يحاول المهندسون المعماريون ادخال طرق جديدة إلى هندسة الأبنية بهدف المنافسة والتميز. إلا أن هدفاً جديداً أضافه مشروع لايفهاوس على طريقة البناء في لبنان، وهو الحفاظ على البيئة. هكذا، سنشاهد للمرة الأولى في لبنان والشرق الأوسط منزلاً صديقاً للبيئة، بعد تنفيذ النموذج الأول قريباً في بلدة بسكنتا.
بدأت فكرة المشروع بوحي من الأزمات البيئية والخدماتية التي يعاني منها لبنان، التي ولدت لدى المهندس المعماري نزار حداد تصوراً يعالج هذه المشكلات، بدءاً من المنزل الذي نعيش فيه. لكن أزمة النفايات الشهيرة في العام ٢٠١٥ شكلت الدافع الأساسي لانطلاق المشروع. فتشكل فريق عمل من عدة أشخاص قرروا تنفيذ مشروع لايفهاوس.
ما يميز هذا المنزل، وفق ما يقول فريق عمل المشروع، لـ"المدن"، هو قدرته على تعويض تقصير الدولة اللبنانية في ما يتعلق بتأمين الكهرباء والماء وغيرهما من الخدمات. فبإمكان المنزل تأمين طاقته بنفسه عبر استخدام الطاقة المتجددة كأشعة الشمس والهواء والمياه. ويتميز بقدرته على استغلال المساحات الخضراء لتأمين الغذاء لصاحبه، واستخدام المياه وإعادة تكريرها.
إذا كانت الفكرة واحدة، غير أن تصميم المنزل سيختلف وفق اختلاف موقع بنائه. أي أن المنزل سيسخر محيطه للإستخدام الجيد. فمثلاً، في حال وجد مصدر للمياه بالقرب من المنزل، سيدمج في هيكل لتوليد الطاقة. وفي حال عدم وجود نهر أو تيار، سيتم دمج نظام تجميع مياه الأمطار في الهيكل. كما يمكن استخدام طواحين الهواء وغيرها من النظم.
ويسهم المنزل في التخفيف من أزمة النفايات، فهو يبنى من مواد مسحوقة مستخرجة من الموقع الذي سيبنى عليه. كذلك من مواد معاد تدويرها كالإطارات التي تُملأ بالرمال، وتستخدم في صناعة الهيكل. ما يحولها إلى كتل كثيفة مضادة للزلازل، وفق ما يقول القيمون على المشروع. وتستخدم العبوات الزجاجية نوافذ تسمح بدخول الضوء، وعواميد الكهرباء القديمة وغيرها من الأشياء.
يحاول المشروع أن يستهدف أكبر عدد ممكن من الأشخاص. لهذا السبب حدد ثلاثة نماذج للبناء: نموذج يتضمن الأساسيات وهو الأقل كلفة، والنموذج العادي متوسط الكلفة، وأخيراً النموذج الفخم. ورغم تعدد النماذج إلا أن شرط إمتلاك قطعة من الأرض كحد أدنى قد يعيق اقبال الشباب على المشروع، خصوصاً في ظل عدم قدرة أغلبهم على توفير هذا الشرط سوى في القرى البعيدة نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي.
أما بالنسبة إلى كلفة المشروع، فاستناداً إلى النموذج الأولي، الذي ستبلغ مساحته نحو ٢٥٠ م2، فإن الكلفة ستبلغ نحو 150 ألف دولار، أي 600 دولار للمتر الواحد. ويرجع السبب إلى كلفة التكنولوجيا الجديدة التي ستستخدم في بناء المنزل.
ويمكن للمنزل أن يمتد أفقياً على مساحة كبيرة، لكن لا يمكنه الارتفاع أكثر من طابقين. والمنزل كأي منزل عادي بحاجة إلى أعمال صيانة دورية.
"تفاجأنا بالتفاعل الايجابي مع فكرتنا. فالعديد من الأشخاص بدأوا التواصل معنا بهدف بناء نسختهم، لكننا نصب تركيزنا حالياً على نموذجنا الأول"، يقول فريق العمل لـ"المدن". لكنه يعترف بوجود عقبات تواجه المشروع، أبرزها اقناع الناس بامكانية استخدام ما يعتبرونه نفايات كمواد بناء. وكذلك اقناعهم بعيش حياة أكثر خضاراً وأقل ضرراً على الكوكب.
واللافت محاولة المشروع جمع 100 ألف دولار في مهلة شهرين عبر موقع indigogo، بهدف تأمين كلفة البناء. لكن اللايفهاوس سيستمر بتمويل ذاتي من فريق المشروع في حال لم يؤمن المبلغ اللازم.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها