الثلاثاء 2022/05/17

آخر تحديث: 15:57 (بيروت)

الصحافة الإسرائيلية والعالمية: حزب الله ومصير لبنان بعد الانتخابات

الثلاثاء 2022/05/17
الصحافة الإسرائيلية والعالمية: حزب الله ومصير لبنان بعد الانتخابات
صحافة إسرائيلية: هل من الممكن أن تبدأ موجة جديدة من الاغتيالات ينفذها حزب الله ضد منتقديه؟ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

حملت الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان جملة مفاجآت، خالفت كل التوقعات لاسيما مع انتزاع قوى ومرشحين جدد مقاعد عدة من حصص الأحزاب والمرشحين التقليديين، وأبرزها تلقي حزب الله ضربة قوية في خسارته للأكثرية النيابية التي كان يتمتع بها وحلفاؤه بعد الانتخابات الماضية عام 2018.

مجرد أمنيات
هذه النتائج التي أظهرت تراجع حزب الله وفقدانه الأغلبية في البرلمان، بسبب خسارة حلفائه عدداً من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين.. نالت اهتمام الصحافة الإسرائيلية والعالمية، إذ اعتبرت صحيفة "التايمز" الإسرائيلية، أنه رغم هذه الخسارة التي مُني بها الحزب، فإن الدولة العبرية لا ترى أن لبنان سيكون في وضع أفضل بعد الانتخابات، للتعامل مع الخلل العميق في قلب نظام الحكم فيه.

ومن هنا، قال جاك نيريا، محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز "القدس للشؤون العامة"، إن أي توقعات بأن لبنان ذاهبٌ نحو التغيير، أو أن تهديد حزب الله لإسرائيل سوف ينخفض​، هو "مجرد أمنيات". مستطرداً  "الصورة الأخيرة لما نراه اليوم هي مستنقع لبنان. لا توجد إمكانية للإصلاح. لا توجد إمكانية للتغيير في النظام السياسي. نحن عالقون في الشلل والركود".

نحو الشلل في المؤسسات
من جهته، قال عاموس جلعاد، المدير التنفيذي لمعهد الشؤون السياسية والاستراتيجية في جامعة "رايخمان" بمدينة هرتسليا، للصحيفة الإسرائيلية، إن "جمهورية لبنان دولة مدمرة. فالحكومة مشلولة والدولة فاسدة. وهذه الانتخابات لا تساعد بأي شكل من الأشكال". معتبراً أن أحداً لا يستطيع إحداث أي تغيير في بلدٍ يعاني من مرضٍ عضال.

مع وجود كتلة حزب الله التي يقابلها كتلة لخصومه، يبدو المشهد السياسي اللبناني، حسب الصحيفة الإسرائيلية، ضبابياً كون البرلمان مقسماً بالتساوي إلى حدٍ ما، ما يجعل القرار السياسي الرئيسي المقبل للبلاد ليس باليسير. وهنا، يتوقع نيريا أن هذا البرلمان الجديد لن يكون قادراً على التصويت لرئيس جديد للجمهورية.

نشاطات حزب الله بعد الانتخابات
أما بخصوص مواصلة الحزب نشاطاته العسكرية عقب هذه النتائج، فاعتبر ديفيد داود، الخبير اللبناني في "المجلس الأطلسي"، أن هذه الانتخابات البرلمانية، مهما كانت نتيجتها، لن يكون لها أبداً تأثير كبير على نفوذ حزب الله داخل البلاد. مردفاً "من خلال وسائل مختلفة، كانوا ولا يزالون قادرين على الاحتفاظ بترسانتهم وتطوير البنية التحتية التنظيمية والبدء في مغامرات في سوريا والعراق واليمن".

وتشير الصحيفة أنه في المرة الأخيرة التي كان فيها حزب الله وحلفاؤه يشكلون الأقلية ضد كتلة 14 آذار الموحدة نظرياً منذ عام 2009 حتى انتخابات 2018، تمكنوا من متابعة أهدافهم محلياً وإقليمياً. لذا، يشدد الدبلوماسي الإسرائيلي مايكل هراري أن نزع سلاح الحزب لن يطرح حالياً على جدول الأعمال على الإطلاق. إلاّ أن اللعبة السياسية الداخلية ستصبح أصعب بالنسبة للحزب بعد أن فقد أغلبيته.

بدوره، اعتبر عاموس جلعاد أن سلوك الحزب لن يتغير مع البرلمان الجديد، مضيفاً "بين بيروت والحدود هناك 150 ألف صاروخ، ومن يديرها هو حسن نصر الله. حزب الله هو الفاعل الوحيد المنظم هناك، ونصرالله يعلم أن منظمته ستكون بخير مهما كانت الحصيلة النهائية للانتخابات. فقبل الانتخابات مباشرة، شعر بالثقة الكافية لتهديد استكشاف الغاز الإسرائيلي في حقل كاريش البحري المتنازع عليه. وبذلك فإن الانتخابات لا تحل المشكلة. ونتيجتها هي إما أن حزب الله سيعود ليقود البلاد، أو سيستفيد من هذه الأزمة من أجل أن يصبح أقوى".

فقدان الزخم
وفي سياقٍ ذي صلة، اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن الحزب بعد الانتخابات يعاني من انتكاسة، هي الأولى منذ عقد أو أكثر. ذلك أنه بعد أن حاول ترسيخ سلطته على جميع المؤسسات في لبنان، إما باستخدام الأسلحة التي يمتلكها بشكلٍ مباشر، أو من خلال شراكات مع سياسيين دروز ومسيحيين، قد يفقد راهناً الزخم القديم لمشروعه السياسي.

وأضافت الصحيفة أن هدف إيران كان تدمير لبنان وتحويله من دولة مسالمة وناجحة إلى قاعدة إيرانية. وقد فعلت الشيء نفسه في العراق مع الحشد الشعبي. ثم أدخلت الميليشيات إلى البرلمان عبر تحالف فتح وجماعات مثل منظمة بدر. واليوم، يبدو أن جزءاً لا يُستهان به من اللبنانيين ليسوا سعداء تماماً بما فعله حزب الله بلبنان خلال 22 عاماً منذ انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000.

رد الفعل
ورأت الصحيفة أن إيران لا تنظر بعين الرضا للنتائج الأخيرة في لبنان، إذ أنها تدرك أن أداء أصدقائها لم يكن جيداً. حتى أن وكالات الأنباء الإيرانية الموالية للحكومة مثل "تسنيم" و"فارس" لم تشيد بنجاح حزب الله. وهي تعترف ضمناً بالفشل، لكن السؤال يبقى هو ما إذا كان حزب الله سيقبل فشله في صناديق الاقتراع أو سيثير صراعاً جديداً لتشتيت الانتباه.

وتذكّر الصحيفة أنه في الماضي، بذل الحزب كل ما في وسعه لاختطاف رئاسة لبنان، بل واستخدم السلاح لإظهار قوته في بيروت. وهو يرفض الاعتراف بأن أي طرف آخر قد يسيطر على لبنان. وتطرح الصحيفة تساؤلاتٍ عدة أهمها: هل من الممكن أن تبدأ موجة جديدة من الاغتيالات ينفذها الحزب ضد منتقديه في لبنان؟ أم أنه يمكن أن يثير أزمة في هضبة الجولان حيث له عملاء في سوريا؟

وتختم الصحيفة بالقول أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب توضيحه حول كيفية رد فعل حزب الله. وخصوصاً أن قيادته تتقدم في السن، ولديها أصدقاء أقل في المنطقة. بينما الشيء الوحيد الذي لا يزال يمتلكه هو ترسانة الأسلحة غير المشروعة.

مؤشر لافت
وعلى صعيدٍ متصل، اعتبرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن فوز الجماعات السياسية الإصلاحية التي انبثقت عن التظاهرات في جميع أنحاء البلاد بنحو 10 في المئة من المقاعد البرلمانية في البلاد، لهو مؤشر على الاستياء المتزايد من النخبة الحاكمة التي يُلقى عليها اللوم على نطاق واسع في الانهيار الاقتصادي للبلاد.

وعن اختراق حزب الله، قال الخبير في الانتخابات والحكم مارون صفير، لشبكة "سي إن إن": "لقد صوت الناخبون اللبنانيون تكتيكياً لاختراق معاقل حزب الله الشعبية وإضعاف حليفه المسيحي الرئيسي والقضاء على بعض رعايا سوريا سيئي السمعة. وقد أدى هذا التصويت أيضاً إلى ظهور كتلة سياسية مستقلة يمكن أن تؤثر على ديناميكيات البرلمان المجزأ بشدة".

مرحلة غامضة
وتابعت الشبكة الأميركية في تحليلها مستنتجةً أن الأزمة الاقتصادية حفزت التصويت للإصلاحيين الذين كافحوا في السابق لتحقيق نجاحات في القيادة السياسية. لكن الضائقة المالية الشديدة دفعت أيضاً أعداداً كبيرة من الناخبين المحتملين إلى الابتعاد عن صناديق الاقتراع، حيث قال كثيرون إنهم فقدوا الثقة بالنظام السياسي اللبناني.

وبينما من المقرر أن ينعقد البرلمان الجديد في فترةٍ قريبة، يتساءل المواطنون اللبنانيون علانيةً عمّا إذا كان بإمكان السياسيين الجدد تخفيف العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية في البلاد. ففي وقتٍ لاحق من هذا العام، ستنتهي فترة ولاية الرئيس ميشال عون، حليف حزب الله، ما قد يدفع البلاد إلى مزيد من الغموض السياسي. كما قد تكون المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة المقبلة للبلاد مليئة بالاضطرابات السياسية التي قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وفيما يتعلق بما ذُكر آنفاً، يقول صفير "هذه التغييرات مؤشر على بداية مرحلة سياسية جديدة من شأنها إما أن تعيد لبنان إلى المسار الصحيح للإصلاح أو تزيد من تصعيد انهياره بسبب الجمود السياسي والعنف المحتمل".

المساعدات في مهب الريح
وعلى خطٍ موازٍ، لفتت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إلى أن هذه النتائج تعني المزيد من الانقسام الحاد في البرلمان ما قد يعقد مهمة تشكيل الحكومة في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أسوأ أزماته الاقتصادية.

وتابعت الصحيفة بالتنويه أن الخلافات السياسية المتوقعة قد تكون كارثية على لبنان، الذي يحتاج بشكلٍ عاجل إلى حكومة يمكنها مواصلة المفاوضات للحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي. وقد يؤدي التأخير أيضاً إلى تعريض تعهدات المساعدة من المجتمع الدولي للخطر، بما في ذلك تعهد حكومتيّ فرنسا والمملكة العربية السعودية اللتين كانتا مترددتين في تمويل حكومة يسيطر عليها حزب الله.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها