السبت 2021/10/16

آخر تحديث: 16:59 (بيروت)

48 ساعة حاسمة: البيطار أمام التفتيش القضائي كمقدمة لتنحيته؟

السبت 2021/10/16
increase حجم الخط decrease
يحاول المعنيون في القضاء استباق كلمة الأمين العام لحزب الله المقرّرة يوم الإثنين المقبل، للبحث عن مخارج للأزمة المتعلّقة بملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. وفي هذا الإطار، أكدت مصادر متابعة لـ"المدن" على أنّ اللقاء الذي جمع اليوم السبت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير العدل هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لم يتطرّق إلى ملف المرفأ ومطلب ثنائي حزب الله وحركة بإقالة القاضي طارق البيطار وتنحيته. فأكدت المصادر على أنّ "موقف رئيس الحكومة لا يزال هو نفسه كما في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بأنّ السلطة السياسية لا تتدخّل في عمل القضاء". فشدّدت على أنّ الموقف المعلن للرئيس ميقاتي في الجلسة الأخيرة لم يتغيّر أو يتعدّل "وإلا لكان ناقش الأمر في جلسة الحكومة ولم تحصل الأزمة الحكومية".

مقتلة الطيونة
وفي السياق، أكدت المصادر نفسها في اتصال مع "المدن" على أنّ الاجتماع تناول فقط ملف "الأحداث الأمنية التي وقعت في الطيونة". وفي ما يخص إحالة هذا الملف إلى المجلس الأعلى، تأكيد على أنّ "التحقيقات لا تزال في أولها، وهي أولية وتتم بواسطة الأجهزة الأمنية، ولا يمكن إحالة القضية إلى المجلس العدلي قبل إحالة الملف إلى القضاء". مع العلم أنّ الرئيس ميقاتي يتابع حتى تطوّرات التحقيقات الأمنية في ملف الطيونة، ومع الإشارة أيضاً إلى أنه "لم يتمّ حتى الساعة تفريغ كامل مضمون كاميرات المراقبة التي حصلت عليها مخابرات الجيش من أحياء فرن الشباك وسامي الصلح والطيونة".

تنحية البيطار
وبالعودة إلى حملة التنحّي والإقصاء التي يتعرّض لها القاضي البيطار، علمت "المدن" من مراجع قضائية أنّ "مصير البيطار بات على المحكّ". ويستعير المرجع من "المعجم السياسي"، عبارة "رفع الغطاء" لإضافة أنّ "المجلس الأعلى رفع الغطاء عن البيطار". ويضيف أنّ الاتجاه لدى الجهات المعنية، أي مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل، إحالة البيطار إلى التفتيش القضائي "كمقدمة لتنحيته عن الملف". وفي هذا الإطار، تشير المراجع القضائية إلى أنّ إحالة القضاة إلى التفتيش لا تؤثر على عملهم بل يتابعون تحقيقاتهم إلا أنّ "الإحالة على التفتيش مقدمة لتنحية البيطار". أما مجلس القضاء الأعلى فلا يزال يلتزم الصمت، بانتظار ما ستؤول إليه الحركة خلال الساعات الثماني وأربعين المقبلة. وإذا صح الأمر، فهذا يعني ضربة قاصمة للسلطة القضائية واستقلاليتها، وبما يسبب ضرراً هائلاً للبنان أمام المجتمع الدولي الذي يكرر تشدده وإصراره على "التحقيق الشفاف للوصول إلى الحقيقة". فالإحالة إلى التفتيش القضائي بحالة البيطار هي بمثابة رصاصة الرحمة لملف التحقيق بانفجار المرفأ.

شرذمة الملف
بالنسبة لثنائي حزب الله وحركة أمل، ليس خيار فصل الشق المتعلّق باستجواب السياسيين المدعى عليهم في ملف المرفأ مقبولاً. أو أقلّه لم يعد مقبولاً بعد مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرها البيطار بحق الوزير السابق المدعى عليه علي حسن خليل، وبعد أحداث الطيونة يوم 14 تشرين الجاري. فمذكرة التوقيف لا يمكن التراجع عنها قانوناً إلا بقرار صادر عن القاضي الذي سطّرها أو من يخلفه. وبالنسبة للثنائي سقوط الدم في الشارع حسم الأمر نهائياً على مستوى فرض مطلب إسقاط البيطار. في حين يبدو جلياً إصرار البيطار على استكمال التحقيق وتمسكّه بملف مجزرة 4 آب، كما أنه من خلال تحقيقاته ومساره في التحقيق يصرّ على استجواب السياسيين والادعاء عليهم، فشرذمة الملف إلى مدعى عليهم غير سياسيين وآخرين وزراء وسياسيين يعني بشكل أو بآخر تعطيل عمله وإقصاءه عن الملف. وعلى عكس كل ما أشيع في الأيام الأخيرة، تؤكد مصادر قضائية على أنّ "التنحي غير وارد لدى القاضي البيطار". وفي السياق نفسه، تؤكد دوائر قصر العدل لـ"المدن" أنه لم يتم بعد التواصل مع القاضي البيطار لتحديد موعد للقائه، وأنّ هذه المهمة محصورة أولاً بمجلس القضاء الأعلى.

التمسّك بالبيطار
بعد البيان المريب الذي صدر عن المتحدث باسم لجنة أهالي شهداء المرفأ، إبراهيم حطيط، أصدرت اليوم "جمعيّة أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت" ومجموعة "لجان ذوي الشهداء والضحايا والجرحى" التي تضمّ أهالي الضحايا المدنيين والعسكريين والجرحى والمتضررين، بياناً أكد فيه على أنه "نحن أهالي أكثر من مئتي شهيد وضحيّة وآلاف المصابين ومئات آلاف من المتضرّرين، وضعنا ثقتنا بالمحقّق العدليّ القاضي طارق البيطار ومن ضمننا السيّد إبراهيم حطيط الذي كان خطابه على الدوام يصبُّ بهذا الاتجاه. إنما يبدو أنّ ظروفاً مستجدة أدّت به إلى إصدار بيانه الأخير المستغرب باسم عوائل الضحايا، علماً أنّ هذا الموقف لا يمثّلُهم ولا يمثلنا أبداً". وأضاف البيان أنه "مازلنا ثابتين على مواقفنا فيما يخص الثقة التي أوليناها للقاضي البيطار لتولّي التحقيق بالقضيّة، ونؤكد هنا أنّ قضيّتنا أعلى وأسمى من زَجّها في التجاذبات السياسيّة والطائفيّة والسلطويّة، ونشدّد مجدداً على ضرورة امتثال كافّة المطلوبين إلى العدالة أمام التحقيق".

لغة الدم
قد يكون ثنائي حزب الله وحركة أمل على قاب قوسين من إعلان النجاح في شرذمة ملف التحقيق في انفجار المرفأ والإطاحة بالقاضي البيطار. قد يكون خطاب نصر الله يوم الإثنين رسالة أخرى قبل القرارات القضائية المنوي اتّخاذها. قد يكون الإثنين موعداً لمسار جديد أيضاً في ملف المرفأ أو قضية الطيونة أو الواقع الحكومي وربما الجوّ السياسي العام في البلاد. وأمام كل هذه المتغيّرات، سؤال أول لا بدّ منه، ما مصير الحقيقة والعدالة والمحاسبة في ملف مجزرة آب؟ وسؤال آخر، القاضي البيطار واجه سلطة العرقلة والممطالة والتمييع لأشهر، فهل يتخلّى عنه الناس بهذه السهولة؟ وسؤال ثالث، التنحية، إن تمّت ولو بشكل قانوني، أليست وليدة التدخّل بعمل السلطة القضائية والضغوط السياسية والأمنية وإراقة الدماء في الشارع؟ لغة الدم تتحكّم باللبنانيين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها