الخميس 2021/08/19

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

إسرائيل تشبّه الانسحاب الاميركي من أفغانستان بانسحابها من لبنان

الخميس 2021/08/19
إسرائيل تشبّه الانسحاب الاميركي من أفغانستان بانسحابها من لبنان
الاعتماد على الأمم المتحدة لحفظ السلام كان خطأَ جسيماً في لبنان وغزة (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
لا تخفي إسرائيل خشيتها وقلقها العميقين من سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، لما لها من تداعياتٍ سلبية على مصالحها الأمنية وبيئتها الاستراتيجية المباشر، فضلاً عن تعزيز قوة من تسميّهم بالمحور الراديكالي. وذهبت تحليلات إعلامها إلى حد تشبيه ما أقدمت عليه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في إفغانستان، بالانسحاب الإسرائيلي المذّل من جنوب لبنان عام 2000، والذي انعكس سلباً على الحدود الشمالية مع تحول حزب الله إلى قوةٍ ضاربة.

خطأ لبنان يتكرر في أفغانستان
يجمع معظم المحللين الإسرائيليين على أن تداعيات سيطرة طالبان على زمام الأمور في أفغانستان ستكون كبيرة على تل أبيب. وصوبوا سهامهم على ما يعتبرونه قصر النظر لدى الإدارة الأميركية وتغاضيها عن تحجيم دور إسرائيل، مقابل دعم موقف إيران وحزب الله. وفي هذا الصدد، توجهت المراسلة العسكرية في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، آنا أحرونيم، بانتقادات لاذعة لإدارة بايدن لعدم استخلاصِها العِبر من لبنان وغزة.

وفي إطار شرحها الموقف الإسرائيلي، اعتبرت أحرونيم أن الولايات المتحدة لم تأخذ بالاعتبار قبيل إعلانها الانسحاب من أفغانستان، ما قاسته إسرائيل بعد انسحابها من جنوب لبنان. فبعد 21 عاماً، أصبح حزب الله واحداً من أقوى الجيوش الإرهابية في العالم، ويمتلك ترسانة تُقدر بـ 130 إلى 150 ألف صاروخ موجه نحو إسرائيل. وقد قاتل عناصره في سوريا ودربوا ميليشيات في العراق واليمن. كما أصبح جزءاً مركزياً من الإطار الاجتماعي والسياسي اللبناني، ما يجعل من المستحيل تقريباً اقتلاعه من البنية التحتية المدنية في لبنان.

وتابعت المراسلة العسكرية إن انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان وغزة بعث رسالة إلى الجماعات المعادية للدولة العبرية مفادها أن هناك طريقة لهزيمة إسرائيل: ليست من خلال العمليات العسكرية أو بالدبلوماسية، بل من خلال إرهاقها حتى تنسحب من الأراضي التي تحتلها. وهذا بالفعل ما كررته طالبان بعدما أنهكت الجيش الأميركي العظيم والقوي.

إيهود باراك وجو بايدن
ووصف الكاتب في صحيفة "جيروزاليم بوست"، هيرب كاينون، قرار بايدن بالانسحاب من أفغانستان بـ"الفوضوي والمتسرع والمذّل"، متحدثاً عن شبهٍ كبيرٍ بين انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان.

وشرح الكاتب الإسرائيلي أنه في 24 أيار 2000، وتحت جنح الظلام، أنهى الجيش الإسرائيلي على عجل انسحاباً متسرعاً وفوضوياً من لبنان. وبدلاً من أن ينسحب بطريقة سلسة، انسحب خلسة بين عشية وضحاها وبطريقة غير منتظمة، فاجتاح حزب الله المواقع التي سلّمتها إسرائيل لحليفها، جيش لبنان الجنوبي، وتدفق لاجئون لبنانيون بغزارة هائلة إلى إسرائيل.

وتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، أيهود باراك، إلى الحكومة اللبنانية مهدداً إياها بأن أي انتهاك للحدود قد يصبح عملاً حربياً. غير أن حزب الله لم يكترث لتهديداته، وعزز ترسانته العسكرية، وبات يهدد أمن إسرائيل. وخير دليل على ذلك إطلاق قذائف صاروخية من جنوب لبنان خلال الأسبوعين الماضيين.

ويعيد مشهد دفاع الرئيس الأميركي جو بايدن عن قراره بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، حسب الكاتب الإسرائيلي، إلى الأذهان دفاع إيهود باراك عن الانسحاب من لبنان، إذ ألقى بايدن باللائمة على الجميع، باستثناء نفسه، وعلى التحول المروّع للأحداث. لكن هذا لا يُعفيه من مسؤولية الفوضى في مطار كابول، أو وقوع حوالي 300 ألف أفغاني ممّن ساعدوا الولايات المتحدة وحلفائها في البلاد على مدى العقدين الماضيين، تحت رحمة طالبان، أو من أن لدى الولايات المتحدة أفضل استخبارات تمويلاً وتجهيزاً في العالم. ولكنها فشلت في التنبؤ بمدى سرعة سيطرة طالبان على البلاد.

الاعتماد على النفس
وما حدث في أفغانستان أشعل الجدل في الدولة العبرية، حول ضرورة اتباع إسرائيل استراتيجية جديدة، ضد عدوها الأخطر حزب الله. ولعل أبرز الدعوات التي تصب في هذا الاتجاه، جاءت من وكالة "إسرائيل اليوم"، التي دعت إسرائيل إلى الاعتقاد بأن الهزيمة الكاملة لأعدائها هي وحدها التي ستمنع سيناريو أفغانستان. فالأميركيون وحلفاؤهم لم ينجحوا في هزيمة طالبان وفي السيطرة على أراضي أفغانستان. واعتمدوا على تقديرات استخباراتية ثَبت أنها خاطئة.

أمّا الدرس الآخر الذي يمكن أن تتعلمه إسرائيل من انتصار طالبان، وفق الوكالة، فهو أن فائض القوة العسكرية والاستخبارات والخبرة لا تعني دائماً كسب الحرب ضد عدو يختبئ بين السكان المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها. فلقد أُتيحت لإسرائيل فرصة هزيمة حزب الله في عام 2006 أثناء حرب تموز، وإلحاق ضرر بالغ بحماس خلال الحروب الأربع في غزة، لكنها لم تفعل ذلك. وهنا ثَبت أيضاً أن الاعتماد على الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة لحفظ السلام كان خطأَ جسيماً في كلٍ من لبنان وغزة.

وخلصت الوكالة إلى القول إن الهزيمة الفعلية للمشروع الأميركي في أفغانستان يجب أن تعلّم إسرائيل أنها لا تستطيع الاعتماد بشكلٍ كامل حتى على حليفها الأول، الولايات المتحدة. وتبقى العين شاخصةً إذا ما كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية تفهم هذه الدروس أم لا، مع إرسال رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد إشارات مختلطة إلى أعداء إسرائيل من خلال عدم الرد بقوة كافية على استفزازات حماس وحزب الله الأخيرة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها