قبل يومين من موعد المعركة الأولى في نقابة المهندسين، يوم الأحد المقبل، كرّست "النقابة تنتفض" و"جبهة المعارضة اللبنانية" تحالفهما في بيان مشترك، وضع الحد لكل محاولات العرقلة وضرب الاتفاق خلال الأيام الماضية. محاولة إجهاض هذا التحالف، أبرزها كان داخلياً من قلب مجموعات 17 تشرين. فكان على قوى التغيير المختلفة خوض نقاشات حادة، ولو أنها من المفترض أن تكون بديهية، من أجل توحيد الصفوف في مواجهة السلطة وأحزابها. ناشطون ومهندسون ومجموعات سقطوا في فخّ "النقاء الثوري" والعداء الساذج والمطلق للأحزاب، لكنّ الغلبة كانت للتوحيد. فبات التجمّع النقابي الواسع الذي يضمّ 29 حزباً ومجموعةً الجبهة الأولى على خطّ المعركة الضرورية في وجه السلطة وأحزابها في النقابة. لكن على خط 17 تشرين، برز أيضاً تحالف آخر شاء أن يغرّد خارج السرب، ولو أنّه لن يحلّق كثيراً بفعل انشقاقات حصلت داخله، وهو التحالف الذي يحمل عنوان " المهندس أولاً– الثورة النقابية المستقلة".
بيان التحالف
وجاء في البيان الصادر عن "النقابة تنتفض" و"جبهة المعارضة اللبنانية" أنه "انطلاقاً من مبادئ ثورة الشعب اللبناني في 17 تشرين 2019، وتأكيداً على ضرورة توحيد كل قوى الاعتراض من أجل خوض المواجهة الشاملة مع هذه المنظومة والمافيا الحاكمة، التي عمدت إلى قتلنا بكل الوسائل الممكنة، إفلاساً وتجويعاً ونهباً للمال العام، وقتلاً متعمداً عبر انفجار كاد يطيح بالعاصمة، وحول أهلها إلى أحياء بالصدفة.. توافق كل من ائتلاف النقابة تنتفض وجبهة المعارضة اللبنانية" على التحالف ضمن لائحة "النقابة تنتفض"، وفق معايير واضحة، في انتخابات نقابة المهندسين لمواجهة السلطة وإغلاق كل الأبواب التي يمكن أن تتسلّل منها لضرب وحدة القوى التغييرية وقدرتها على قلب المعادلة". وأكد البيان أنّ الطرفين "حرصا على بذل كل الجهود الممكنة –وما زالت المساعي قائمة- لفتح كل قنوات التواصل مع كل القوى والمجموعات والجبهات المعارضة".
معايير واضحة
الأهم في هذا الإطار، أنه بعد نقاشات أسابيع وعمليات أخذ وردّ كثيرة، توصّلت كل هذه الأطراف المنضوية ضمن الاتئلافين إلى صيغة موحّدة في السعي الدؤوب لكسر السلطة في واحدة من أكبر النقابات اللبنانية، بمعايير وشروط "النقابة تنتنقض"، والتي تتحدّث عن نفسها وتشير إلى هوية سياسية ونقابية تغييرية واضحة، شاء بعض من في 17 تشرين عدم رؤيتها. فمن بين هذه المعايير، عدم الإنتماء للمنظومة الحاكمة أو لأي من أحزابها وكل ما يمت لها بصلة أو لمحوري 14 و8 آذار وعدم الاستفادة من أي ارتباط سابق بها ومن المحاصصة والزبائنية منذ مدة لا تقلّ عن ثلاث سنوات. والنزاهة ونظافة الكف والخبرة في العمل النقابي سواءً داخل أو خارج النقابة. إضافة إلى الانخراط في الشأن العام. خلاصة كل هذا، أنّ لا مرشحّين حزبيين ولا أسماء رنّانة، والكل مشارك باسم انتفاضة 17 تشرين فقط لا غير.
تحالف ثلاثي مترنّح
وحتى ساعات متأخرة من ليل الخميس، كانت محاولة دؤوبة أخيرة من قبل ممثلين عن "النقابة تنتفض" مع أطراف من تحالف "الثورة النقابية المستقلّة" لانضمامه إلى المسعى التغييري الموحدّ. والتحالف الأخير يضمّ ثلاث مجموعات أساسية هي "مهندسون مستقلّون" و"لنا النقابة المستقلّة" و"المجموعة المهنية- الخيار المهني". لم تنجح المساعي بعد، لكن جولة أخرى قد تنطلق صباح الجمعة. وواقع الحال يقول إنّ مجموعات التحالف الأخير انقسمت بفعل عدم الانضمام إلى التجمّع النقابي الأكبر. وعلى الرغم من ذلك، سيكون مؤتمر صحافي يوم غد الجمعة لإطلاق حملة الترشيحات الخاصة به، في حين انسحب عدد من المرشحين أو الفاعلين في هذا التحالف.
في معركة نقابة المهندسين بوجه السلطة وأحزابها، لا تزال المساعي مستمرّة من أجل لملمة كل الأصوات المعارضة ضمن إطار ثوابت ومبادئ وعناوين ثورة 17 تشرين. لكنّ الخوف يبقى من أن تمهّد بعض هذه الأصوات الطريق لتحالفات مع قوى من السلطة، فتضرب من جهة صفّ 17 تشرين وتعطي غطاء الثورة لبعض الأحزاب السلطوية. فيكون ذلك دساً فعلياً، يصفه بعض المهندسين بـ"الطعن بالظَهر". "النقابة تنتفض"، بجبهاتها وائتلافاتها ومجموعاتها ومهندسيها وناشطيها، تقدّم اليوم نموذجاً جديداً لمصارعة السلطة ومقارعتها. إن فشلت، نكون خسرنا معركة أخرى. وإن انتصرت، تكون الانتفاضة ومفاعيلها لا تزال على قيد الحياة. الانتصار الأول تحقّق، بأطياف "النقابة تنتفض" وتنوّعها وألوانها، كتجربة توحيدية أولى.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها