الخميس 2021/09/16

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

إحباط يصيب "حلفاءها": أميركا بلا خطة لإنقاذ لبنان

الخميس 2021/09/16
إحباط يصيب "حلفاءها": أميركا بلا خطة لإنقاذ لبنان
اختار الأميركيون طريقاً متعرجاً قادهم مباشرة إلى أيدي الأسد (Getty)
increase حجم الخط decrease

يمرّ لبنان بأزمةٍ كيانية، لم يسبق أن مرّ بها من قبل. ووسط ذلك، يشعر كثيرون ممن يؤمنون بقدرة الولايات المتحدة على ترتيب شريان الحياة الاقتصادية، مع فرض التغييرات السياسية التي يحتاجها لبنان، بإحباطٍ كبير من سياسة واشنطن. فرغم أن إدارة بايدن لم تغيّر التزامها في دعم الجيش اللبناني، لا يشكل بلدنا الصغير أولوية لها في السياسة الخارجية. إذ يأتي أمن إسرائيل وإحياء الاتفاق النووي مع إيران على رأس جدول أعمال هذه الإدارة الجديدة.

خيبة أمل
هذا الإحباط اللبناني (أو لشطر من اللبنانيين)، تحدثت عنه مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، التي رأت أن الولايات المتحدة ليس لديها خطة نشطة لإنقاذ البلاد، ولا يوجد أي مؤشر على أن هناك خطة قيد التنفيذ. فلقد اكتفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بتلزيم الملف اللبناني إلى فرنسا التي فشلت فشلاً ذريعاً، واعتمدت بسذاجة على النخبة السياسية نفسها. 

وأكملت المجلة الأميركية بالقول إن الشعور السائد في لبنان هو أن الولايات المتحدة تتفاعل مع الأحداث وحسب، بدلاً من تبني سياسة استباقية لانتزاع البلاد من أزمتها الشديدة. وبينما يتمتع العديد من اللبنانيين بعلاقات عميقة مع الولايات المتحدة ويتطلعون إلى أسلوب الحياة الأميركي، ويتبنون أفكارها السياسية، فهم يريدون في الوقت عينه أن تتوقف الولايات المتحدة عن رؤية لبنان من منظور إسرائيلي أو إيراني، ويأملون بدلاً من ذلك أن تصوغ سياسة أكثر شمولاً تركز على تنمية ديموقراطية طموحة. كما يرجون استخدامها قوتها المالية لمعاقبة الفاسدين وتجميد أصولهم غير المشروعة في الخارج.

لا سياسة واضحة
ونقلت المجلة عن محللين لبنانيين قولهم أن الولايات المتحدة أعربت عن تعاطفها العام مع المحتجين، ولم توضح ما الذي ستفعله لدعمهم وحمايتهم. يأتي ذلك مع تركيز إدارة بايدن على إحياء الاتفاق النووي مع إيران، وطرح اللبنانيين علامات استفهام بشأن ما سيعنيه ذلك بالنسبة لقوة حزب الله في الحكومة اللبنانية.

وفي هذا الإطار، قالت لوري هايتيان، الخبيرة اللبنانية في مجال النفط والغاز والمعلقة السياسية: "لا أعتقد أن لدى الولايات المتحدة سياسة واضحة تجاه لبنان. إنهم يقومون بأعمالهم كالمعتاد من خلال المنح المقدمة إلى المنظمات غير الحكومية، ودعم الجيش، وهذا ما اعتادوا القيام به. لستُ أرى أي شيء آخر على المستوى السياسي، فلا يوجد أي تحولات أو أي استراتيجية. الولايات المتحدة تتفاعل مع الأزمات الإنسانية وحسب".

دور أميركا المطلوب
أما بخصوص إعطاء الولايات المتحدة الضوء الأخضر لتزويد لبنان بالغاز المصري عبر الأردن وسوريا، والكهرباء الأردنية عبر الشبكة السورية. فاعتبرت المجلة الأميركية أن الحلفاء العرب لواشنطن مسرورون بهذه الخطط. وكثيرٌ منهم يدفع باتجاه استئناف العلاقات مع سوريا لموازنة النفوذ الإيراني في لبنان. غير أن بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق المقيم في الولايات المتحدة، يقول أن أميركا ترتكب خطأ بالاعتماد على بشار الأسد لمواجهة إيران في لبنان. وتابع موضحاً "الميليشيات الإيرانية تسيطر فعلياً على مناطق في سوريا يمر عبرها الغاز المصري. وبذلك يساعد الأميركيون إيران ولا يحتوونها". 

واستفاضت المجلة الأميركية بشرح تحفاظاتها من الموقف الأميركي، معتبرةً أن الولايات المتحدة قدمت ما تعتبره كافياً من المساعدة لمنع لبنان من الانهيار. ولكن إذا كان من المتوقع أن تقف الدولة على قدميها، فستحتاج إلى الدفع الكامل للقوة الدبلوماسية والمالية الأميركية من أجل إصلاح سياسي واسع النطاق، وربما ضخ واشنطن المزيد من الأموال. في غضون ذلك، يحتاج لبنان إلى ضمانات أميركية لنشطاء المجتمع المدني بأنها ستقوم برد فعل قاسي إذا اغتيل أي منهم، وإلى قدرتها على إيجاد ومعاقبة النخبة الفاسدة التي هربّت أموال الناس إلى البنوك الأجنبية، وتهديدها باستخدام سوط العقوبات وإصرارها على جعل نزع سلاح حزب الله جزءاً من المفاوضات النووية مع إيران في فيينا. مرجحةً أنه في غياب كل ذلك، قد لا يتعافى لبنان على الإطلاق.

المصلحة السياسية أولاً
وفي السياق ذاته، انتقدت صحيفة "إسرائيل هيوم"، سياسة الإدارة الأميركية تجاه لبنان، فوجدت أنه بدلاً من إظهار العزم والقيادة لوقف حيلة إيران، اختار الأميركيون طريقاً متعرجاً قادهم مباشرة إلى أيدي الأسد. واقترحوا أن تقوم الأردن ومصر بنقل الغاز إلى لبنان وكذلك ربط البلاد بشبكات الكهرباء الخاصة بهما. وهذا من شأنه أن يخفف من معاناة اللبنانيين ويسمح بشكل أساسي للحكومة اللبنانية برفض العرض الإيراني لتوفير المحروقات.

وبما أن إبرام هذه الصفقة، يتطلب مباركة الرئيس السوري بشار الأسد. أُعطيت هذه المباركة مقابل وعود أميركية بأن واشنطن لن تستمر في الاعتراض على حكمه وإعتزامها سحب قواتها من سوريا في أسرع وقت ممكن. ووفق الصحيفة، يعني هذا المسار أن الأميركيين سيتخلون عن حلفائهم الأكراد في شمال سوريا، الذين ساعدوهم في محاربة تنظيم "داعش" لصالح نظام دمشق. وبالتالي، يبدو أن الأميركيين مصممون على إثبات أنهم لا يؤمنون بالصداقات، بل بالمصالح وحسب، وعندما تتفوق الأخيرة على الأولى، تنتهي الصداقة.

حكومة دمية!
وعلى صعيدٍ متصل بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة والموقف الإسرائيلي منها، وصف جنرال الاحتياط عساف أوريون، القائد السابق للفرقة الإستراتيجية في الجيش الإسرائيلي، و"الزميل في معهد واشنطن للدراسات"، الحكومة الجديدة بأنها دمية تسمح لحزب الله بإحكام قبضته على البلاد. مضيفاً "لبنان ليس دولة فاشلة، بل دولة مزيفة".

وقال أوريون لشبكة "سي بي إن نيوز" الأميركية، أن الغرب بحاجة إلى التعلم من أفغانستان، حين دعمت الولايات المتحدة على مدى عقود الحكومة المحلية التي عادت لتسيطر عليها حركة طالبان قبل أن يغادر الأميركيون. مردفاً "نحن بحاجة إلى تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، وفرض عقوبات عليه، ومحاربته في جميع أنحاء الحكومة، والتعامل مالياً، وقانونياً، وسياسياً، وعسكرياً إذا لزم الأمر، والاعتراف بالواقع على حقيقته".

كما شدد أوريون على أن "حزب الله ليس مشكلة عميقة للبنان وعامة الناس وحسب، بل يمثل أيضاً أخطر تهديد عسكري لإسرائيل على حدودها". وختّم محذراً  "علينا أن نأخذ في الحسبان احتمال نشوب حرب أشد في المنطقة بين إسرائيل وحزب الله، وذلك لأن إيران تواصل دفع نفسها إلى حدود إسرائيل في كلٍ من لبنان وسوريا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها