الثلاثاء 2018/11/20

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

المرض "إكس" يهدد البشرية

الثلاثاء 2018/11/20
المرض "إكس" يهدد البشرية
قضت الانفلوانزا الاسبانية على عشرات الملايين بمطلع القرن العشرين (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease

انتشر في الآونة الأخيرة مقالات علميّة عديدة، تناولت عدداً من العوامل المتفرقة التي قد تشكّل خطراً على حياة الإنسان، لكن أخطر ما تمّ تداوله كان إضافة العلماء مرض جديد غامض، أسموه "إكس" (علامة المجهول)، إلى القائمة التي تحتوي على أوبئة مدمّرة مثل: فيروسات إيبولا وسارس ومرض زيكا.

 

التفشّي الكاسح

في آذار 2018 أطلق علماء منظّمة الصحة العالمية مصطلح المرض "إكس" Disease X  الذي يشير إلى مرض وبائي يهدد البشر ومجهول حتى الآن، ونصحت المنظّمة العلماء ببذل قصارى جهدهم لإعداد أنفسهم لمواجهة الوباء القادم، الذي من المنتظر أن يكتسح العالم. وقد كثرت التكهنات حول بداية الفيروس اذا كانت في روسيا أو كوريا الشمالية دون وجود أي دليل ملموس. لكن الأكيد هو ما قاله العالم النرويجي ومستشار منظّمة الصحة العالمية "جون آرني روتنجن" إنه من المرجح أن يكون التفشي الوبائي التالي "أمراً لم نشهده من قبل".


ما هو سبب المرض القاتل؟

تطلق منظّمة الصحة العالمية من وقت لآخر قائمة من مسببّات الأمراض، التي تعطي الأولوية لها في أبحاثها، من خلال عملية مدروسة بعناية، ويسلط الخبراء الضوء على "الأمراض التي تشكّل خطراً على الصحة العامة بسبب إمكاناتها الوبائية". لكن العلماء عتّموا على الدليل الذي يبرهن وجود المرض، والحالة المرضية التي تم تشخيصها، إن وجدت، واكّتفوا بطرح افتراضات بأن هذا المرض سيكون من صنع الإنسان، نتيجة تطويره سلاحاً بيولوجياً، أو فيروساً أو بكتيريا موجود حالياً في الطبيعة، ولكنه يمر بطفرة جينيّة تجعله خطيراً وسهل الانتقال وقاتلاً، أو هو مرض يصيب الحيوانات، ولكنه يتحوّر، ليصبح قادراً على الانتقال إلى البشر بسهولة، مثل إنفلونزا الطيور.

لا ينبغي أن نتفاجأ عندما نسمع أن مرضاً غير معروف، قد وُضع في قائمة الأوبئة القاتلة. فمعظم الأوبئة من الناحية التاريخية كانت غامضة قبل انتشارها. نحن بالكاد نلاحظ ظهور هذه الوحوش الميكروبية القاتلة حتى تبدأ في قتل أعداد كبيرة من الحيوانات البرية أو البشر، والبنية التحتية الصحية تميل إلى  محاولة إيجاد العلاج بعد وقوع الكارثة.

لكن الأخطر مما ذُكر آنفاً هو ذهاب العلماء إلى تشبيه ما هو قادم إلى حد بعيد بالإنفلونزا الإسبانية، التي تفشّت في العالم عام 1918 وسبّبها فيروس H1N1 شديد الفوعة (أحد أنواع إنفلونزا الخنازير) وأصابت تقريباً 500 مليون إنسان حول العالم وأدت لوفاة ما بين 50 – 100 مليون إنسان أي ما يعادل 3 – 5 في المئة من سكان العالم وقتها.

معلومات جديدة

يرجّح بعض العلماء أن يكون مصدر المرض إكس في الحيوانات ثم ينتقل إلى البشر، وهو ما يعرف باسم مرض حيواني المنشأ. وعلى أي حال، "إنها مجرد مسألة وقت"، كما قال توم فريدن، المدير السابق لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أميركا، الذي شددّ أن الولايات المتحدة، ليست مستعدّة بشكل كافٍ لذلك.

وقام العلماء بخطوات واسعة في محاولة الكشف عن المرض المجهول، واكتشفوا فيروسين جديدين، في الخفافيش الميانميرية. والملفت إن هذين الفيروسين ينتميان إلى عائلة فيروس كورونا، الذي تسببّ بالفعل في كوارث وبائية على كوكب الأرض.

من جهته قال مارك فاليتوتو، وهو طبيب بيطري للحياة البرّية ببرنامج الصحّة العالمية التابع لمعهد سميثسونيان للحفاظ على البيئة: " الأمراض القادمة ستأتي على الأرجح من آسيا أو أفريقيا، لأن هذه هي الأماكن التي يدمّر فيها البشر البيئة بشكل أسرع. إننا نشهد تعرّض الغابات للتهديد، مما يجعل الحياة البرّية في هذه المناطق على اتصال وثيق مع البشر. وقلقنا هو أنه إذا كنت تستخدم الغابات للطرق والزراعة، فإنك تعطّل النظام البيئي. سوف تغادر الحيوانات الغابة وتتعرّض للبشر".

وجدت أخصّائية الطب البيطري ترايسي ماكنمارا، وهي أستاذة في جامعة ويسترن للعلوم الصحّية، أن الفجوة بين قطاع الصحّة العامة وقطاع الصحّة الحيوانية تجعل من الصعب للغاية التعرّف على التهديد الجديد والاستجابة له.

متحف لندن يسلط الضوء

 نظّم متحف لندن في 16 تشرين الثاني 2018 فعالية علميّة لتسليط الضوء على مخاطر المرض "إكس"، وعن هذا الموضوع قالت المنسّقة المشاركة للفعالية فيكي سباركس: "إن التكنولوجيا والأدوية الجديدة ستساعدنا على التأقلم بشكل أفضل مع تفشٍّ غير معروف مستقبلاً".

تشير سباركس إلى أن لندن مستعدّة بشكل جيد لأي تفشٍ محتمل، كما أن المراقبة الطبّية المستمرّة لها، صارمة. وتضيف أن العاصمة البريطانية نجحت بعد أن قتل الجدري بين 8 و 20 في المئة من سكانها في القرن الثامن عشر، بالقضاء على المرض تماماً بعد إدخال التطعيم في عام 1980.

يفترض منظّمو الفعالية العلمية أن نجاحات العاصمة البريطانية في التعامل مع الأوبئة عبر التاريخ، يجب أن تكون مصدر إلهام للتعامل مع وصول المرض "إكس"، ولكن لا بد من القول والتحذير بأن المعلومات العلميّة المتاحة حتى الآن لا تسمح بمقاومة هذا المرض إذا انتشر بطريقة مفاجئة وسريعة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها