الأربعاء 2021/09/29

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

"نيترات بعلبك": مَن صاحب الشحنة ومِن أين أتت؟

الأربعاء 2021/09/29
"نيترات بعلبك": مَن صاحب الشحنة ومِن أين أتت؟
لا يزال السؤال مطروحاً في التحقيق: كيف دخلت المواد إلى بيروت وما كانت وجهتها؟ (المدن)
increase حجم الخط decrease
كبرت قضية "نيترات بعلبك" وصغرت، وعلى ما يبدو أنها ستعود إلى حجمها الطبيعي. بغضون 10 أيام، تعدّدت الروايات حول ضبط 20 طناً من نيترات الأمونيوم. فقالت رواية أعلامية بأنّ النتيرات المضبوط مطابقة للنيترات التي فجّرت بيروت يوم 4 آب. وقالت رواية أخرى إنّ نيترات بعلبك ترتبط بمخطط أميركي لتحميل حزب الله مسؤولية انفجار مرفأ بيروت. وقالت رواية ثالثة إنّ الشحنة المضبوطة مختلفة عن نيترات انفجار مرفأ بيروت، لكن نسبة الأزوت فيها مرتفعة، ويتمّ البحث عن كيفية دخولها. كثرت الروايات حول القضية في ظلّ صمت رسمي، أمني وقضائي، إلى أن تم اليوم ختم التحقيق الأولي لدى مخابرات الجيش، وإحالة الملف إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي. فصدر البيان الرسمي الأول حول هذه القضية.

بيان الجيش
فقد أعلنت ​قيادة الجيش اللبناني​-​مديرية التوجيه​، في بيان أنه "إثر ضبط شاحنة محملة بنيترات الأمونيوم عند مفرق ​بلدة إيعات​ بتاريخ 17 أيلول 2021، وتوقيف ستة أشخاص من بينهم اللبنانيّان ​مارون الصقر​ و​أحمد الزين​، أحال ​القضاء​ المختص الموقوفين إلى ​مديرية المخابرات​ وكلّفها باستكمال التحقيق". وأشارت المديرية إلى أنها "أوقفت تسعة أشخاص آخرين اشتُبِهَ بتورّطهم، أبرزهم اللبناني سعد الله الصلح مالك الشاحنة وصاحب مؤسسة صلح للأعلاف والحبوب، والسوري خالد الحسن وهو سائق لدى الموقوف الصقر. وتبيّن أنّ المدعو الصلح اشترى خلال شهر آذار من العام الحالي، كميّةً من نيترات الأمونيوم من المدعو الصقر، وأنّ السوريَّين عبيدة العبد الرحمن وخالد الحسن قاما بنقل تلك المواد". وقد أحيل كل من "السوريَّين المذكورين مع المدعوَّين الصقر والصلح إلى القضاء المختص، لتورّطهم ببيع مواد ممنوعة وشرائها وتخزينها ونقلها، فيما أُخلي سبيل باقي الأشخاص". ونفت المديرية "ما أوردته بعض وسائل الإعلام من معطيات حول مجريات التحقيق، مستندةً إلى مصادر عسكريّة مزعومة"، مؤكّدةً "ضرورة الالتزام بالبيانات الرسميّة الصادرة عن قيادة الجيش والمعلومات المعمّمة عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي".

أمور ثابتة
يمكن التيقّن أنّ العبارة الأخيرة من بيان مديرية التوجيه يهدف إلى دحض الروايات التي انتشرت حول هذه الملف. إلا أنّ ذلك لا يلغي جملة من الأمور الثابتة في القضية، ومنها:

أولاً، أنّ المواد المضبوطة غير قانوني التجارة بها من دون إذونات وتراخيص. مع العلم أنه -حسب ما علمت "المدن"- تم إجراء اختبار أولّي على هذه المواد لدى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وتبيّن أن نسبة الأزوت في النيترات المضبوط يفوق 34%. إلا أنه تم العمل على أخذ عيّنة أخرى من المواد المضبوطة، لإجراء الاختبارات اللازمة عليها، على اعتبار أنّ الفحص الأول ظهرت نتيجته بعد ساعات بينما يفترض بالفحوص الاعتيادية أن تتم بغضوم أيام. وبالتالي، ليس للمحققين في الملف بعد جواب واضح حول نسبة الأزوت في الشحنة المضبوطة.

ثانياً، أنّ العلاقة التجارية بين الموقوفين الصلح والصقر قائمة منذ أكثر من عشر سنوات، وهو الأمر الذي تظهره الفواتير التي تمّ تقديمها خلال الاستجوابات، وحتى في الأوراق والمستندات والأجهزة الإلكترونية التي تمّت مصادرتها. وفي هذا الإطار، أكدت إفادات عدد من الشهود، وهم موظفون وسائقون لدى الصقر، بأنهم كانوا ينقلون شحنات لصالح الصلح طوال السنوات الأخيرة من دون معرفة نوعية البضائع التي كانوا ينقلونها. وهو الأمر الذي لا يؤكد ولا ينفي وجود نيترات الأمونيوم لدى الصقر.

ثالثاً، أن أحمد الزين، الموظف في شركة الصلح هو من قام بإبلاغ أحد الضباط الأمنيين حول وجود شحنة نيترات الأمونيوم لدى صاحب الشركة. مع العلم أنه كان على علم بوجود هذه المواد منذ أشهر، وبادر إلى الإفصاح عن وجودها قبل أسبوعين.

أمور غير محسومة
حسب ما يتّضح إلى الآن، ولا شيء محسوماً بعد، فإنّ الاتهّام الصادر بحق الموقوفين هو جرم الاتجار بمواد متفجّرة. كما أنه من غير المحسوم بعد صاحب الشحنة الأساسية، إذ أنه في حين يؤكد الصلح حصوله على النيترات من الصقر، ينفي الأخير أن يكون قد زوّده بها. مع العلم أنّ الأجهزة الأمنية قامت بعملية دهم مستودعات الصقر بحثاً عن مواد أخرى مشابهة. كما أخذت عيّنات من المواد الموجودة في المستودعات ولم يتبيّن وجود مادة نيترات الأمونيوم. كما أنّ طريق الشاحنة التي تمّ ضبطها، لم ترصدها كاميرات المراقبة، وبالتالي، لم يعرف من أي جهة انطلقت. وهو الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً.

فكيف دخلت نيترات الأمونيوم إلى لبنان، وإلى جهة كانت متوجّهة؟ آل الصلح يؤكدون أنّ الشاحنة كانت متوجهة إلى حقل بطاطا لاستخدام المواد لأغراض زراعية. لكنّ السؤال لايزال مطروحاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها