الأربعاء 2021/05/26

آخر تحديث: 12:50 (بيروت)

المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مستمرة: لكن ما الجدوى منها؟

الأربعاء 2021/05/26
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مستمرة: لكن ما الجدوى منها؟
مصير المحكمة الدولية بات بيد المجتمع الدولي الذي يقع على عاتقه تمويل أعمالها (Getty)
increase حجم الخط decrease
هل باتت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مهدّدة بفعل نفاد التمويل؟ لبنان، المنهك مالياً واقتصادياً وسياسياً، لم يناقش إلى اليوم موضوع تمويل عمل المحكمة لعام إضافي. قرابة 35 مليون دولار، هي الحصة المتوجّبة على لبنان سنوياً، وهي ليست لا في البال وعلى الخاطر، في ظلّ أشدّ الأزمات التي تمرّ بها البلاد. لكن سير الأمور، يشير إلى أنّ منتصف شهر حزيران المقبل سيكون موعد انطلاق محاكمة العضو في حزب الله سليم عياش بضلوعه في تنفيذ اغتيال أمين عام الحزب الشيوعي الأسبق جورج حاوي (حزيران 2005)، ومحاولة اغتيال كل من الوزير السابق مروان حمادة (تشرين الأول 2004) والوزير السابق إلياس المرّ (تموز 2005). وذلك بعد إدانته منفرداً باغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005.

المعنيون سيحضرون
وحسب ما علمت "المدن"، فإنّ أعمال المحكمة الدولية ستستمرّ في حزيران، وسبق أن تمّ توجيه الدعوات للمعنيين في الملفات الثلاثة للحضور إلى المحكمة في لاهاي. كما سبق وأعلنت المحكمة عن استقبال طلبات الصحافيين الراغبين بتأدية التغطية الإعلامية لأعمالها. وقد تم إقفال موعد تقديم الطلبات قبل أيام في 20 أيار الجاري. وبالتالي، لن يؤثّر الموضوع المالي على سير أعمال المحكمة في الأشهر المقبلة، مع التأكيد على أنّ هذه الدعوات لم تُلغَ حتى الساعة.‏ كما أنه يبدو ضرباً من الجنون مناقشة هذا الملف المالي في حين أنّ أغلب اللبنانيين باتوا تحت خط الفقر، ونفدت الأموال من خزينة الدولة، وتم وضع اليد على ودائع اللبنانيين في المصارف، والناس تبحث عن تنكة بنزين أو أرزّ مدعوم أو حبّة دواء مفقود لتشفي نفسها.

التمويل اللبناني
وحسب مطلّعين على أعمال المحكمة، يدرك القيّمون عليها حجم الأزمة التي تمرّ بها البلاد. وعلى ما يبدو قرّر هؤلاء نسف أي نيّة للطلب من لبنان أساساً تسديد حصّته من تمويل المحكمة، أي أنّ مخططات استمرارها مبنيّة على عدم وجود التمويل اللبناني. فيتم العمل على تأمين تمويل جانبي من قبل المجتمع الدولي، لاستمرار عمل المحكمة مستقبلاً. وهو ما باشر به أساساً الأمين العام للأمم المتحدة من خلال الطلب "بتقديم مساهمات طوعية من أجل تأمين الأموال اللازمة لدعم ‏الإجراءات القضائية التي تظل أمام المحكمة"، حسب ما يقول نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق. وبالتالي، مستقبلاً، يصبح مصير المحكمة بيد المجتمع الدولي. وإن عجز، أو رفض لأسباب سياسية أو ما خالفها، تكون المحكمة الدولية قد أصبحت في خبر كان.

إعادة هيكلة وتخفيضات
ويبدو أنّ المحكمة الدولية ستتابع عملها بعد تخفيض ميزانيتها السنوية بنسبة 49%. وهي النسبة التي يتوجّب على لبنان تسديدها كل عام. كما ستتمّ الاستعانة بالاحتياطي المالي الخاص بها، وسط تدابير اقتصادية من المقرّر اتخاذها لتقليص النفقات لجهة الموظفين في مكاتبها المتعدّدة أولاً، ومصاريف تقنية أخرى مثل عدم ضرورة حضور عدد من المعنيين إلى لاهاي، والاكتفاء بتدوين ما بحوزتهم عبر وسائل الاتصال. على أن لا تؤثّر هذه التخفيضات على عملها و"جودتها"، إضافة إلى إعادة جدولة أسلوب العمل، من خلال جمع الملفات بيد موظفين بدل تخصيص عدد من الموظفين لكل ملف من جهة، واختصار أعمالها من جهة أخرى.

جدوى المحكمة
على أي حال، يبدو أنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مستمرّة في عملها، بغض النظر عن نتائجها، التي ظهرت مخيّبة للآمال في آب الماضي، وأدانت شخصاً وحيداً في أكبر عملية اغتيال شهدها لبنان في تاريخه. فتستمرّ في جلساتها التي تنطلق في حزيران لإدانة الشخص نفسه، سليم عياش، في ارتكاب العمليات الثلاث التي تم ربطها بملف اغتيال الرئيس الحريري. فإدانة هذا العنصر الوحيد في الجرائم الثلاث، لن يقدّم ولن يؤخّر. وفي الوقت نفسه، فإن نسف المحكمة الدولية يعني أنّ لا محاسبة ولا تحقيق في مختلف الجرائم السياسية التي ارتكبت في لبنان منذ 2004 إلى اليوم. وحتى الأمس القريب، في 4 شباط 2021، كان اغتيال آخر لا يزال ملف التحقيقات فيه خالٍ على ما يبدو من أي اسم أو قصاصة ورق.

وفي المحصّلة، الاغتيالات وقعت، ونتائج التحقيق الدولي فيها هشّة. وعلى ما يقول عدد من المتابعين لأعمال المحكمة فإنها "أتت بالغرض الأقصى منها". وبالتالي، يجوز التساؤل: ما الجدوى من استمرارها؟ خصوصاً أنها لم تقدّم أي جديد حتى على مستوى التحقيقات. فالتحقيق بدأ وانتهى عند خلاصات الشهيد وسام عيد. إلا إذا كان المطلوب أن يزيّن المُدان جدار منزله بالأحكام الصادرة بحقه. خصوصاً أنّ توقيفه أو إلقاء القبض عليه في لبنان يبدو ضرباً من ضروب الخيال، أو مجرّد حلم من أحلام اليقظة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها