وشرح الكاتب الإسرائيلي أنه في 24 أيار 2000، وتحت جنح الظلام، أنهى الجيش الإسرائيلي على عجل انسحاباً متسرعاً وفوضوياً من لبنان. وبدلاً من أن ينسحب بطريقة سلسة، انسحب خلسة بين عشية وضحاها وبطريقة غير منتظمة، فاجتاح حزب الله المواقع التي سلّمتها إسرائيل لحليفها، جيش لبنان الجنوبي، وتدفق لاجئون لبنانيون بغزارة هائلة إلى إسرائيل.
وتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، أيهود باراك، إلى الحكومة اللبنانية مهدداً إياها بأن أي انتهاك للحدود قد يصبح عملاً حربياً. غير أن حزب الله لم يكترث لتهديداته، وعزز ترسانته العسكرية، وبات يهدد أمن إسرائيل. وخير دليل على ذلك إطلاق قذائف صاروخية من جنوب لبنان خلال الأسبوعين الماضيين.
ويعيد مشهد دفاع الرئيس الأميركي جو بايدن عن قراره بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، حسب الكاتب الإسرائيلي، إلى الأذهان دفاع إيهود باراك عن الانسحاب من لبنان، إذ ألقى بايدن باللائمة على الجميع، باستثناء نفسه، وعلى التحول المروّع للأحداث. لكن هذا لا يُعفيه من مسؤولية الفوضى في مطار كابول، أو وقوع حوالي 300 ألف أفغاني ممّن ساعدوا الولايات المتحدة وحلفائها في البلاد على مدى العقدين الماضيين، تحت رحمة طالبان، أو من أن لدى الولايات المتحدة أفضل استخبارات تمويلاً وتجهيزاً في العالم. ولكنها فشلت في التنبؤ بمدى سرعة سيطرة طالبان على البلاد.
الاعتماد على النفس
وما حدث في أفغانستان أشعل الجدل في الدولة العبرية، حول ضرورة اتباع إسرائيل استراتيجية جديدة، ضد عدوها الأخطر حزب الله. ولعل أبرز الدعوات التي تصب في هذا الاتجاه، جاءت من وكالة "إسرائيل اليوم"، التي دعت إسرائيل إلى الاعتقاد بأن الهزيمة الكاملة لأعدائها هي وحدها التي ستمنع سيناريو أفغانستان. فالأميركيون وحلفاؤهم لم ينجحوا في هزيمة طالبان وفي السيطرة على أراضي أفغانستان. واعتمدوا على تقديرات استخباراتية ثَبت أنها خاطئة.
أمّا الدرس الآخر الذي يمكن أن تتعلمه إسرائيل من انتصار طالبان، وفق الوكالة، فهو أن فائض القوة العسكرية والاستخبارات والخبرة لا تعني دائماً كسب الحرب ضد عدو يختبئ بين السكان المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها. فلقد أُتيحت لإسرائيل فرصة هزيمة حزب الله في عام 2006 أثناء حرب تموز، وإلحاق ضرر بالغ بحماس خلال الحروب الأربع في غزة، لكنها لم تفعل ذلك. وهنا ثَبت أيضاً أن الاعتماد على الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة لحفظ السلام كان خطأَ جسيماً في كلٍ من لبنان وغزة.
وخلصت الوكالة إلى القول إن الهزيمة الفعلية للمشروع الأميركي في أفغانستان يجب أن تعلّم إسرائيل أنها لا تستطيع الاعتماد بشكلٍ كامل حتى على حليفها الأول، الولايات المتحدة. وتبقى العين شاخصةً إذا ما كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية تفهم هذه الدروس أم لا، مع إرسال رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد إشارات مختلطة إلى أعداء إسرائيل من خلال عدم الرد بقوة كافية على استفزازات حماس وحزب الله الأخيرة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها