الجمعة 2020/12/04

آخر تحديث: 18:38 (بيروت)

"17 تشرين" بحركتها الطلابية: تيار جارف ينطلق من الجامعات

الجمعة 2020/12/04
"17 تشرين" بحركتها الطلابية: تيار جارف ينطلق من الجامعات
نبض جديد للانتفاضة ترجمته الانتخابات الطلابية تباعاً (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
بات الطلاب المستقلّون والنوادي العلمانية يمثلون ما يزيد عن 30 ألف طالب في 4 جامعات خاصة تمّت فيها الانتخابات الطالبية هذا العام. وهي الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية وجامعة رفيق الحريري وجامعة القديس يوسف. أربعة انتصارات في أربع محطّات، والاتجّاه الآن ينصبّ على جمعها كلها في خطاب واحد واضح وعام، يترجم فعلياً حال التحرّر التي تعيشها الحياة الجامعية في لبنان. انتصارات لا لبس فيها، تترجم مزاجاً طلابياً وخياراً سياسياً في التخلّي عن كل الزعامات والأحزاب والطوائف والطائفية، كثمرة من الثمار المؤجلة من انتفاضة 17 تشرين.

عناوين المواجهة
في هذه الجامعات الأربع، ينتظر تكتّلات قوى التغيير عملاً مضنياً قد يمتدّ لعام أو أكثر. في صلب الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية. سيكونون رأس حربة مواجهة النظام في وجوهه المتعدّدة، في إدارات الجامعات وفي الشق المالي الخاص بالأقساط من جهة والحال الاقتصادي العام من جهة أخرى. بين عناوين دولرة الأقساط وتحديد أسعار صرف الدولار لدفعها بالليرة اللبنانية، وتأجيل دفع الأقساط ودعم الطلاب في واقع اقتصادي صعب، وحرية التكتلّات والاحتجاج والاعتراض داخل المؤسسات التعليمية، ومطالب التغيير السياسي العام في الدولة المدنية وقانون الانتخاب وسنّ الاقتراع ومحاسبة الفاسدين، قد يبدو العبء كبيراً. وهو فعلياً بحجم الأزمة العامة في البلد، بطولها وعرضها. وبقدر ما العبء كبير، فإن كرة ثلجه أشدّ وقعاً على قوى السلطة والطوائف التي اعتادت بكثير من الكسل تقاسم المقاعد وتوزيع حلوى المحاصصات.

جبهة الجامعات
وتشي الأجواء المتصاعدة من مختلف النوادي العلمانية والطلاب المستقلين الفائزين في مختلف الانتخابات الجامعية، أنّ التواصل والتنسيق قائمان بين مختلف نوادي هذه الجامعات من أجل توحيد الجهود. فيبدو أنّ جبهة طلاب جامعيين واحدة، عابرة للكليات والمجمّعات والجامعات، في طريقها إلى البناء في ظلّ هموم وهواجس وأهداف ومبادئ ومطالب مشتركة على حدّ سواء. فقد نكون اليوم فعلياً أمام تجربة طلابية تغييرية ضخمة، شبيهة بالحركة الطلابية التي نشأت وانطلقت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي في لبنان، كما في سائر العالم. مع فارق كبير ومصيري، أنّ هذه الحركة اليوم ليست من أحزاب أو طوائف أو شعارات سياسية ضخمة و"جبّارة" قوّامة عليها. لم تنشأ في حرب باردة ولا مع حركات احتجاج عابرة للبلدان والقارات. وللمصادفة أنّ مطالب اتحادات الطلبة، الخاصة بالطلاب وواقعهم، في تلك الفترة لا تزال معلّقة تنتظر من يحييها ويدفع لتنفيذها من جديد.

اليسوعية.. علمانية
في مؤتمر صحافي عقده النادي العلماني في الجامعة اليسوعية اليوم، تأكيد على أنّ الانتصار الانتخابي "للعلمانيين، والطلاب لن يهدوا انتصارهم لأي زعيم أو طائفة". كلمة منمّقة، جذرية وواضحة في توجّهها. تأكيد على فوز 85 مرشّحاً في 12 كلية من أصل 12 تمّ الترشّح فيها، وجاء خلاصة "إرث من أجيال توالت على النضال الطلابي منذ عقود". تشيّد على نبض 17 تشرين، وما سبقها في نضالات سابقة، على اسم فرج الله حنين ومعركة تأسيس الجامعة اللبنانية، واسم الشهيد سمير قصير، فـ"اليسوعية لم تكن قلعة حزب أو زعيم، ولن تكون اليوم". فتم الانتصار في اليسوعية رغم "كل العنف الذي حصل في محيط الجامعة لشد العصب الطائفي، وكل الحملات الممنهجة التي استهدفت النادي العلماني"، في ظلّ حرب مستمرّة "أعلنها النظام علينا من خلال المصارف التي سرقت جنى عمرنا وعمر أهلنا، وتهديد مستقبلنا، والجوع وخط الفقر والقمع في الشوارع والميليشيات التي تفرض نفسها داخل الحدود وخارجها".

مطالب طلابية وعامة
وعلى أجندة النادي العلماني في الجامعة اليسوعية رؤية واضحة للمطالب والدولة التي يسعى الطلاب إلى العيش فيها. وعي سياسي فاقع، وعناوين متكاملة تترجم فعلياً مطالب شبان وشابات جامعيين، وسائر المكوّنات المجتمعية الأخرى. نريد "دولة علمانية ديموقراطية تعاملنا كمواطنين وليس رعايا طوائف. دولة العدالة الاجتماعية التي تؤمن للجميع السكن والتعليم والصحة، تنهي كل الممارسات العنصرية ضد اللاجئين والعمال المهاجرين، لا مركزية تؤمّن الإنماء وفرص عمل وحياة كريمة لأهل الشمال والجنوب والبقاع، تنهي النظام الأبوي وتعطي النساء كل حقوقهن، تساوي الكل بقوانين مدنية للأحوال الشخصية، تحاسب المجرم والفساد وليس عصابة تحمي بعضها لتنهب على أشلاء شعبها. دولة تحمينا كلنا، وتدافع عنا كلنا، بلا ميليشيات وبلا عصابات". مع تأكيد على إطلاق مؤتمر وطني لجميع طلاب لبنان، في 12 كانون الجاري، تفاصيله غير معلنة بعد.

"اللبنانية".. التغيير المؤجّل
نبض جديد للانتفاضة ترجمته الانتخابات الطلابية تباعاً، وأثره الأقوى أنه خارج من الجامعات، من الشريحة الشبابية الأكثر تأثيراً ونشاطاً على مختلف الأصعدة. نفس التغيير في الحياة السياسية انطلق من الجامعات الخاصة، ويبقى مؤجلاً في الجامعة اللبنانية التي سطت عليها الأحزاب والطوائف طيلة عقود الحرب والسلم الأخيرة. حتى أنّ المعركة مع هذه الأحزاب في الجامعة الوطنية أصعب بكثير، لاعتبارات كثيرة منها الطائفي والمذهبي والتوزّع الجغرافي والمناطقي، إضافة إلى تسييس الجسم الإداري والتعليم وكافة اشكال الضغوط الممارسة فيها. ومع ذلك، يستمرّ هرب السلطة من تنظيم الانتخابات في "اللبنانية" تحت حجج الاحتقان السياسي. وهي المسؤولة أساساً عن تنظيم الاقتتال الأهلي في مناسبات مختلفة.

إلى الآن، جاءت الانتخابات الطلابية في صالح لوائح التغيير. انبثقت الروح الطلابية الجديدة عن انتفاضة 17 تشرين وتحرّكات الشارع وجوّها العام، وراكمت تجاربها في الكليات والجامعات. ومصيرها لن يبقى في حرم المجمّعات الجامعية فقط، إذ لا بد أن تعود إلى الشارع من جديد. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها