الثلاثاء 2014/12/23

آخر تحديث: 16:45 (بيروت)

دولة إيران

الثلاثاء 2014/12/23
دولة إيران
من محاضرة لاريجاني في الجامعة اللبنانية (المدن)
increase حجم الخط decrease

 

زار رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لبنان في طريق عودته من "سوريا الأسد". التقى برئيس الحكومة تمّام سلام وبرئيس مجلس النواب نبيه برّي. لقاءان أتيا بعد محاضرة له في الجامعة اللبنانية في الحدث اعتبر فيها أن "لحزب الله دوراً فاعلاً في المنطقة أكثر من الدول". بطبيعة الحال، لم يسأل الرسميون الذين التقاهم لاريجاني عن هذا التصريح. منهم من هو مع هذا الدور. منهم من ارتضى به في ربطه للنزاع مع حزب كبير بهذا الحجم.

 

لاريجاني، الرجل القوي في منظومة ولي الفقيه، قال لأوّل مرّة ما هو ممارس منذ سنوات من قبل الحزب بأمر وتوجيه إيراني بحت. الآن، الحزب هو أكبر من لبنان، وأكبر من سوريا. هنا، يُمسك حزب الله بكل شيء. ليس بحاجة إلى أن يبذل أي جهد سياسي كونه منذ زمن، عسكر الحياة السياسية، وصار التعاطي معه من هذا المنطلق. وها هو اليوم يجلس مع "عدوّه" تيار المستقبل على الطاولة نفسها.

 

في سوريا، لولا تدخل حزب الله لكان النظام الذي يرأسه بشار الأسد في خبر كان منذ 3 سنوات. تُقدر إيران لحزبها "اللبناني" هذا الجهد وكمّ الدماء اللبنانية التي نزفها من أجل إبقاء يد طهران على شريان أساسي هو سوريا. هي اليوم، وبفضل هذا الجهد، تحتلّ سوريا فعلياً، وكل مشروع حلّ فيها لن يمرّ إلّا إن وافقت عليه، وطبعاً هذه الموافقة مرتبطة بما ستحصل عليه في المقابل، في الملف النووي وغيره من ملفات تبقي يدها في غير مكان من المنطقة العربية.

 

ضحى كثيراً حزب الله كي يصل إلى هذا المكان. رئيس مجلس الشورى الإيراني يعلنه دولة فوق كل الدول المحيطة به. ماذا يريد حزب الله أكثر من ذلك؟ لا شيء. هو أساساً لم يكن ينتظر مثل هذا الدعم المعنوي. سبق له أن هيمن على لبنان وركّع كل من يُفكّر بالاعتراض على ما يقوم به. الأصوات التي ما فتئت تدعو الحزب إلى عودته إلى لبنانيّته، يُمكنها أن تتأمّل طويلاً بتصريح لاريجاني. بعدها، قد تقتنع أن لبنانية حزب الله لا تعنيه كثيراً أو أبداً. حتى فولكلور الحوار خلفيّته "مصلحة إيرانية" بتهدئة مرحلية ومؤقتة.

 

أيضاً، يُمكن أن يُسأل وزير الدفاع سمير مقبل رأيه مثلاً بما قاله لاريجاني وهو الذي راح يبحث في إيران عن دعم عسكريّ للجيش ووجده. أليس من الأفضل أن يأتي هذا الدعم لدولة تعترف بها إيران، أي حزب الله، على أن يأتي لدولة ليس لها وجود بالنسبة للجمهورية الإسلامية؟ يُسأل أيضاً أولئك المنظرين لما قدمته إيران للجيش والمنتقدين لرفض أطراف حكومية هذا الدعم بحجة العقوبات: لا يُمكن مطالبة الدولة بقبول المساعدات. عليهم (المنظرون من فريق الممانعة والمقاومة)، مطالبة إيران بتحويل هذه المساعدات إلى دولة حزب الله. هكذا تُصبح مطالبهم فيها شيء من المنطق. الحرد يجب أن يكون على إيران لا على حكومة في دولة ضعيفة، دولة أصغر من حزب.

 

المقرّب من الوليّ الفقيه أعلن دولة حزب الله التي لها غالبية الأسهم في لبنان، وكذلك في سوريا. أسهم يصرفها الإيرانيون الآن كيفما يشاؤوا. يكفي الاعتراف من لاريجاني كي يشعر الحزب أن الجمهورية الإسلامية تُقدر له كل ما يفعله من أجلها. وطبعاً، لا أحد من الرسميين ممن التقاهم المسؤول الإيراني وممن لم يلتقهم لديه ما يقوله له ولحزبه، قبل وبعد هذا الإعلان من صرح لبناني، كان لبناني.

 

على أي حال، يحاضر لاريجاني في الجامعة اللبنانية، ورئيسها، "الملك"، عدنان السيد حسين يستمع بتمعّن إلى كل ما يقوله، ومن خلفه، أعلام حركة أمل وحزب الله تُرفرف عالياً. دولة حزب الله التي تحدث عنها لاريجاني، تنطلق من الجامعة اللبنانية. بالعلم، ومن الصروح العلمية، تُبنى الدول، وتترسّخ فكرتها.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها