الجمعة 2024/04/12

آخر تحديث: 18:30 (بيروت)

خطاب جعجع والراعي في وداع سليمان: هزيمة الفتنة

الجمعة 2024/04/12
خطاب جعجع والراعي في وداع سليمان: هزيمة الفتنة
جعجع: مواجهتنا مستمرة وطويلة.. والراعي: لضبط الوجود السوري (المدن)
increase حجم الخط decrease
نجحت بكركي و"القوات اللبنانية" ومنطقة جبيل، وصولاً إلى العائلة الصغيرة للشهيد باسكال سليمان في تظهير حرصها على "السلم الأهلي" وتحديد وجهة الصراع. فأتت الكلمات والمواقف لتعكس احتواءً للمصاب الجلل وحرصاً على البلد. وأكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن "مواجهتنا ليست للأخذ بالثأر أو رد فعل أو مواجهة طائفية أو مناطقية أو عرقية (...) إنما للانتقال من الواقع المرير المجرم الفاشل إلى واقع جديد آمن مستقر". مؤكداً "أن المواجهة مستمرة، مع كل اللبنانيين الشرفاء، لئلا نعود نتعرض كل 10 سنوات لحرب من جديد".

وعكس الحضور الواسع في كنيسة مار جريس في جبيل الاحتضان الوطني للضحية، كما التضامن مع "القوات" والكنيسة والعائلة. وقد ترأس الصلاة البطريرك الماروني بشارة الراعي، وشارك فيها، إلى نواب تكتل الجمهورية القوية، أبرز "نواب التغيير" و"كتلة الاعتدال الوطني" وكتلة "تجدد"، وممثلون عن "كتلة اللقاء الديموقراطي" و"الكتائب " و"الأحرار" والسيد علي الأمين. وتمثّل "التيار الوطني الحرّ" بنائب رئيسه للشؤون الخارجية ناجي حايك، إضافة إلى حشد من المحازبين. 

كلمة البطريرك: لا للخوف
البطريرك الذي غلبته دموعة أكثر من مرّة، تلا بعد الإنجيل عظة، قال فيها إن "الرحمة الغافرة والعدالة لا تنفصلان. ولكن لا غفران من دون عدالة". مستشهداً بكلام "زوجةُ الشهيد باسكال سليمان، المهندسة ميشلين يوسف وهبة، فيما الألم يعتصر قلبها وقلب كلٍّ من ابنتها وابنيها، إذ قالت: "مسيحنا قام من الموت، وتغلّب عليه. نحن أبناء الرجاء والحياة. نحن أبناء اللاخوف. منشان هيك ما منخاف، وما راح نخاف حتى من الموت".

وأردف "لم تتلفّظ بما نسمع اليوم صباحًا ومساءً، في الحرب والنزاعات والاعتداءات، بكلمة "ثأر" أو "قتل" أو "اتّهام". بل غفرت بصمت وفقًا لثقافتها الإيمانيّة، تاركة قرار العدالة إلى القضاء، يقينًا منها أنّ "العدالة أساس الملك". عندما مسّت جمرة الوجع الكبير كيان هذه الزوجة والأمّ، فاح أريج إيمانها. فرفعت فكرها وعقلها وقلبها إلى السماء، حيث حبيب قلبها ورفيق دربها وأبو أولادها يشارك في مجد القيامة". وتابع "لقد بدّلت بكلمتها المنطق السائد، والمتأجّج وهو منطق الإنتقام والثأر والتحريض والشائعات وبثّ المعلومات الكاذبة وخلق أجواء محمومة واتهامات، وبها دعت إلى تهدئة هذه الأجواء، وإلى الثقة بالأجهزة العسكريّة والأمنيّة وبخاصّة الجيش الذي تمكّن بمخابراته من كشف ملابسات الخطف والإغتيال، وإلى الثقة بالقضاء مع عدم تسييسه. فكلّهم يتولّون التحقيق من دون ضجيج وتصريحات استباقيّة، والمهمّ معرفة أهداف الجريمة ومن وراءها. فالحقيقة ستظهر لا محالة، كما يؤكّد الربّ يسوع: "لا خفيّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم ويُعلن" (لو 12: 2).

ضبط وجود النازحين
وقال الراعي "المؤسف أن يكون مقترفو هذه الجريمة من النازحين السوريّين الذين استقبلهم لبنان بكلّ روحٍ إنسانيّة، ولكنّ بعضهم يتصرّفون بشكلٍ غير إنسانيّ، ويرتكبون الجرائم المتنوّعة بحقّ اللبنانيّين وعلى أرض لبنان. وباتوا يشكّلون خطرًا على اللبنانيّين في عقر دارهم. فأصبح من الـمُلحّ إيجاد حلّ نهائيّ لضبط وجودهم مع الجهات الدوليّة والمحلّيّة المعنيّة، بعيدًا من الصدامات والتعديات التّي لا تُحمد عقباها. ومن واجب السلطات اللبنانيّة المعنيّة معالجة هذه المسألة الجسيمة الخطورة بالطرق القانونيّة والإجرائيّة. فلبنان الرازح تحت أزماته الاقتصاديّة والماليّة، ونزيف أبنائه بهجرتهم، لا يتحمّل إضافة أعباء نصف سكّانه. وهذا ما تعجز عنه كبريات الدول".

أضاف، "ومن ناحية أخرى يُجمع المعلّقون على هذا الخطف والاغتيال، في منطقة الشهيد باسكال الآمنة أنّ السبب الأساسيّ الذي يستسهل الإجرام المغطّى سياسيًّا من النافذين، والهارب من وجه العدالة أو المتمرّد عليها وعلى القضاء، هو عدم انتخاب رئيس للدولة. وبالتالي حالة الفوضى في المؤسّسات الدستوريّة والوزارات والإدارات العامّة وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين والغرباء العائشين على أرض لبنان. فلمصلحة من هذه الفوضى في الحكم والإدارة والقضاء والسلاح وقرار الحرب والسلم من خارج قرار الدولة؟".

الراعي: لا سيد الاّ المسيح
واعتبر أنه بغياب بسكال "يخسر حزب القوّات اللبنانيّة عنصرًا أساسيًّا من عناصره، وهو حاليًّا منسّق منطقة جبيل. دخل صفوف القوّات والتزم بها وبمبادئها وبموجباتها تعزيزًا للدولة والوطن وخدمةً للبنانيّين. لم يغب عن ضميره صوت دماء ألوف الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم ليحيا لبنان، ويحيا اللبنانيّون مخلصين لهذا الوطن الذي لم يُفتدَ بالبخيس من المال، بل بالدماء الزكيّة وقد أراقوها على أرضه ومن أجله دون سواه، حفاظًا على كرامة الوطن وشرف المواطنين. وفي كلّ مرّة كان يمرّ بسيّدة إيليج كانت ذكراهم تتجدّد في قلبه. بهذه المسؤوليّة التزم وخدم وضحّى وأعطى. وها الجماهير المعزّية التي تقاطرت إلى عمشيت وجبيل وبيروت وميفوق دونما انقطاع، لدليل قاطع على إستنكار الجريمة النكراء من جهة، وعلى سقوط باسكال عن كلّ واحد وواحدة منّا من جهة أخرى. إنّه بسقوطه يقويّنا لنصمد في الإيمان بأنّنا أبناء القيامة والرجاء واللاخوف، وبأنّ المسيح هو سيّد العالم، ولا أحد سواه، وهو سيد التاريخ، وله الكلمة الأخيرة: كلمة الحياة لا القتل! كلمة المحبّة لا الحقد! كلمة السلام لا الحرب! كلمة الحقّ لا الباطل، كلمة الأخوّة لا العداوة".

جعجع: وقت الخطر قوات
أما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فقال في كلمة ألقاها من معراب "من الممكن أن كثراً يسألون: "طيب وهلق شو؟" الجواب بسيط وواضح جداً: "وقت الخطر قوات". فالمواجهة مستمرة، وستبقى إلى حين الوصول إلى شاطئ أمان فعلي، حقيقي، ثابت ونهائي. مواجهتنا ليست للأخذ بالثأر أو رد فعل أو مواجهة طائفية أو مناطقية أو عرقية، بل هي من أجل الانتقال من الواقع المرير، المؤلم، المجرم، الفاشل الذي نعيش فيه منذ سنوات، إلى الواقع الجديد المرتجى، ككل مجتمعات العالم المتحضّر، حيث يعيش الانسان فيه بأمان واستقرار وعزة وحرية وكرامة. واقع جديد يمكنه استيعاب الأجيال الجديدة وأحلامها وتطلّعاتها وآمالها، ويؤمن لها حياة كريمة وفرص نجاح لا تنتهي، وآفاقا مستقبلية لا حدود لها، وذلك في لبنان وليس في أي بلد ثانٍ".

وأكد جعجع ان "مواجهتنا مستمرة مع جميع اللبنانيين الشرفاء الأحرار حتى الوصول "لهون بالتحديد"، كي لا نتعرض كل 5 أو 10 سنوات إلى حرب جديدة، وكي لا نعد نخجل بجواز سفرنا اللبناني أمام العالم، كي لا نبقى موسومين ببلد الإرهاب والكبتاغون، كي لا تستمر عمليّات الاغتيال والقتل والخطف كما حصل مع باسكال".

تغيير السلطة ديموقراطياً
أردف: "مواجهتنا مستمرة كي يصبح لدينا حدود معروفة ومحروسة ومضبوطة "مش إنّو سيّارة مجرمين، معن جثّة إنسان، تقدر بهالبساطة تقطع بين لبنان وسوريا". كي ننجح، إذا أردنا ديمقراطياً، تغيير سلطة فاشلة فاسدة، رمتنا في آخر طابق من جهنّم، بدلاً من بقائها "قاعدي عا قلوب اللبنانيي" بفعل وهج السلاح غير الشرعي والتعطيل وضرب الدستور. كي ننجح في كشف الحقيقة في جريمة بحجم "جريمة المرفأ"، أو اغتيال لقمان سليم والياس الحصروني وباسكال سليمان، وكي ينال المجرمون عقابهم الذي يستحقونه ويكونوا عبرة لـ"كلّ حدا بيفكّر يمدّ إيدو عا لبناني". كي نستطيع عند مطالبتنا بالحقيقة ألا نُتّهم بإفتعال الفتن فنتحوّل بمنطق اللامنطق من ضحية إلى قاتل، ومن مغدور إلى عابث بالسلم الأهلي. وكي يبقى قرارنا بيدنا، "مش نوُعا بيوم من الإيام، متل ما صاير هلق، ونلاقي حالنا بحرب إلا اوّل ما إلا آخر، بقرار مدري من مين ومن وين، جرّ ورح يجر علينا" أكثر وأكثر الويل والخراب الذي لبنان بغنى عنه ولا مصلحة له به".

كما شدد "رئيس القوات" من جديد على أن المواجهة المستمرة، باعتبار أن "الأمور لن تحل من دونها، على الرغم من انها يمكن ان تكون طويلة، لأنّ الحلول الجذرية والفعلية والجديّة تحتاج غلى وقت وجهد وتعب ونفس طويل".

وأعلن جعجع قائلا: "تا ما حدا يغلط بحساباتو": لا يراهنّ أحد على خيبة أملنا فلن نيأس، لا يراهنّ أحد على تعبنا فلن نتعب، لا يراهنّ أحد على تراجعنا فلن نستسلم، لا يراهنّ أحد على ذاكرتنا فلن ننسى، لا يراهنّ أحد على الوقت كي نبدل رأينا. فبالنسبة إلينا "ألفُ عامٍ في عينِك يا ربُّ كأمسِ الذي عَبَرْ"".

جعجع الذي لفت إلى أن "الجميع يعي أن طريقنا ليست سهلة البتة. إذ أن هدفنا ليس نيل المراكز والمواقع والمكاسب والمساومات و"لا بيع وشرى""، أكد أن "طريقنا صعبة "بتودّي، بس نمشيا كلّنا سوا، إيد بإيد" لتحقيق التغيير الحقيقي والفعلي لهذا الواقع الحالي".

الحواط: لا مكان للفتنة
أما نائب جبيل في تكتل الجمهورية القوية زياد الحواط فأكد في كلمة ألقاها في باحة الكنيسة، بعد الدفن "أن لا مكان للفتنة، لا في جبيل ولا في كسروان، ولا في أي منطقة لبنانية، ولن نسمح "يصير يللي ما صار بالحرب رغم كل قساوتها، يصير بعد الحرب".

وأكد حواط أن "النموذج الجبيلي الكسرواني الذي يرتكز على العيش المشترك والتواصل والتفاعل الإيجابي نموذج لكل لبنان، ونحن نحميه بـ"رموش العين"، رغم كل الطارئين والمحرضين، فالاختلاف بالرأي أمر والعيش بسلام واستقرار مع بعضنا البعض أمر آخر".

اضاف: "المشكلة الحقيقية واضحة وهي بين مشروعين: الاول يريد الحفاظ على لبنان والآخر "بدو يطيّر لبنان إذا ما طيروا بعد". مشكلتنا مع هذا المشروع بالمغامرات التي لا حدود لها، فقد تدخل بالحروب العبثية وأتى بالويلات للبنان، وهو عند كل استحقاق يعطل انتخاب رئيس للجمهورية ويضرب الدستور وساهم في تفكيك الدولة وانحلالها ودمر القضاء وشرع الحدود لتهريب الحجر والبشر. هذا المشروع الذي يعمل على حرف الانظار عن تداعيات حرب الجنوب والمشاكل والمآسي، بالمختصر مشروع صنع خارج لبنان".

التنظيم والأم الثكلى
وكانت القوات قد أعدت مراسم تنظيم دقيقة، وترأس الجناز إلى الراعي الأب العام للرهبانية اللبنانية المارونية هادي محفوظ والمطران ميشال عون. ونقل جثمان سليمان من مستشفى سيدة المعونات بموكب صغير ملفوفاً بالعلمين اللبناني والقواتي، وكان في استقباله عند مدخل الكنيسة نواب تكتل "الجمهورية القوية"، فحملوه على الأكف يتقدمهم نائبا كسروان وجبيل الحواط وشوقي الدكاش، وسط نثر الأرز والورود وعلى وقع أصوات المفرقعات والتصفيق. وتوالى منسقو القوات اللبنانية على الوقوف قرب النعش في الكنيسة.

وعلى كرسي منفرد جلست والدة الشهيد الثكلى قبالة النعش تمسحه بين فينة وأخرى، وكأنها تمرر يدها على جبين "صغيرها" باسكال. عيونها مسمّرة على النعش وكأنها تريد ألا تضيّع لحظة من لقائهما الأخير .

وبعد الانتهاء من مراسم الجنازة، نقل جثمان الشهيد سليمان إلى مسقط رأسه "ميفوق"، حيث ووري الثرى في مدافن العائلة في سيدة إيليج.
عاد عن الطريق التي خطف منها، وهذه المرة رافقه أهله ورفاقه واحتشد أبناء المنطقة عند أكثر من محطة ليودعوه الوداع الأخير: من "ساحة عمشيت" إلى مفرق "دكان الضهر"، وفي "عبيدات" و"حاقل" مرورًا بالخاربة ومفرق لحفد-جاج وصولاً إلى "ميفوق". وسلّم جهاز الشهداء في حزب "القوات" أهل الشهيد علم الحزب ووسام الشهيد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها