الجمعة 2020/05/01

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

لا مكان لحزب الله في ألمانيا بعد اليوم

الجمعة 2020/05/01
لا مكان لحزب الله في ألمانيا بعد اليوم
حظر عرض رايات ورموز حزب الله علناً في ألمانيا (Getty)
increase حجم الخط decrease

بعد أن عارضت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لفترة طويلة، حظر الحزب بكامله في ألمانيا، حيث ينشط، حسب تقديرات، ما يفوق 950 عضواً منه على الأراضي الألمانية، أعلن متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية تأكيد حظر حزب الله اللبناني كـ"منظمة إرهابية" ومنع جميع نشاطاته في البلاد.

ضغوط أميركية-إسرائيلية
داهمت الشرطة تبعاً للقرار الجديد أربعة مساجد ومنظمات في برلين ودورتموند ومونستر وبريمن، يُعتقد أن لها صلات بالحزب. وتخضع هذه الأماكن للمراقبة من قبل المكتب الاتحادي لحماية الدستور (المخابرات الداخلية) منذ سنوات.

لكن اللافت في هذا القرار أنه جاء بعد تصريح وزير الداخلية الألماني هورست زي هوفر، الشهر الماضي، في أعقاب تصنيف لندن الجناح السياسي للحزب منظمة إرهابية، حين قال أن حزب الله جزء من الأحزاب السياسية في لبنان، وأن الاتحاد الأوروبي أضاف جناحه العسكري إلى قائمة الجماعات المحظورة.

ويبدو أن القرار الجديد ناجم عن الضغوط الأميركية والإسرائيلية على برلين، كون واشنطن مصمّمة على سياسة الضغوط القصوى على طهران ووكلائها. وقد حضت عبر سفيرها في ألمانيا ريتشارد غرينيل، الحكومة الألمانية منذ شهور على إعلان الحزب كمنظمة إرهابية. فيما كثفت تل أبيب جهودها الدبلوماسية، وحركت اللوبي اليهودي لتليين موقف برلين.

وللتذكير، كان البرلمان الألماني أجاز، أواخر كانون الأول 2019، قانون حظر حزب الله بعد دعوة لحظره من قبل الحزبين المشكلين للتحالف الحاكم. ودعا الحزبان حينذاك إلى إدراج الحزب على لائحة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية.

أكبر عملية لمكافحة الإرهاب
للإضاءة على ما يحصل في ألمانيا، نقل موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي، عن مصادر ألمانية رفيعة المستوى ما يحصل على الأرض في مواجهة الحزب اللبناني، حيث انتشر مئات العناصر من وحدات مكافحة الإرهاب والشرطة الالمانية في أنحاء البلاد، ودخلوا المساجد والمنازل والجمعيات الدينية، للتحقيق مع 1050 شخصاً يُشتبه في صلتهم بحزب الله.

تُعتبر هذه المداهمات والتحقيقات، حسب الموقع الأميركي، أكبر عملية لمكافحة الإرهاب في ألمانيا منذ سنوات. وكانت هذه الخطوة بمثابة انقطاع عن سياسة الاتحاد الأوروبي السابقة، التي ميزت بين الجناحيّن العسكري والسياسي للجماعة اللبنانية.

بسبب قوانين الخصوصية الألمانية الصارمة، رفض المدّعون تحديد عدد المحتجزين أو ما إذا كان هناك اتهامات محددة قد وُجهت لهم. وقد أكد مسؤول أمني ألماني للموقع الأميركي، إن معظم من تم اعتقاله واجه استجواباً في هذه المرحلة من التحقيق، موضحاً أن البعض قد يواجه بالفعل اتهامات يجري التحقيق فيها حالياً.

وأضاف المصدر الأمني الألماني، الذي ليس مصرحاً له إطلاع وسائل الإعلام على القضية، أن مداهمات الصباح الباكر (الخميس 30 نيسان) احتجزت العديد من كبار المشتبه بهم. مشيراً أن الاعتقالات ستستمر خلال الأيام القليلة المقبلة. إذ أن معظم المطلوبين هم من المقيمين الشرعيين الذين لم يكونوا مختبئين قبل الإعلان عن حظر الحزب في البلاد.

مسؤول استخباراتي يشرح الأسباب
جاءت هذه الخطوة، كما يؤكد الموقع الأميركي، بعد سنوات من ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل، وبدا التركيز الرئيس لمداهمات يوم الخميس 30 نيسان، على سلسلة من المنظمات الدينية المتمركزة في مناطق ألمانية، جمعت الأموال علناً، وضغطت من أجل الدعم السياسي للحزب، الذي يحظى بدعم كبير من المغتربين اللبنانيين حول العالم.

وقد علّق مسؤول بلجيكي في وحدة مكافحة الإرهاب، عمل في أفريقيا مراقباً تورط الحزب في تجارة الماس والموارد الطبيعية الأخرى، في حديثٍ مع "بيزنس إنسايدر"، على إعلان ألمانيا، قائلاً: "كانت هذه دفعة من قبل الولايات المتحدة والإسرائيليين للضغط على إيران وحزب الله عبر بلد كان يوفر لهما بعض الملاذات الآمنة في أوروبا".

وأضاف المسؤول البلجيكي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه لدواعٍ أمنية، "لقد رضخ الألمان للأمر الواقع لأنهم أدركوا صعوبة تجاوز الضغوط، واعتبروا أن هذه أسهل طريقة للضغط على إيران بشأن الاتفاق النووي وإرضاء الولايات المتحدة، حتى لا تطلب من الأوروبيين فرض عقوبات جديدة وقاسية على إيران، كانت ألمانيا ومعظم أوروبا تقاومها".

إلغاء يوم القدس في برلين
من جهتها، قالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي"، أن وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر اتخذ قرار حظر أنشطة حزب الله، بعد تقييم أن الجماعة كانت وراء العديد من الهجمات التي أسفرت عن مئات القتلى والجرحى في جميع أنحاء العالم.

وحسب هيئة الإذاعة البريطانية، قامت الشرطة الألمانية بتفتيش أربعة مساجد وجمعيات ينظر إليها على أنها تتبع للحزب، وهي: مسجد الإرشاد في برلين، ومركزان في بريمن ومونستر، وتجمع لبناني في دورتموند.

ونقلت "بي. بي. سي" عن مراقبين قولهم إن الحظر سيمكن السلطات من وضع حد للمسيرات المعادية لإسرائيل، واستخدام الشعارات المعادية للسامية. إذ غالباً ما تظهر رايات حزب الله واللافتات المعادية لإسرائيل في مسيرة القدس السنوية في برلين.

امتنان إسرائيلي
على الجهة المقابلة، أعربت إسرائيل عن غبطتها من قرار ألمانيا، ورحبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بقرار ألمانيا حظر كل نشاط لحزب الله اللبناني على أراضيها، معتبرةً ذلك خطوة مهمة في "الكفاح العالمي ضد الإرهاب".

ولم يخفِ وزير الخارجية يسرائيل كاتس "امتنانه العميق" للحكومة الألمانية على هذا الإجراء، معتبراً أنه "قرار مهم جداً وخطوة مهمة وكبيرة في الحرب ضد الإرهاب في العالم". وأضاف كاتس أنه متأكد من أن الكثير من الحكومات في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الآلاف من ضحايا إرهاب حزب الله، يرحبون بهذا القرار.

وقد كشفت هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، أن المخابرات الإسرائيلية ساعدت ألمانيا على حسم قرارها بحظر حزب الله، وأشارت أن إسرائيل قدمت معلومات استخبارية ساعدت ألمانيا في اتخاذ القرار، وإنه تم إخطار المسؤولين في إسرائيل بالقرار الوشيك قبل عدة أيام، بما في ذلك حملة الاعتقال المخططة لأعضاء المجموعة اللبنانية.

بدورها، رحبت صحيفة "التايمز" الإسرائيلية بالقرار الألماني، ونقلت عن وزارة الداخلية الألمانية قولها أنه سيتم حظر عرض رايات ورموز حزب الله علناً، بما في ذلك التجمع أو استخدام وسائل الإعلام المطبوعة أو السمعية أو المرئية أو حتى الصور. وستتم مصادرة أصول المجموعة.

ونشرت الصحيفة عن مصدر في وزارة الداخلية الألمانية قوله "حزب الله يدعو علانيةً إلى القضاء العنيف على دولة إسرائيل ويشكك بحقها في الوجود. لذا، فإن المنظمة تعارض بشكل أساسي مفهوم التفاهم الدولي، بغض النظر عما إذا كانت تقدم نفسها على أنها هيكل سياسي أو اجتماعي أو عسكري".

ترحيب واسع
رحب السفير الأميركي ريتشارد غرينيل بقرار ألمانيا قائلاً "قرار الحكومة الألمانية بالتحرك، يعكس عزم الغرب على التصدي للتهديد العالمي الذي يمثله حزب الله". ودعا الدبلوماسي الأميركي "كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير مشابهة".

من جانبها، رحبت السعودية بقرار السلطات الألمانية تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، وحظر كافة أنشطتها على أراضيها، وفق ما جاء في وكالة الأنباء السعودية.

وجاء في الوكالة، أن الوزراة نوهت بأهمية هذه الخطوة في إطار جهود مكافحة الإرهاب إقليمياً ودولياً، وجددت التأكيد على المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ موقف مماثل لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وتجنيب المنطقة والعالم شرور العمليات الإرهابية المزعزعة للأمن والاستقرار.

أما السياسي البارز بالحزب الديمقراطي الحر (يمين وسط معارض) في ألمانيا، بيجان دجيه ساراي، فقال في تصريحات صحافية، إن قرار حظر حزب الله "مهم وصحيح". مضيفاً أنه يجب على وزير الخارجية رسم نتاج هذا القرار وتغيير مسار السياسة الخارجية.

فيما قال السياسي البارز بالاتحاد المسيحي الحاكم (يمين وسط)، كريستوف دي فريس، في تصريحات صحافية: "شبكة حزب الله المسؤولة عن هجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم، كانت تتحرك في ألمانيا". مضيفاً: "تمويل الإرهاب ليس له مكان في بلادنا".

وتابع دي فريس "حظر حزب الله خطوة كبيرة على طريق مكافحة الإرهاب، وأنا سعيد للغاية لأننا ناضلنا كثيراً من أجل هذا القرار داخل أروقة البرلمان".

من جانبها، قالت السياسية البارزة بالاتحاد المسيحي، ماريان ويندت، وهي من السياسيين الذين ضغطوا لأشهر من أجل هذا القرار، إن ألمانيا "أظهرت بوضوح أنها لن تتسامح مع الإرهابيين وكل من يدعمهم".

كما أشادت منظمات يهودية بالخطوة، ووصفتها بأنها في غاية الأهمية. وقال ديفيد هاريس رئيس اللجنة اليهودية-الأميركية "هذا قرار مهم من جانب ألمانيا طال انتظاره وجدير بالترحيب". وأضاف هاريس "نأمل الآن أن تمعن دول أوروبية أخرى النظر في قرار ألمانيا وتتوصل إلى الاستنتاج نفسه حول طبيعة حزب الله الحقيقية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها