الأربعاء 2022/09/21

آخر تحديث: 00:04 (بيروت)

رسائل غير مباشرة بين إسرائيل وحزب الله: الأولوية للاتفاق

الأربعاء 2022/09/21
رسائل غير مباشرة بين إسرائيل وحزب الله: الأولوية للاتفاق
نصرالله سيكون الفائز الأكبر من هذا الاتفاق (Getty)
increase حجم الخط decrease

عادت إسرائيل لتبثّ جرعةً تفاؤلية جديدة حول الاتفاق الوشيك لترسيم الحدود البحرية، في وقتٍ تعصف بالدولة العبرية بوادر أزمةٍ سياسية حادة لتسويق الاتفاق. وعلى الضفة اللبنانية، يرتفع منسوب التفاؤل على مستويين أولهما حكومي، مع ما يرشَح من معلوماتٍ عن تأليف الحكومة، وثانيهما بحري مع كلام رئيس الجمهورية عن أن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية باتت في مراحلها الأخيرة.

اتفاق محتمل خلال أسبوع
بعد أن أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، أنّ الاختبارات الأولى في حقل كاريش ستبدأ هذا الأسبوع، لكنها ستشمل تدفق الغاز عبر خط أنابيب من الساحل إلى الحقل، وليس العكس، إذ من المحتمل أن يبدأ الحفر خلال شهر تشرين الأول المقبل.. خرجت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، لتعلن أن شركة "إينيرجين" ستبدأ اليوم الثلاثاء 20 أيلول، في ضخ الغاز عبر أنظمة النقل من منصة غاز حقل كاريش إلى الساحل وبالعكس، وهي خطوةٌ فنية للتحقق من سلامة أنظمة شبكة النقل. إلاّ أن إنتاج الغاز للعملاء عبر خط الأنابيب البحري المقرر في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، من المحتمل أن يتم تأجيله مجدداً.

وفيما يدرس الجانبان اللبناني والإسرائيلي مسودات اتفاقية يُفترض أن تنظم تطوير حقل قانا، الذي يمتد من المنطقة اللبنانية عبر المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل، نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدرٍ مطلع على التفاصيل، قوله أن هناك آمالاً في الانتهاء من الاتفاق في غضون أسبوع، رغم إشارته إلى بعض الخلافات التي تؤخر استكماله، أحدها يتعلق بنقطة البداية للحدود في شاطئ الناقورة، فيما الثانية تتعلق بالجزر ذات التأثير في مسار الحدود، وتتعلق الثالثة بالمسافة التي تطلبها الجهات الأمنية الإسرائيلية بين منصات الإنتاج لشركة "إينيرجين" والشركة التي يفترض أن تعمل في المنطقة البحرية الاقتصادية اللبنانية، أي في حقل قانا.

رسائل غير مباشرة
وحسب الصحيفة الإسرائيلية، نُقلت رسائل بشكلٍ غير مباشر بين حزب الله وإسرائيل في الأيام الأخيرة، بهدف منع تصعيد الأحداث. وفي هذا الإطار، تشير المصادر الإسرائيلية بأن الإعلان قبل بضعة أيام عن بدء تدفق الغاز للتحقق من سلامة النظام، ما هو إلاّ إعلانٌ إسرائيلي رسمي صادر للتوضيح لحزب الله أن الأمر لا يتعلق بالبدء الفعلي لإنتاج الغاز.

وتفيد الصحيفة أنه رغم رفض كبار المسؤولين الإسرائيليين جملة التبادل غير المباشر للرسائل مع حزب الله، لكنهم يؤكدون أنه من أجل السماح للمفاوضات بالمضي قدماً، تم تقديم أنواع مختلفة من التوضيحات في وسائل الإعلام موجهة لحزب الله، ويوضحون ذلك بقولهم: "هذه تصريحاتٌ ضمن ردنا على تهديدات حزب الله التي حذرنا فيها من أن أي محاولة هجوم على منصات الغاز ستؤدي إلى ردٍ قاسٍ بشكلٍ خاص من جانب إسرائيل ضد الحزب إياه. وقد عبّر رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان وغيرهم، عن ذلك بطريقةٍ لا لبس فيها. إضافةً إلى ذلك، أكد أحد كبار المسؤولين أن إعلان الجمعة كان متعمداً وموجهاً لحزب الله، الذي لم يكتفِ بإعلان شركة إينيرجين بأن الحديث يدور عن اختبار لنظام نقل الغاز، وأراد تأكيد من مصدرٍ سياسي إسرائيلي رسمي".

وتشير هذه الرسائل غير المباشرة، وفق الصحيفة، أن إسرائيل تفضل بشدة إجراء المفاوضات قبل بدء الإنتاج، وذلك لتجنب المواجهة المحتملة. فبعد كل تهديداته، لا يمكن لنصرالله الامتناع عن التصرف إذا بدأ الإنتاج من كاريش قبل التوصل إلى اتفاقٍ مع الحكومة اللبنانية. ويبقى العائق الوحيد يتمثل بالانتقادات داخل القيادة الإسرائيلية لمّا يبدو وكأنه استسلام لتهديدات حزب الله، وتعزيز مكانته في لبنان.

لعبة خداع
وعلى صعيدٍ متصل، وصفت صحيفة "غارديان" البريطانية، استعداد إسرائيل لربط حقل غاز كاريش بشبكة الغاز الوطنية، وإعلان شركة "إينيرجين"، المدرجة في بورصة لندن، إنها في طريقها لتسليم أول دفعة من الغاز في غضون أسابيع، بالتطور الذي يساعد الدولة العبرية على ترسيخ دورها الجديد كمورد لأوروبا في مواجهة خطر تأجيج التوترات مع حزب الله اللبناني.

وبينما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن شركة استكشاف الهيدروكربونات التي أسستها اليونان ملزمة تعاقدياً بالبدء في توريد الغاز للعملاء، وقد تراكمت عليها ديون كبيرة من خلال تطوير المشروع، تحدث سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة التابع لمعهد "واشنطن"، عن احتمالات المواجهة، مع الصحيفة البريطانية، قائلاً "لا تعتبر إسرائيل أي شيء في منطقتها الاقتصادية الحصرية أمراً يحتاج إلى التفاوض مع اللبنانيين، لكن يمكن القول إنهم يبدون بعض الحذر من خلال المضي قدماً في التفاوض. ولا بد من الانتباه إلى أنّ الجانب الإسرائيلي يقترب من عدم الانضباط، حيث لا يوجد سوى حكومة انتقالية قائمة في الوقت الحالي".

أضاف معقبّاً "إنها لعبة خداع جيوسياسية. فحزب الله لا يريد فعلاً مواجهة اسرائيل. وإسرائيل بدورها تريد أن تؤكد على ما تعتبره حقها. أما الولايات المتحدة، فهي لا تريد حرباً  في الشرق الأوسط قبل الانتخابات النصفية مباشرةً".

الفائز الأكبر
يُذكر أن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيليتين تقديرهما بأنّ التوقيع على الاتفاق مع لبنان بات أقرب من أي وقتٍ مضى، وسيدفع قدماً الاستقرار الأمني. وقال موقع "واللاه" العبري، إنه بعد تهديدات الأمين العام لـحزب الله الأخيرة، أرسلت إسرائيل بالفعل رسائل تأهب عملياتي، استعداداً لأي سيناريو. فيما طالب يوآف غلانت، وزير البناء والإسكان الإسرائيلي السابق؛ وعضو الكنيست الحالي، خلال اتصالٍ هاتفي مع  إذاعة "الجيش الإسرائيلي"، بضرورة أخذ تهديدات نصرالله، بشأن حقل كاريش للغاز الطبيعي في البحر المتوسط بجدية. مطالباً بالاستعداد لأي هجماتٍ محتملة من حزب الله على حقل كاريش.

وإذ شددت وسائل الإعلام العبرية أنّ ما بقي هو بعض التفاصيل التقنية، لفتت في المقابل إلى أن نصرالله سيكون الفائز الأكبر من هذا الاتفاق. وهذا ما أكد عليه مراسل الشؤون الفلسطينية في "القناة 12"، أوهاد حمو، بقوله "في نهاية الأمر عندما يوقع الاتفاق، وهو سيوُقّع، سيأتي نصرالله ليقول بفضلي كان هذا أفضل اتفاق. نحن نرى حزب الله يقود حملة في الأسابيع والأشهر الأخيرة بشأن هذا الموضوع".

وكرر الكلام نفسه، المعلق السياسي، يارون إبراهيم، بالقول "نصرالله سيقول أنا أرسلت المسيّرات نحو كاريش، وأنا أجبرتُ إسرائيل على أن تستجيب للمطالب اللبنانية، وبفضلي هذا الاتفاق تم التوقيع عليه، أعتقدُ أنهم يفهمون هذا في المؤسستين الأمنية والعسكرية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها