الثلاثاء 2021/11/02

آخر تحديث: 13:41 (بيروت)

رواية دياب لانفجار المرفأ: مسؤولية عون والمجلس الأعلى

الثلاثاء 2021/11/02
رواية دياب لانفجار المرفأ: مسؤولية عون والمجلس الأعلى
الرؤساء والضباط في جلسة المجلس الأعلى للدفاع المشؤومة يوم 28 تموز 2020 (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
رئيس الحكومة السابق، حسان دياب، استقال بعد 5 أيام على انفجار مرفأ بيروت. للرئيس دياب، المدعى عليه في ملف جريمة 4 آب والصادرة بحقه مذكرتي إحضار، رواية خاصة عن موضوع نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12. رواية يمكن استشفافها من نص الدعوى التي تقدّم بها الأسبوع الماضي وكلاؤه القانونيون، نقيبة المحامين السابقة أمل حداد، ونقيب المحامين السابق رشيد درباس، والوزير السابق ناجي البستاني، لمداعاة الدولة ضد المحقق العدلي في الملف، القاضي طارق البيطار، لإبطال الادعاء على موكلهم. كما أنّ هذه الرواية قدّمها دياب لدى استماع المحقق العدلي السابق، القاضي فادي صوان، إليه في الثالث من أيلول 2020. فماذا في رواية دياب لشحنة نيترات الأمونيوم؟

3 حزيران
ليل الثالث من حزيران 2020، علم مستشار دياب، خضر طالب، بوجود نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، خلال سهرة جمعته مع المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا. تلك الليلة تبلّغ طالب أنه "توجد في أحد عنابر المرفأ كميّة 2000 كيلوغراماً من مادة الـTNT". فبادر طالب إلى الاتصال بدياب فوراً. وبناءً على الاتصال كلّف دياب آمر سرية الحرس الحكومي، الرائد محمد عبد الله، النزول إلى المرفأ تمهيداً لزيارة دياب إلى المكان.

زيارة 4 حزيران
وحسب الرواية نفسها، قرّر دياب زيارة المرفأ في اليوم التالي، أي في الرابع من حزيران 2020. فتوجّه الرائد عبد الله ليلاً إلى المرفأ لتأمين عملية الدخول والخروج. وبعد ساعتين اتصل عبد الله بدياب، وقال له إنّ "ضباط أمن الدولة في المرفأ ‏أوضحوا له أنّ المواد ليست ‏TNT‏ ‏انما حوالى 2500 طن من السماد الكيماوي، وأنها مخزّنة ‏في أحد العنابر منذ سبع سنوات، ‏والقضاء يضع يده على الموضوع". فأحجم دياب عن النزول. وقد يكون حينها تمّ ما عُرف لاحقاً بـ"بحث الغوغل"، حين لجأ دياب إلى محرّكات البحث عن الإنترنت للتيقّن من نوعية هذه المادة. فتبيّن له أنها سماد زراعي، وربما لم تدفعه حشريته إلى الغوص في التفاصيل، وحقيقة أنه في القرن الأخير، منذ 1920 حتى العام الماضي، وقع 31 انفجاراً بفعل نيترات الأمونيوم التي أدّت إلى قتل 1898 شخصاً.

تقرير 24 تموز
بناءً على ذلك، طُلب إعداد تقرير مفصّل عن هذا الموضوع يوم 3 حزيران. والمستهجن أن  دياب تسلمه يوم 24 تموز 2020 "وكان موقعاً يوم 22 تموز". أي أنّ إعداد تقرير من أربع صفحات فقط تطلّب 49 يوماً، ووصل إلى دياب بعد 51 يوماً (!). وقد أحال دياب نسختين منه إلى وزارة العدل ووزارة الأشغال العامة والنقل، إضافة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون. أي أن التقرير، حسب الرواية، كان مؤلفاً فقط من أربع صفحات واستوجب إعدادها كل هذه الأسابيع؟!

اجتماع 28 تموز
في الثامن والعشرين من تموز 2020، اجتمع مجلس الدفاع الأعلى برئاسة الرئيس عون وبكامل أعضائه من القادة الأمنيين، بمن فيهم اللواء طوني صليبا، حسب رواية دياب. إلا أنه لم يتمّ بحث ملف نيترات الأمونيوم ولم "يتعرّضوا لهذا الموضوع بقليل أو كثير". فتابع المجلس يومها، حسب البيان الصحافي الصادر عنه، مستجدات فيروس كورونا والتطوّرات والإجراءات للحدّ من انتشار الفيروس. وكان لافتاً حضور وزيري الأشغال العامة والنقل والعدل اللذان تسلّما نسخة من التقرير الذي تمّ إعداده حول نيترات الأمونيوم، إضافة إلى عون وصليبا ودياب، وسائر القيادات الأمنية ومنهم مدير عام الأمن العام ومدير المخابرات وقائد الجيش. وحينها دان عون ودياب الاعتداء الإسرائيلي جنوباً الذي تم يوم 27 تموز، وانطلقا للبحث في أزمة كورونا، كما سأل دياب يومها عن هيبة الدولة والقضاء والأجهزة الأمنية عن فلتان أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.

توزّع مسؤوليات
اللافت في رواية دياب إشارة موكليه عن ما حدث في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع يوم 28 تموز، أنّ "اللواء طوني صليبا، صاحب التقرير، وفخامة الرئيس ذا التاريخ العسكري الكبير، والأمنيين المختصين لم يتّعرضوا لهذا الموضوع بقليل أو كثير مما كان يدعو للاعتقاد أنّ المسألة لم تؤخذ بالجدية المطلوبة من أولئك المختصين". واعتبروا أنّ "أجهزة رئاسة الحكومة ليست لديها التخصصات والصلاحية في هذا الأمر، علماً أن تصدّع الدولة المتمادي، قد سيّب الأمور إلى درجة أنّ لبنان كله صار جاهزاً أن يكون عناقيد قنابل لانتشار المواد الملتهبة على طول شاطئه، وفي سهوله والجبال". ويضاف إلى ذلك تحميل المجلس الأعلى مسؤولية "الاستلشاء" والاستهتار، إضافة إلى مسؤولية القضاء في الملف على اعتبار أنه قيل لدياب "إنّ ‏القضاء يضع يده على الموضوع"، أو مسؤولية من قال له هذا الأمر.

سماد مشبّع بالأزوت
في رواية دياب، لا يزال الأخير يصرّ على وصف نيترات الأمونيوم المكدّسة في المرفأ ونسبة الأزوت فيها 34.7% بـ"السماد الكيماوي المشبع بالأزوت". وقد يكون صحيحاً، أنّ دياب "ليس ذا خبرة بالمتفجرات أو بإمكانية تحول السماد إلى ما يشبه القنبلة النووية‏، وليس خبيراً في قضايا المتفجرات والمواد المشتعلة، ولا ملماً بها حتى ‏يتوقّع انفجاراً أو اشتعال تلك المواد، بعد أن قيل له إنها مواد كيماوية تستعمل في ‏الزراعة وليست مواد متفجرة".

ألا يكفي القول إنّ دياب لم يعرض التقرير بنفسه على طاولتي مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع، لرسم مسؤولية أساسية حول دوره؟ ألا يكفي القول إنّ جهل دياب بالمتفجرات والنيترات وخطورتها ساهم إلى حدّ كبير في المجزرة؟ ألا يكفي القول إنّ "السماد الزراعي المشبّع بالأزوت" مرّ مرور الكرام على رؤساء وخبراء وضباط وقادة أمنيين؟ كانوا يعلمون بالتفاصيل ولو لم يدركوها جهلاً أو إهمالاً شديداً واستهتاراً يوازي الجناية الكبرى؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها