يهدف البحث إلى محاولة تحديد مسألة الرجولة واستكشاف كيفية تحولها وتأثرها بالتطورات التي تحدث على مستوى "الحرب على الإرهاب" وكيفية استخدام الدولة لهذا الإطار بشكل أيديولوجي ومباشر لقمع ما يسمى بالأقليات الجنسية، واعتبار أن هذه الأقليّة تشكل خطراً على مفهوم الرجولة. من هنا انطلقت الدراسة بالعمل على المفهوم الأبوي وفهمه من منظور الرجولة ودورها في المجتمع، وقد تمّ استخدام مصطلح "الرجولة السياسية"، وهو مصطلح يرد إلى أساسيات بناء الدولة القومية. والأخيرة هي مشروع بدأ بعد الإستعمار كجزء من حركة التحرر الوطني. وقد تم بناء هذه الدولة بطريقة مجندرة، أي بطريقة تفصل بين الرجال والنساء وتتبنى مفاهيم خاصة لكل منهما.
اذا أمعنا النظر في ردات فعل الدولة نحو الحركات النسائية والمثلية في لبنان، نجد أنها في أغلب الأحيان تستعمل مبرر أن هذه الحركات تهدد الرجولة. مثال على ذلك، قانون حق المرأة في إعطاء الجنسية لأولادها. كان رد ممثلي الدولة أن هذا القانون يشكل تهديداً للبناء الديموغرافي والسياسي للدولة. وأيضا في قضية العنف الأسري كانت أغلب الخطابات تعتبر هذا المشروع تعدياً على حقوق الرجل. أما في قضية المثلية الجنسية، فخير دليل عليها هي حادثة الدكوانة في العام 2013 حين قرر رئيس بلدية الدكوانة، أنطوان شختورة، اعتقال أربعة أشخاص وإقفال الملهى الليلي "Ghost" بحجّة أن وجود المثليين يهدد أمن المنطقة والبلد ويهدد الرجولة.
من ناحية أخرى، تبدو معظم ردّات الفعل منسجمة بشكل كامل مع منظومة تمويل الجمعيات أو منظومة الحقوق المعتمدة عالميا، ان كان من ناحية الاولويات أو الطرق والأدوات المعتمدة، ولا سيما في القضايا التي تتعلق بالقمع المباشر للدولة. ففي قضية المثلية هناك التأثير السياسي والسيطرة السياسية على هذا التمويل، من قبل وزارتي الخارجية الأميركية والفرنسية وغيرهما. مشكلة هذا النوع من التمويل هي في فرض مسائل هوياتية من ناحية، وفرض انسجامها مع أولويات الدولة من ناحية أخرى. فهذه الجمعيات بالرغم من تحولها بالظاهر إلى مجموعات حقوقية وغير مسيسة، أي لا تخوض في السياسة، ولكنها تخضع إلى عمليّة إعادة تسييس. فالمطالبة بحقوقها تكون دائما منسجمة مع طروحات ضمن إطار الدولة.
مركز "دعم لبنان" هو مركز أبحاث يتناول قضايا المجتمع المدني، ويهدف لخلق مساحة تجمع بين منظمات المجتمع المدني، الباحثين والأكاديميين، الخبراء والناشطين، للعمل من أجل تطوير المعلومات والأبحاث من جهة، ومن جهة ثانية، من أجل تسهيل الوصول إليها
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها