الخميس 2023/07/13

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

انقسام الضباط الإسرائيليين حول ضربة عسكرية ضد حزب الله

الخميس 2023/07/13
انقسام الضباط الإسرائيليين حول ضربة عسكرية ضد حزب الله
بعض الضباط الإسرائيليين يرون أن الحرب مع حزب الله حتمية (Getty)
increase حجم الخط decrease

مع ازدياد التوترات بين إسرائيل وحزب الله على خلفية تكريس الدولة العبرية احتلالها للجزء اللبناني من بلدة الغجر الحدودية، والتهديد بعملٍ عسكري لإزالة الخيمة المتبقية التي نصبها الحزب داخل مزارع شبعا اللبنانية، وقبيل حادثة إلقاء قنبلة على عناصر من حزب الله وجرح ثلاثة منهم بعد ظهر أمس الأربعاء، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن وجود نقاشٍ مستمر في قيادة الجيش الإسرائيلي، حول ما إذا كانت الحرب ستتحول في الأيام المقبلة إلى أمرٍ حتمي، وما إذا كان من الذكاء شن ضربة استباقية أو تأخير الصراع لأطول فترةٍ ممكنة، والاكتفاء بالرد على أي هجومٍ يقدم عليه حزب الله.

عملية عسكرية؟
تقول الصحيفة الإسرائيلية أن كبار قادة الجيش الإسرائيلي يناقشون في الوقت الحالي ما إذا كانوا سيستخدمون القوة لإزالة الخيمة التي لا تشكل نسبياً أي مشاكل من حيث الحجم والخطر من مزارع شبعا. وفي حال اتخاذ القرار باستخدام القوة، يبقى السؤال متمحوراً حول مقدارها والوقت المحدد لها.

اتفق معظم كبار ضباط الجيش الإسرائيلي تقريباً في البداية، حسب "جيروزاليم بوست"، على محاولة إقناع حزب الله بإزالة خيمتين نصبهما قبل أكثر من شهر باستخدام الدبلوماسية من خلال اليونيفيل. لكن بعد مرور كل هذا الوقت، واكتفاء الحزب بإزالة إحدى خيمتيه، يريد عدد متزايد من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي إنهاء هذه القضية بسرعة وبالقوة، ومن دون مزيدٍ من التأخير. حتى أن بعضهم نقل للصحيفة دعمه الواضح الأسبوع الماضي لفكرة شن عمليةٍ عسكرية واسعة خلال النقاشات الجارية.

وعلى المقلب الآخر، لا يزال آخرون من ضباط الجيش الإسرائيلي، يفضلون إجراء مفاوضات مطولة، حتى بضعة أشهر أخرى، لإقتناعهم بأن سحب القضية من التغطية الإعلامية، سيؤدي إلى ترسيخ قناعة عند حزب الله بالانسحاب، خصوصاً إذا عُرضت عليه بعض الإغراءات.

دوافع الحرب
وفي معرض شرحها للنقاش الدائر بين ضباط الجيش الإسرائيلي، تشير الصحيفة أن أولئك الذين يرون أن الحرب مع حزب الله حتمية، ويفضلون الضربة الاستباقية، لا ينفكون عن ترديد لازمة أن مواجهة الحزب على ما أطلقوا عليه تسمية البؤرة الاستيطانية في شبعا، هو أمرٌ منطقي للغاية. وهؤلاء لا يخشون اندلاع حربٍ غير ضرورية عن طريق الخطأ، لأنهم يميلون إلى افتراض أن وقوع حرب أكبر هي مسألة وقتٍ وحسب. وفي هذه الحالة، فإنهم يفضلون أن تأخذ إسرائيل زمام المبادرة وتهيئ ساحة المعركة وتكون قادرة على الاستفادة من عامل المفاجأة.

أما عن السبب الذي يدفع عدد كبير من الضباط إلى تشجيع القيام بعملٍ عسكري لإزالة الخيمة، فتعزوه الصحيفة إلى إقرار قائد منطقة الشمال اللواء أوري جوردن، بقدرة الحزب على إطلاق حوالى 4 آلاف صاروخ يومياً في الأيام الأولى من الحرب المحتملة على شمال إسرائيل، بما في ذلك حيفا وطبريا ومواقع رئيسية أخرى. علماً أنه خلال حرب غزة عام 2014، قال الجيش الإسرائيلي إنّ حركة حماس أطلقت حوالى 4500 صاروخ على إسرائيل خلال فترة الخمسين يوماً بأكملها، أي ما يُعادل 90 صاروخاً في اليوم.

وإنطلاقاً من ذلك، يعتقد قادة الجيش الإسرائيلي الذين يشجعون فكرة العملية العسكرية، بأنه يمكن تقليص قدرات حزب الله الصاروخية بشكلٍ كبير من خلال عملية استباقية تدمر شبكات اتصالاته وبعض أدق أسلحته بعيدة المدى.

نصرالله يتجنب النزاع
وتكشف الصحيفة عن وجود قادة آخرين في الجيش الإسرائيلي، يعتقدون بأن أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، هو الزعيم الأكثر ردعاً الذي تواجهه إسرائيل اليوم. ورغم اعترافهم بأن نصرالله وافق على هجوم مجيدو في شهر آذار المنصرم، ودخل حزبه في العديد من المشاجرات البسيطة مع عناصر ضبط الحدود التابعين للجيش الإسرائيلي، وسمح للجماعات الفلسطينية بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، فذلك لا يعني بالضرورة استعداده للمخاطرة بنزاعٍ كبير.

ولكون جبل الشيخ محاط بقواتٍ عسكرية إسرائيلية، ولا يوجد فيه أي تواجد للمستوطنين الإسرائيليين، فلا يرى هؤلاء الضباط، وفق "جيروزاليم بوست"، أي داعٍ لحل قضية الخيمة باللجوء إلى عملٍ عسكري، سيما وأنهم يدركون قدرة الحزب على إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية أكثر من أي وقتٍ مضى.

هوكشتاين في تل أبيب
إلى ذلك، أشارت صحيفة "إسرائيل هيوم" بأن لقاءً جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، بحث نية الحكومة اللبنانية بالبدء بتطوير حقول الغاز، والتوتر على الحدود الشمالية، إلى جانب ملفاتٍ إقليمية متفرقة.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن لقاءٍ جمع هوكشتاين بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، تطرق إلى إمكانية ترسيم الحدود البرية مع لبنان، بما في ذلك الغجر ومزارع شبعا.

وكانت القناة "12" الإسرائيلية قد أفادت، بأن الولايات المتحدة قدمت عرضاً لإسرائيل بموجبه يوافق حزب الله على إزالة الخيمة عند الحدود مقابل أن يوقف الجيش الإسرائيلي بناء السياج الأمني الذي شرع به في قرية الغجر، والذي يوجد جزء منه في الجانب اللبناني.

ابتزاز سياسي
من جهته، اعتبر المحلل العسكري رون بن يشاي، في مقال كتبه في موقع "يديعوت أحرونوت"، اليوم الخميس، أن تحركات حزب الله قرب الحدود تعبّر عن "ابتزاز سياسي لتحقيق أهداف عسكرية"، إذ يسعى حزب الله من خلال ذلك، لتحقيق مطالبه باشتراطه إزالة الخيميتين التي نصبهما عناصره مقابل توقّف الاحتلال عن بناء الجدار الحدودي على أراض لبنانية في قرية الغجر.

وبرأي بن يشاي، فإن "حزب الله يفسر الأزمة السياسية الداخلية في إسرائيل على أنها حالة ضعف، ويسمح لنفسه بالقيام بخطوات استفزازية تتصاعد في الآونة الأخيرة"، وأن "إقامة الخيام قرب الحدود دلالة على وجود أهداف عسكرية بالتنسيق مع إيران. كما أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله ولأسباب لبنانية داخلية، منها المأزق السياسي والأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد، له مصلحة في معركة لعدة أيام ضد الجيش الإسرائيلي، لتحسين وضعه في الساحة اللبنانية. أما إسرائيل، فليس لديها مصلحة في منح نصرالله مراده في بداية الصيف الحالي"، مضيفاً أنّ مسؤولاً كبيراً قال لموقع "يديعوت أحرونوت" إن "وقته (أي وقت التعامل مع حزب الله) سيحين، وليس في المستقبل البعيد".

لا تصعيد
ويسعى نصرالله، حسب المحلل العسكري نفسه، لإعاقة بناء الجدار الذي يقيمه الاحتلال على طول الحدود بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 ولبنان، بهدف منع القوات الخاصة في حزب الله (وحدة الرضوان) من دخول الأراضي المحتلة في أي مواجهة عسكرية مستقبلية.

ويرى بن يشاي أن ما لا يقوله حزب الله علانية، هو أنّ الجدار الذي يبنيه جيش الاحتلال "يثير قلقاً كبيراً لديه"، ذلك أنه "سيحبط أي هجوم أو اختراق للحدود" من قبل عناصره، وأن أي محاولة ستتطلب منهم "تسلق الجدار المرتفع، وتضييع ساعات كثيرة في ذلك"، يمكن لجيش الاحتلال "استغلالها من أجل إحباط الهجوم والشروع في هجوم مضاد".

وحسب المحلل ذاته، فإن قلق حزب الله يزداد مع اقتراب المشروع من نهايته، وبعد أن تلقت خططه الهجومية ضربة كبيرة خلال "العملية العسكرية الهندسية" التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "الدرع الشمالي"، واستمرت على مدار الفترة الواقعة بين 4 كانون الأول من عام 2018 وحتى 13 كانون الثاني من عام 2019. واستهدفت الحملة الكشف عن أنفاق حزب الله وتدميرها، "ما يصعّب عليه عملية اختراق الحدود".

وخلُص المحلل العسكري إلى أنّ جيش الاحتلال "لن يسمح لحزب الله بالاستفادة من ضبط النفس الإسرائيلي لفترة طويلة أخرى".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها