة أوامر طبعت على قطع ورقية برتقالية اللون. ويتناوب لاعبوها على سؤال بعضهم البعض الآخر عبر سحب ورقة "سؤال" من الباقة المؤلفة من 96 سؤالاً، وعلى صاحب الدور أن يجيب عن السؤال المكتوب على الورقة بصدق تام، رغم ما يسببه له من إحراج.

لكن اذا امتنع عن الإجابة، تقدم له اللعبة خياراً آخر: اختيار ورقة من باقة "الأمر" المؤلفة من 24 ورقة، وعليه تنفيذ المهمة المطلوبة منه من دون اعتراض.



اللهجة البيضاء
وكان المصمم الغرافيكي قد عمل على جمع الأسئلة من مواقع أجنبية وترجمها باللهجة اللبنانية المحكية بمساعدة صديقيه، ثم قاموا بتجربتها في لقاءاتهم الحية واستكملوا العمل عليها عبر اتصالات الفيديو بعد فرض الحجر الصحي.

ويرى مارتن أن "اللهجة البيضاء" هي الأقرب إلى جيل اليوم. وأن معظم أبناء هذا الجيل ينفرون من العربية الفصحى. لذلك استخدمت في اللعبة اللهجة اللبنانية المتوسطة أو البيضاء، وكذلك في النصوص التي تقدم شروحات عن فيروس كورونا وأعراضه التي تظهر على حاملي المرض، والارشادات الوقائية الواردة في الكتيب المرافق باللعبة.

تحدي الملل
ويشرح المصمم الغرافيكي أهمية اللعبة، فيرى أنها "طريقة رائعة لمعرفة المزيد عمن يشاركك المنزل، لتوطيد علاقتك به، وربما لأكثر مما تريد أن تعرف".

فالأسئلة المستخدمة في اللعبة "مفتاح لمواضيع عديدة قد لا يخطر ببالنا العودة إليها، كالطفولة، وفيلمنا المفضل، وذكريات أخرى ربما كنا نرفض الحديث عنها سابقاً. هي لعبة التحدي، تحدي الملل، وكسر الجمود".

وأصدر مارتن الطبعة الأولى في منتصف شهر آذار الماضي. وهي تضمنت 25 نسخة. وهو الآن يستعد لطرح الطبعة الثانية. ويروج لها الكترونياً على صفحة تصاميم مارتن martin graphics في فيسبوك وإنستغرام، ويتواصل طالبوها معه عبر صفحاته هذه. وفي ظل الظروف المستجدة يقوم مارتن بتوصيل اللعبة بنفسه إلى المناطق اللبنانية كافة، علماً أنه يسكن في صيدا.

ولاقت اللعبة إعجاب كثيرين صوروا أنفسهم فيما هم يلعبونها ونشروا الصور عبر هاشتاغ #لعبة_في_زمن_الكورونا.

ويختم المصمم الغرافيكي: "المنزل هو جغرافيتنا الجديدة التي تستوعب نمط حياتنا الجديد، وهو فرصة لتحسين علاقاتنا وترميم ما اهترأ منا ومنها".

وتعد اللعب الورقية من أكثر التسالي انتشاراً في العالم. وقد راجت كثرة منها في السنوات السابقة، رغم سيطرة الألعاب الإلكترونية. أما تاريخياً فكانت لعب (السؤال والأمر) موجودة منذ قرون. ومن الممكن أن نرجع تاريخ اللعبة إلى عام 1712، عندما كانت اللعبة تقوم على طاعة أوامر القائد في الرد على سؤال معين. وإذا رفض الرد على السؤال، فهذا يعني إخفاق في إرضاء القائد. ولهذا يتلقى عقاباً على عصيانه الأمر. ويكون العقاب صعباً للغاية ويجب أن ينفذه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها