الخميس 2018/04/05

آخر تحديث: 10:19 (بيروت)

في أندونيسيا دار أيتام للقردة

الخميس 2018/04/05
في أندونيسيا دار أيتام للقردة
تسعى الجمعية إلى تلقين القردة بناء أعشاشها بنفسها قدر المستطاع (Getty)
increase حجم الخط decrease

أنشأت جمعية "إنقاذ السعالى في بورنيو Borneo Orangutan Survival" ملجأين لانتشال أيتام السعالى، والاعتناء بها، ثم إطلاقها في الغابات، بيئتها الطبيعية، بعد بلوغها مرحلة "المراهقة". ويستمر منتسبو الجمعية، التي أسسها هولندي يدعى ويلي سميتس، في متابعة القردة "المتخرجة"، ويتابعونها في أماكن إقامتها الجديدة في زيارات طبية و"اجتماعية" للتأكد من خلوها من الأمراض وتأقلمها على الوضع الجديد المتوحش. فالحياة في الطبيعة لا تشبه بتاتاً الدلال الذي تلقاه القردة في المركزين الخيريين أثناء "طفولتها".

وتُعدُّ جزيرة بورنيو معقل السعالى، القردة التي سماها الإندونيسيون أورانغ أوتان، أي "رجال الغابة" باللغة المحلية. فشبهها ببني آدم جعل الأقدمين يهابونها ظناً أنها بشر شريرون يقطنون الغاب. الحق يقال، الإرث الجيني للسعالى مطابق للإرث الجيني البشري بنسبة 96.4%. لكن قطع أشجار غابات بورنيو، فضلاً عن الحرائق، أدى إلى انحسار رقعة الغاب، المكان الطبيعي لحياة تلك القردة الذكية. كما يسهم صيدها غير المشروع في تناقص أعدادها.

يأوي أحد "دارَي الأيتام" التابعين للجمعية أكثر من 300 قرد يتيم، تحت إشراف اختصاصية دنماركية، نذرت حياتها لإنقاذ قردة "أورانغ أوتان" من الانقراض. قبل ذلك، كانت تعمل.. كمضيفة طيران. وفي العام 1993، التحقت بفريق عالمة القردة المخضرمة بيروته غاليديكاس، التي بدأت تهتم بمصير السعالى والغوريلا في ستينات القرن الماضي.

ولعدم كفاية المركز لإيواء أعداد النازلين المتزايدة، بدأت مديرته تستضيف قسماً من القردة حديثة الولادة في محل سكناها، حيث تسرح وتمرح في غرف بيتها وصالونه. هكذا، أصبحت أشبه "بأم بالتبني" لتلك السعالى اليافعة، التي فقدت أمهاتها الطبيعية لسبب ما، خصوصاً حرائق الغاب. ولا نعرف إن كانت تلك القردة غزلاناً في عين "أمهم" الأوروبية.

منذ الصباح الباكر، تستيقظ مربية القردة مع صراخ الصغار المطالبين "بفطورهم" من الحليب، فتسقيهم بالرَّضاعة بنفسها. وذلك ما عهدت عليه أيضاً زميلاتها المربيات الإندونيسيات العاملات في المركز، اللائي يقمن أيضاً بتبديل "حفاضات" أصغر النازلين، وغسل الصغار وتجفيفها، كمربيات دور الحضانة البشرية. ويتعاقبن على السهر طوال الليل لمراقبة القردة وتلبية احتياجاتها ومكافحة روائح "حاجاتها".

المشكلة أن ذلك التقارب لفترات طويلة والعناية اليومية شبه الأمومية يؤديان إلى حالة من التآلف والعاطفة المتبادلة بين العاملات والقردة. وتنجم عن ذلك مشاكل "نفسية" لاحقاً، عند "الفراق" الذي لا بد من التسليم به حين تكبر السعالى وتحين ساعة إرجاعها إلى بيئتها الطبيعية في الغاب.

كما خُصص فريق بيطري دائم للاهتمام بالقردة، وإجراء عمليات جراحية لها عند الضرورة، وإخضاعها إلى فحوصات وتحاليل مجانية.. من دون بطاقة صحية. والطريف أنهم يسجلون أيضاً بصمات أصابع القردة، لا لأسباب جنائية طبعاً إنما لتحديد هوياتها لاحقاً. ولذلك التمييز أهميته، حيث تتقاطر على الملجأ قردة يتيمة جديدة باستمرار، يجلبها المزارعون بعد نفوق أمهاتها في الحرائق.

فعندما يجد فلاح سُعلية صغيرة وحيدة من دون أمها، يحزر أنها يتيمة لأن السعلية الأم لا تتخلى عن صغيرها بتاتاً، ولا يفصلهما سوى الموت. كما يعي أن ترك قردة يتيمة هائمة في البرية يعني نفوقها المؤكد خلال أيام. وبدلاً من بيعها إلى المهربين، يفضل جلبها إلى "دار الأيتام" والحصول على مكافأة نقدية مشجعة.

وتسعى الجمعية إلى تلقين القردة بناء أعشاشها بنفسها قدر المستطاع، تمهيداً لحياتها المقبلة في البرية. وحين يبلغ القرد 3 إلى 4 سنوات (حسب "شخصيته" وقدراته الطبيعية)، يُترك خلال النهار في الغابة ليتعلم جني الفواكه. لكنه يعاد إلى الملجأ لتمضية الليل في مأمن. وفي سن 4 إلى 5 سنوات، يحتاج بعض القردة إلى فترة تأهيل للحياة الاجتماعية مع السعالى الأخرى، فتترك معها لفترات وجيزة في البداية، ثم تتزايد المدة شيئاً فشيء. وحين يجد الفريق البيطري أن القرد بات قادراً على الاستقلال الذاتي وتحمل "مسؤوليات" معيشة الغاب، يطلقه في بيئة طبيعية مؤهلة لتأمين الاكتفاء الذاتي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها