الخميس 2021/08/12

آخر تحديث: 17:16 (بيروت)

إنما النصر صبر ساعة.. أو أكثر

الخميس 2021/08/12
إنما النصر صبر ساعة.. أو أكثر
ويقولون: لقد ولى زمن الهزائم (Getty)
increase حجم الخط decrease

سيقولون: ليست صدفة أن نزلت علينا كل هذه المصائب من كل النواحي، بالتزامن مع الإعلان الواثق أن القدس صارت أقرب من أي وقت مضى. إنها المؤامرة إذاً، التي أخذتنا إلى طوابير محطات الوقود والأفران، وأفقدتنا أدويتنا، وحرمتنا من الكهرباء، وأذلتنا داخل المصارف، وشردتنا من وظائفنا.. بدل أن نسير بطريق القدس. إنها المؤامرة التي تبث فتنتها بين الدروز والسنّة والمسيحيين والشيعة، وعلى الشيعة وحزبهم خصوصاً، بدل أن نتوحد تحت راية الانتصارات الإلهية الزاحفة نحو القدس.

سيقولون: ليست صدفة ما أن دنونا من تحقيق "التوازن الاستراتيجي" بعد الانتصار في سوريا، حتى وقعنا في بئر الإدقاع والفقر والفوضى. إنها المؤامرة الكونية التي لا تكلّ في دسائسها لإفساد سياسيينا وإفلاس بنوكنا وإفراغ خزينتنا وتأليب طائفة على طائفة. بل وتحريض طوائف على طائفة أشرف الناس. إنها المؤامرة التي تمنع وحدة مسار البنزين بين لبنان وسوريا ووحدة مصير العملة بين البلدين الشقيقين.

سيقولون: لن نركع حتى ولو جوّعونا وحرمونا من الدولار والمازوت والدواء والحليب. سنرضع أطفالنا كرامة وعزة. لن نستسلم للمتخاذلين والخونة والعملاء الخائفين على بيوتهم وأرضهم وأرزاقهم. لن نرضخ لعقوبات أوروبية وأميركية. لن نقبل بتحقيق مسيّس يخدم "شركات التأمين" في انفجار المرفأ الذي حدث قضاء وقدراً بينترات أمونيوم لا يملكها أحد ولم يجلبها أحد ولم يستعملها أحد ولم يعرف بها أحد.

سيقولون: لن نحيد عن نهجنا وسلاحنا وعقيدتنا كما الضالّين من ملايين اللبنانيين الذين أخذتهم مغريات الدنيا وغفلوا عن الآخرة. لن ننجر إلى الاقتتال الأهلي الطائفي. فنحن الصواب والغلبة وأصحاب الحق بالسلاح دون غيرنا.. ومن يرفض "سنقتله، سنقتله، سنقتله".

سيقولون: إنها الحرب الاقتصادية القاسية والحصار الجائر اللذان يمنعان عنا المال والغذاء والوقود والتجارة من أجل "التطبيع" ومذلة تسليم السلاح. فصبراً قليلاً، وشدة ستزول، فبيئتنا الحاضنة واعية للمؤامرة. وأصلاً لم يكن اقتصادنا سوى "صحن حمص وسياحة كافرة" غير منتج وغير مقاوم، رأسمالياً تابعاً للغرب والامبريالية.

سيقولون: لقد ولى زمن الهزائم، من طهران إلى بغداد ودمشق وصنعاء وصولاً إلى جنوب لبنان. محورنا هو الأقوى وهو المنيع الممانع، وها هي إسرائيل لا تزال تقف "على إجر ونص". فما بالنا برياض سلامة أو تشكيل حكومة أو شروط البنك الدولي وبنود المبادرة الفرنسية وطعام جنود الجيش اللبناني وفاتورة اشتراك بمولد كهربائي أو فاتورة مستشفى أو رأي بطريرك طائفة أو تمرد عشائر أو حتى ضغينة نصف اللبنانيين من أتباع السفارات.. أو انهيار عملة وإفلاس الدولة برمتها.

سيقولون: إننا نخدمكم بأشفار عيوننا. نستشهد من أجلكم. نروي الأرض بدمائنا. ندافع عن لبنان وحدوده. نصون كرامتكم. فلما الشكوى والافتراء والتحامل؟ إنهم أميركا وإسرائيل وعرب الخليج وفرنسا وانكلترا وسائر الدول التي تسير بفلكهم من تسبب لكم بالمأساة والمذلة. إنهم الأعداء الذين يخدعونكم ويحرضونكم على المقاومة وحزبها. ومن أجل ماذا؟ الدولار والبنزين والخبز والدواء؟ ما دخلنا أصلاً بمصرف لبنان ووزارة الطاقة وشركة الكهرباء والاستيراد والتصدير؟ ألم نقل لكم منذ الثمانينات إننا نقاوم ونحمل السلاح حتى تقوم الدولة العادلة والقوية؟ فكيف تقوم الدولة المنشودة إن لم نتخلص أولاً من هذه القائمة الضعيفة الفاسدة الطائفية؟
سيقولون أخيراً: اصمتوا. إنما النصر صبر ساعة.

لكن أحياناً كثيرة، يكون حساب تلك الساعة، على مثال "وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها