الأحد 2023/05/07

آخر تحديث: 10:54 (بيروت)

السفارة الجديدة في عوكر: رؤية أميركية تنتمي للماضي؟

الأحد 2023/05/07
السفارة الجديدة في عوكر: رؤية أميركية تنتمي للماضي؟
مقر السفارة الجديد تبلغ تكلفة إنشائه ملياراً ومئتيّ مليون دولار (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease

لاقت الصور التي نشرتها السفارة الأميركية في بيروت على موقع "تويتر" يوم الجمعة الفائت، ويظهر فيها التقدم المحرز في بناء المقر الجديد للسفارة، الذي يغطّي مساحة كبيرة في منطقة عوكر، والتي تعتبر الأكبر بين السفارات على مستوى المنطقة.. قدراً غير عادي من الاهتمام في المنطقة والعالم. وقد خصصت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً يواكب التعليقات والتحليلات التي انتشرت بعد نشر هذه الصور.

مساحة هائلة
حصدت صور مقر السفارة الجديد الذي تبلغ تكلفة إنشائه ملياراً ومئتيّ مليون دولار، أي ضعف الميزانية التي رُصدت لبناء السفارة في بغداد المقدّر بـ600 مليون دولار، حوالى 1.5 مليون مشاهدة، إضافةً إلى مئات التعليقات. وحسب الصحيفة، يعود ذلك لكون الصور تظهر الحجم الهائل للمقر الجديد الذي يمتد على مساحة 174 ألف متر مربع، ويحتوي على مبانٍ عدة ستكون ذات حمايةٍ أمنية عالية. 

وكان منشور السفارة الأميركية على تويتر قصيراً نسبياً من حيث الوصف. إذ اقتصر على الكلمات القليلة التالية: "الأمور تتقدم في مقرنا الجديد". فيما أظهرت الصور المرفقة قيام وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، عبدالله بوحبيب، بجولة على المقر في ضاحية عوكر، على بعد حوالى 16 کیلومتر شمال شرق المركز التاريخي لبيروت، برفقة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، ومدير الشركة المكلّفة عملية البناء. 

مقرات المنطقة والردود على الصور
تقول الصحيفة الإسرائيلية في تقريرها إن هذا المشروع الضخم ليس الأول من نوعه بالنسبة الولايات المتحدة في المنطقة، حيث سبق لواشنطن أن استثمرت في مجمعات السفارات الكبيرة سابقاً. فحالياً، تمتلك الولايات المتحدة مقراً ضخماً لسفارتها بغداد، هو الأكبر حول العالم. إذ يماثل مساحته مساحة مدينة الفاتيكان. وقد أُقيمت السفارة على مساحة 420 ألف متر مربع. وكان لها سفارة في كابول امتدت على مساحة تزيد عن 146 ألف متر مربع، قبل سقوط العاصمة الأفغانية في أيدي طالبان. كما أن قنصليتها الجديدة في أربيل هائلة الحجم أيضاً، إذ تمتد على مساحة 202 ألف متر مربع. وهذه كلها مشاريع كلفتها مرتفعة جداً تُقدر بمليارات الدولارات ما بين البناء والصيانة. 

والمثير في صور بناء السفارة في عوكر، حسب الصحيفة، هو الردود التي رافقتها. وهذا بسبب وجود الكثير من المعلقين الذين يشعرون بتحوٍل في سياسة الولايات المتحدة في المنطقة. فمثلاً تساءلت بعض التعليقات عن موعد انطلاق "الثورة الملونة" المقبلة في لبنان. وذهبت بعض التعليقات الأخرى لطرح علامات استفهامٍ حول كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتهم لبنان بأنه تحت النفوذ الإيراني، إذا كانت تقوم ببناء مثل هذا المقر الضخم.

بعض المعلقين غردوا بمزاعمٍ معتادة بأن السفارة تعمل بطريقةٍ ما كمركز "للجواسيس"، وهدفها يتمحور حول تقديم الدعم لإسرائيل. وهناك على الجانب الآخر من وصفتهم الصحيفة الإسرائيلية بالمتشائمين، الذين تساءلوا عمّا إذا كان المقر يحتوي ما يكفي من مهابط طائرات الهليكوبتر حين الحاجة إلى الإخلاء، تحسباً لعمليات إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين كما جرى سابقاً في كابول والعراق والسودان.

رؤية أميركية من العقد الماضي
لكن هل تدلّ هذه السفارة الضخمة في عوكر على السياسة المتبعة في واشنطن تجاه لبنان في العام الحالي، أم أنها نتاجٌ لرؤية وضعت أُسسها إدارةً أميركية سابقة؟

تجيب "جيروزاليم بوست" عن هذين السؤالين، بالقول إن بناء سفارة أو قنصلية ضخمة بهذا الحجم يتطلب وقتاً طويلاً. وبذلك يحتاج المشرفون على المشروع إلى العثور على الأرض وتخصيص التمويل المطلوب في واشنطن. وهذا يعني أنه منذ اتخاذ القرار بفعل شيءٍ ما، قد يستغرق الأمر 10 أو 20 عاماً حتى إكمال التنفيذ.

كل ما ذُكر آنفاً يعني، وفق الصحيفة، أن الاستثمار الحالي في بيروت أو أربيل قد تقرر منذ فترةٍ طويلة، وفي وقتٍ مختلف، عندما كانت المنطقة تسودها ظروفٌ مختلفة، وقبل أن تقرر الولايات المتحدة الانسحاب وتغيير أولويات التعامل مع روسيا والصين. وهذان المشروعان هما من نتاج أفكار عام 2015 عندما كانت الولايات المتحدة متورطة في الحرب ضد داعش، وفي خضم إبرام الصفقة النووية مع إيران، بينما كانت كابول لا تزال آمنة. وبالتالي، يجدر النظر في هذا الواقع عند التفكير فيما إذا كان مقر السفارة الكبير هذا يعكس رؤيةً لعام 2023 أو أنه يجسد رؤية أميركية من العقد الماضي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها