الخميس 2022/10/27

آخر تحديث: 17:49 (بيروت)

توقيع وتسليم وثائق اتفاق الترسيم بالناقورة: بايدن "فخور"

الخميس 2022/10/27
توقيع وتسليم وثائق اتفاق الترسيم بالناقورة: بايدن "فخور"
تأخرت مراسم التوقيع حتى إزالة الخرق البحري الإسرائيلي (المدن)
increase حجم الخط decrease
كل العيون والعدسات كانت على مدى ساعات متجهة صوب الناقورة، لا سيما آخر نقطة تفصل هذه البلدة الساحلية عن الأراضي الفلسطينية، التي يحجبها عن ساحل عكا وحيفا، تل كبير، يعرف باسم رأس الناقورة.

هناك عند ذاك الرأس التأم  الوفدان اللبناني والاسرائيلي، المنتدبان كل على حدة، لتسليم الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين نسختين من وثيقة التفاهم حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.

المركز الأممي، الذي شهد التسليم، كان منزلاً أنشأه أحد كبار عملاء ميليشيات أنطوان لحد المنحلة، من آل الحاج، تفصله عن الخط الازرق مسافة حوالى عشرين متراً، دخل إليه الوفد الاسرائيلي، عبر بوابة فاصلة بين لبنان وفلسطين، عند تخوم النقطة البرية B1 التي يتحفظ عليها لبنان، المواجهة لخط العوامات البحرية الثمانية، التي وضعتها اسرائيل عند ترسيم الحدود البرية (الخط الأزرق) مع لبنان.

خرق إسرائيلي وتأخير
عند خط العوامات الذي أشارت إليه وثيقة التفاهم (إنه وضع راهن) ربض من جهة الجنوب زورق حربي اسرائيلي، قابله في الجهة الشمالية زورق حربي للجيش اللبناني، في حين كانت بارجة كبيرة، تابعة لبحرية اليونيفيل، تجوب المياه اللبنانية مقابل الناقورة، وتطير من فوقها رفوف اليمام.

لم تشهد المنطقة، رغم أهمية الحدث التاريخي، أي ضجيج كبير، فاقتصر الأمر على عشرات الصحافيين، الذين نشروا صحون البث الفضائي وكاميراتهم لالتقاط كل حركة تتعلق بهذا الحدث، لا سيما التقاط صور الوفود المتجهة إلى رأس الناقورة بسيارات ذات زجاح داكن، وخصوصاً الوفد اللبناني، والذي تأخر لأكثر من نصف ساعة ماكثاً في مقر لليونيفيل، بعدما كان وصله بطوافة عسكرية، احتجاجاً على خرق زورق حربي اسرائيلي للمياه الإقليمية اللبنانية، ثم توجه إلى مكان تسليم وثيقة التفاهم بعد إزالة الخرق البحري الإسرائيلي، حيث جرى تسليم وثيقة التفاهم إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ونسخة مماثلة إلى الممثلة الخاصة لأمين عام الأمم المتحدة في لبنان يوانا فرنتسيكا، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان وقائد اليونيفيل، في وقت تجمع  رافضون للترسيم وفق الخط 23، جنوب مقر قيادة اليونيفيل جنوب الناقورة، بعد منعهم من تجاوز دوار الناقورة، من قبل الجيش اللبناني، الذي سمح فقط للصحافيين بالعبور.

احتجاج شيوعي

هناك نفذت مجموعات من الحزب الشيوعي اللبناني وقفة احتجاجية، رفع خلالها المشاركون اللافتات المنددة باتفاقية الترسيم وأحرقوا العلم الإسرائيلي. وألقى عضو المكتب السياسي في الحزب حسن خليل كلمة، ندد فيها بـ"إذعان لبنان لأميركا وإسرائيل"، مؤكداً رفض الحزب لـ"اتفاق الذل"، معتبراً الاتفاق "شكلاً من أشكال التطبيع مع العدو، ويؤدي إلى تضييع تضحيات الشهداء". وأكد الناشط يوسف مرتضى باسم "تحالف وطني" أن الاتفاق هو تخلي عن الثروة الوطنية، مضيفاً، أن هذا الاتفاق فرضته أميركا وإيران لمصلحة إسرائيل.

أرض اتفاقيات وتفاهمات
وكانت سلسلة من الاتفاقيات والتفاهمات، بين لبنان وإسرائيل ساحتها الناقورة. بدأت مع اتفاقية الهدنة العام 1949 الموقعة في رأس الناقورة، وتلاها توقيع لبنان مع العدو الإسرائيلي، الذي اجتاح جيشه لبنان وصولاً إلى العاصمة بيروت في حزيران 1982، اتفاقية 17 ايار 1983 في ظل الاحتلال الإسرائيلي، بعد جولات من المفاوضات بين خلدة والناقورة في لبنان، وكريات شمونا وناتانيا داخل فلسطين.وتم إلغاء هذه الاتفاقية بعد عام من جانب لبنان. تلا ذلك توصل لبنان واسرائيل إلى تفاهم سمي "تفاهم نيسان 1996" لوقف الأعمال القتالية على جانبي الحدود، وكان واحداً من أبرز التفاهمات، الذي تكرس فيه مبدأ قواعد الاشتباك بين اسرائيل وحزب الله، واستمر العمل بهذا التفاهم الذي رعته الأمم المتحدة، حتى الانسحاب الإسرائيلي في أيار العام ألفين، تبعه ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، ابتداء من الناقورة وحتى تخوم مزارع شبعا، نتج عنها ترسيم ما يعرف بالخط الأزرق. وهو خط انسحاب وليس خط حدود، حيث تحفّظ لبنان في المرحلة الأولى على 3 نقاط برية، أضيف عليها عشر نقاط بعد العام 2007. وتألفت لجنة تفاهم نيسان، التي كانت تعقد اجتماعاتها في الناقورة أيضاً، من ممثلين عن اليونيفيل ولبنان واسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية وسوريا. وفي العام 2006 صدر قرار مجلس الأمن 1701، الذي تم بموجبه وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، وتشكيل الاجتماع الثلاثي، الذي يضم اليونيفيل وممثلين عن الجيش اللبناني وجيش الاحتلال، ويعقد اجتماعاته الدورية حتى تاريخه في الناقورة، داخل أحد مراكز اليونيفيل، ويتولى متابعة موضوع نقاط الإعتلام واستمرار احتلال اسرائيل للجزء اللبناني من قرية الغجر والخروقات على جانبي الحدود.

بايدن فخور وفرونتسكا ترحّب

الرئيس الأميركي جو بايدن قال: "أنا فخور بأن أهنئ إسرائيل ولبنان على إبرام اتفاقهما رسميًا من أجل حل النزاع الحدودي البحري الذي طال أمده. لقد اتخذ الطرفان اليوم في الناقورة، لبنان الخطوات النهائية لدخول الاتفاق حيز التنفيذ، وتم تقديم الأوراق النهائية إلى الأمم المتحدة بحضور الولايات المتحدة".

وأضاف في بيان: "كما قلت عندما تم الإعلان عن هذا الاتفاق التاريخي، فإنه سيؤمن مصالح كل من إسرائيل ولبنان، ويمهد الطريق لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا. سوف تواصل الولايات المتحدة العمل كمسهِّل فيما يعمل الطرفان على الوفاء بالتزاماتهما وتنفيذ هذا الاتفاق. لا ينبغي أن تكون الطاقة -خصوصاً في شرق المتوسط- سببًا للصراع، بل أداة للتعاون والاستقرار والأمن والازدهار. هذه الاتفاقية تقربنا خطوة واحدة من تحقيق رؤية لشرق أوسط أكثر أمانًا وتكاملاً وازدهارًا، ما سوف يوفر منافع لجميع شعوب المنطقة.

من جانبها، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا رحبت بتسليم الرسائل المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في أعقاب الوساطة الأمريكية الناجحة التي قادها المنسق الرئاسي الخاص آموس هوكشتاين. وذكرت المنسقة الخاصة بعد تسلمها الإحداثيات البحرية الموقعة من كلا البلدين في مقر اليونيفيل في الناقورة: "إنه إنجاز تاريخي على مستويات عدة. آمل أن يكون بمثابة خطوة لبناء الثقة من شأنها تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين المنافع الاقتصادية لكلا البلدين". وستقوم المنسقة الخاصة بإيداع وثائق الترسيم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

وأثنت المنسقة الخاصة على كل من لبنان وإسرائيل لتوصلهما إلى حل متفق عليه من قبل الطرفين. كما شددت على مغزى هذا الاتفاق بالنسبة للبنان، حيث أظهر القادة السياسيون وحدتهم لبلوغ هدف مشترك. وأضافت: "إن الاتفاق يفتح صفحة جديدة للبنان بما قد يساعد على خلق زخم إيجابي لبناء توافق حول المصلحة الوطنية للبلاد".

وأضافت:" منذ تبني الاتفاق الإطاري في عام 2020 الذي أطلق عملية التفاوض حول الترسيم البحري، التزمت الأمم المتحدة بالعمل مع كلا البلدين ومع الولايات المتحدة لوضع حد لنزاعهما على الحدود البحرية. وتطلعاً للمستقبل وبينما يتعين على كافة الأطراف اعطاء الأولوية لتنفيذ التزاماتهم بموجب هذا الاتفاق، ستظل الأمم المتحدة ملتزمة بمساعدة الأطراف على تطبيقه، حسبما يطلب منها وضمن حدود ولايتها. وإدراكاً لأهمية استدامة الأمن والسلم، أعادت المنسقة الخاصة التأكيد على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بشكل كامل، والقرارات الأخرى ذات الصلة."

من جهتها هنّأت السّفيرة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيا، عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، باتّفاق ترسيم الحدود البحريّة اللّبنانيّة الجنوبيّة، قائلةً: "تهانينا لحكومتَي لبنان وإسرائيل على إنجازهما اليوم التّرسيم التّاريخي لحدودهما البحريّة، في مراسم أُقيمت في الناقورة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها