الخميس 2022/11/03

آخر تحديث: 15:47 (بيروت)

هل يقدم نتنياهو على إلغاء اتفاق الترسيم مع لبنان؟

الخميس 2022/11/03
هل يقدم نتنياهو على إلغاء اتفاق الترسيم مع لبنان؟
ابتلع نتنياهو الكثير من الحبوب المرّة خلال سنوات حكمه (Getty)
increase حجم الخط decrease

سيعود بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة في إسرائيل، بعدما منحته نتائج الانتخابات مع حلفائه 65 مقعداً من الكنيست المكوّن من 120 مقعداً، ليفتتح بذلك مرحلة جديدة عنوانها صعود صاروخي لليمين المتطرف، ما يرسم علامات استفهامٍ حول مصير الملفات الخارجية للدولة العبرية، وعلى رأسها اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.

الحكومة الإسرائيلية الجديدة
الأغلبية الضئيلة التي حصل عليها نتنياهو، ستجعل إدارة شؤون الدولة كابوساً حتى بالنسبة لسياسي بارع مثله. ووفق تقريرٍ أعدّه موقع "مونيتور" الأميركي، ستجعل نتائج الانتخابات من نتنياهو رهينةً للمتطرفين الذين ضمنوا عودته إلى السلطة، أي عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، وعضو الكنيست إيتامار بن غفير، رئيس حزب "القوة اليهودية". ويرى الموقع أن نتنياهو القديم لم يكن ليشكل حكومة كهذه. أما بنسخته الجديدة فيبدو أنه ليس لديه خياراتٌ كثيرة.

وتطرح الحكومة التي يعتزم نتنياهو تأليفها مع أكثر القوى المحافظة والرجعية التي حكمت إسرائيل على الإطلاق، أسئلةٍ عدة حول صفقة استخراج الغاز التاريخية التي أبرمتها إسرائيل مؤخراً مع لبنان والتي تعهد نتنياهو بإلغائها، وعن السياسات التي سيتبناها نتنياهو تجاه إيران والفلسطينيين والأقلية العربية في إسرائيل، وكيف سينعكس هذا التحول في الأحداث على المجتمع الدولي، بما في ذلك البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي، الذين لم يخفوا ازدرائهم لنتنياهو.

نتنياهو وترسيم الحدود البحرية
وبالتركيز على اتفاقية ترسيم الحدود مع لبنان، يشدد الموقع أن نتنياهو من غير المرجح أن يقدم على إلغائها. لافتاً إنه بصرف النظر عن تصريحاته التي تطعن في شرعية الصفقة وسلوكه منذ اتهامه بالفساد عام 2019 ووسط محاكمته المستمرة، لا يزال نتنياهو يمتلك فكراً جيوسياسياً جيداً. ومن الواضح أنه يعلم أن الاتفاقية مفيدة لإسرائيل. وهو يدرك أن إلغاءها يضر بأمن إسرائيل القومي ومصالحها الاقتصادية ومستقبل التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط ومصداقيته.

ويكمل الموقع بالقول أن نتنياهو يدرك أيضاً رد الفعل العكسي المحتمل من واشنطن إذا أضر بالاتفاقية التي عملت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن جاهدةً للتوسط فيها. وإنطلاقاً من ذلك، من المحتمل أن ينتقد الاتفاقية ويتحدث عن تحسينها، لكنه لن يلغيها.

الاتفاقية باقية
وإذ يؤكد الموقع أن نتنياهو لن يكون حجر عثرة في طريق الاتفاق مع لبنان، يشرح أن هذا الأخير ابتلع الكثير من الحبوب المرّة خلال سنوات حكمه في شكل اتفاقياتٍ ورثها عن زعماء سابقين. فكانت هذه هي الحال مع اتفاقيات أوسلو لعام 1993، التي تعهد بتفكيكها بمجرد توليه منصبه في عام 1996. لكنه ما لبث بعد ذلك إلاّ أن صادق على الاتفاقيات، ونفذ إعادة انتشار إسرائيلي في بلدة الخليل الفلسطينية. كما وقع مذكرة "واي ريفر" لعام 1998 مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، واحترم معاهدة السلام لعام 1994 مع الأردن التي وقعها سلفه إسحاق رابين.

وفوق هذا وذاك، التزم نتنياهو على مضض بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية عام 2005 الذي نفذه رئيس الوزراء أرييل شارون قبل عودة نتنياهو إلى السلطة في عام 2009. وحتى الآن، رفض الانصياع لمطالب المتطرفين بالعودة إلى غزة.

واعتباراً من هذا الأسبوع، سيجد نتنياهو نفسه في وضعٍ حساس للغاية، وسيواجه مطالب مستمرة من جانب مستوطني الضفة الغربية وأنصارهم لإعادة بناء المستوطنات اليهودية المدمرة في السامرة. وخلافاً لهذه المسألة، فإن الاتفاق بين إسرائيل ولبنان للتنقيب عن الغاز على طول حدودهما البحرية لا يحمل آثاراً ديموغرافية. وبهذه الحالة لم تخلِ إسرائيل المستوطنات ولم تتنازل عن الأراضي للبنان. لذلك، من الواضح أن الاتفاقية الإسرائيلية-اللبنانية باقية.

الملفان الإيراني والفلسطيني
أما بخصوص سياسته تجاه إيران، فيكشف الموقع أنها ستكون أكثر تعقيداً. حيث يقول زملاؤه إنه سيوجه انتباهه الكامل إلى الأمر بمجرد عودته إلى مكتب رئيس الوزراء. وللمفارقة، نجحت مناورات خلفاء نتنياهو، نفتالي بينيت ويائير لابيد (إلى جانب التطورات الجيوسياسية الأخرى) العام الماضي، حيث فشل نتنياهو قبل ست سنوات على الرغم من بذل قصارى جهده. إذ نقل بينيت بالفعل السياسة الإسرائيلية وحررها من التزاماتها للقوى العالمية، ما سمح لها بالعمل داخل إيران. وفي حين تخلى نتنياهو عن الحشد العسكري لتوجيه ضربة محتملة إلى إيران، أعادت حكومة بينيت-لابيد إحياءها بمخصصاتٍ كبيرة في الميزانية.

ويشير الموقع أن القضية الفلسطينية هي القضية الأكثر اشتعالاً. فشركاء نتنياهو المتطرفون، أي بن غفير وسموتريتش، لن يقدما أي تنازلاتٍ بالتأكيد. ومع الفوز بـ14 أو 15 مقعداً في الكنيست، من المرجح أن يفرض النائبان سياسة جديدة على نتنياهو، وبدلاً من محاولة احتواء العنف، للتمييز بين الإرهابيين وعامة السكان الفلسطينيين، سيطالب شركاء نتنياهو بشكلٍ مكثف بإجراءات ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية.

ويبقى الطريق الوحيد للهروب بالنسبة لنتنياهو يكمن في تشكيل حكومة وحدة مع لابيد أو وزير الدفاع بيني غانتس. لكن أياً من الخيارين ليس واقعياً. فمن غير المرجح أن يخون لابيد وغانتس ناخبيهما في هذه المرحلة من خلال توحيد الجهود مع نتنياهو، اللذان تعهدا بهزيمته. وعلى الرغم من أن مثل هذا الخيار قد يكون جذاباً، إلاّ أنه لن يسمح لنتنياهو بإجراء الإصلاحات القانونية والدستورية التي وعد بها بن غفير وسموتريتش والتي من شأنها أن تخفف من مشاكله القانونية. وبهذا المعنى، فإن انتصاره هذا الأسبوع قد يكون باهظ الثمن.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها