الأحد 2020/02/23

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

سلام يمّوت لـ"المدن"(2): لفصل المطالب عن سلاح حزب الله

الأحد 2020/02/23
سلام يمّوت لـ"المدن"(2): لفصل المطالب عن سلاح حزب الله
ليس فقط لدي أمل، لدي خطة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

الحديث مع سلام يمّوت، رئيسة "الكتلة الوطنية" يطول، يتميز بالأفكار الواضحة التي تحملها، وبالخطة التي تعمل والكتلة على تنفيذها.

بالنسبة لها: "لا مكان للمصالحة مع كل السلطة"، لأن الوقت قد حان كي يرحلوا "كلن يعني كلن". هي كغالبية مجموعات الانتفاضة، تحاول أن تفصل بين مطالب الثورة وواقع وجود حزب مسلّح هو سبب، بل أهم مُسبب لما وصل إليه اللبنانيون. هذا الفصل صار يثير شكوك جزء لا يُستهان به من الناس. لكنها، أي يمّوت، ترى أنه "وصلنا إلى طريق مسدود. ولا يمكن أن نكمل فيه بأي شكل من الأشكال، بحجة ائتلافات إقليمية". نفصل أنفسنا عن الائتلافات الإقليمية ونُحيد في الوقت نفسه أهم مسبب في هذه الاصطفافات. هذا تحد ليس فقط أمام الكتلة بل أمام كل المجموعات والأحزاب الموجودة في الشارع، والتي على ما يبدو لا تتفق على أهم شيء، وهو تأطير الثورة. فما دعا إليه النائب أسامة سعد بالأمس، تدعو يموت لعكسه، برأيها "ليس هناك ثورة في العالم لديها إطار واضح"، والتواصل يحصل وجيد إلى الآن.

"المدن" حاورت يموت في مقر الكتلة في الجميزة. حوار بدأ حول الحزب ولم ينته بالانتفاضة. هنا الجزء الثاني والأخير: 

سلطة لا تسمع
مع من تتواصلون أكثر من ضمن مجموعات الانتفاضة وأحزابها؟
التنسيق اليوم مع مختلف مجموعات الثورة وأحزابها. وهو بدأ بشكل تلقائي في الأسبوع الثاني من الثورة. إذ بدأ بالشق الميداني وتنظيم التظاهرات والشعارات وغيرها. من ثم انتقل إلى مرحلة متقدمة أكثر، من خلال ورش عمل متعددة ضمت كل أطياف الثورة. وبدأ يُصبح هناك تناغم كبير بيننا جميعاً. ومن ثم انتقلنا إلى إصدار بيانات مشتركة. واليوم ننتقل بالتنسيق إلى الحديث عن العناوين السياسية والخطة للمرحلة المقبلة وكيفية المواجهة.

يؤخذ على مجموعات الانتفاضة أنها دائماً ما تعترض من دون أن تقدم البديل أو الحلول؟
غير صحيح. منذ سقوط الحكومة قامت الكتلة بتقديم 53 اسماً بإمكانهم أن يكونوا وزراء أو رؤساء للمجلس. ثم عملنا على إصدار بيان وزاري هو عبارة عن خطة مؤلفة من 101 نقطة، مشاكل وحلولها، من أجل لبنان أخضر مزدهر عادل، ثم قلنا لا يمكن أن نقوم بكل شيء في هذا الوضع الذي نعيشه اليوم، فأخذنا أربعة محاور يجب أن يتم العمل عليها ووضعنا لها الحلول، وأصدرنا بياناً وزارياً. نحن نقدم الحلول، وهي موجودة، أقله لدينا.

ولكن هل توصلونها إلى باقي المجموعات، لأن هناك الكثير من الحديث من الناس ومن بعض السلطة بأن أطياف الانتفاضة لا تقدم أي مشروع بديل؟
نحن نقارب الأمور بطريقة علمية. إذ نبينها على أرقام وأشياء ملموسة. قدمنا البديل، ولكن أيضاً نحن كثورة ليس من واجبنا أن نقدم البديل، الثورة ليست شخصاً معنوياً لكي تُقدم، الشعب مهمته أن يقول إنه موافق أو غير موافق، يعطي السلطة الثقة أو لا يعطيها، ينتخب هذا ولا ينتخب ذاك. هذا ما يقوم به الشعب. وظيفة السلطة أن تقدم الحلول وفرضنا أننا قدمنا الحلول، هل سيسمعونها؟ مستحيل. قلنا لهم جملة واحدة: حكومة مصغرة مستقلة مكونة من اختصاصيين، قاموا بتأليف وزارة غير مستقلة وغير مختصة. لو كانوا يريدون أن يسمعوا لكانوا سمعوا. هذه السلطة غير آبهة بالشعب، لا تريد أن تستمع إلى الناس.

انتصارات ترفع الرأس
التحركات الهادفة والمحددة خمدت، إن نحو المصارف أو الوزارات والمؤسسات العامة، ولم يكسر هذا الخمود سوى جلسة الثقة إلى حد ما، لماذا برأيك؟
هذا يعني أن الناس لا زالت متحمسة وستنزل إلى الشارع حين تستطيع. لكن لا تنسى هناك عامل الطقس، ضرورات العمل، عنف السلطة. هناك ناس تخاف على نفسها وعلى أولادها.

كيف كان تحرك يوم الثلاثاء، أي جلسة الثقة؟
كان جيداً. هذه ثورة من أكثر الثورات رُقياً، ووعياً سياسياً، لم تحصل ضربة كف بين الثوار ولا مشاكل، لم تغير مطالبها. هناك وعي سياسي كبير لدى الشباب، وعلينا أن نعطي كل شيء وقته. إذا أردت أن أقيم أداء الثورة في مواجهة سلطة تحكم منذ 30 سنة، فالأداء كان أكثر من جيد وحققنا انتصارات ترفع الرأس. الثورة ليست بعدد من يتظاهر فقط، علينا أن نراها ككل، يكفي كيف صار الناس يرون المسؤولين عنهم. ومثال على ذلك ما يحصل في المطاعم. وهذا ليس بالأمر العابر. هي رسالة واضحة لكل السلطة، بأنهم لم يعودوا يُمثلون الناس. والفساد لم يعد مقبولاً بأي شكل من الأشكال. وهناك المعادلة التي فرضتها الثورة على السلطة، أي قرار اليوم ستأخذه السلطة، ستفكر فيه أكثر من مرة، لأنها تهاب الشارع. وهذا واقع.

هل الكتلة مع خلق إطار للانتفاضة، يوجه ويضع رؤية مستقبلية؟
الثورة ليست شخصاً معنوياً. وليس هناك ثورة في العالم لديها إطار واضح. ليست الثورة من يطرح الحلول، الثورة في النهاية تؤدي إلى تغيير النظام. ولكن أهم ما يحصل في الثورة اليوم أنها كسرت كل الحواجز بين الطوائف. لم يحصل أي نوع من المصالحة والمصارحة بعد الحرب. وهذا النقاش يحصل اليوم. المصالحة تحصل اليوم. على المدى البعيد، هذا أهم ما حصل وسيحصل. إذ من غير المعقول خروج بلد من ماضيه إذا لم يتحدث عن ماضيه. وهذا ما تفعله الثورة. وأكثر من ذلك، الناس تتحدث فيما بينها عن كل شيء ويحاولون إيجاد الحلول. ولنترك للناس أن تقرر ماذا تريد. ولكن قيادة موحدة هو أمر غير وارد. نحن نتحدث مع بعضنا البعض ونتناقش ونفتح الماضي والحاضر والمستقبل على بعضه البعض، والأمور تتبلور لوحدها وتعطي نتائج، ورأينا هذه النتائج على أكثر من صعيد.

هناك الكثير من التنوع في هذه الانتفاضة، فعلياً هل بالإمكان الاتفاق على سقف سياسي واحد يجمع كُل المجموعات؟
هذه الثورة تتسع لكل الناس، القديم والجديد ومن كان في النادي وخارجه. لا جواب الآن على هذا الأمر. ولكن هناك نقاشات تجري وعمل مشترك نقوم فيه جميعاً. وهذا ما سيؤدي حكماً لبناء الثقة فيما بيننا، ومن الممكن أن تتبلور أشياء كثيرة، واليوم لا شيء مستحيلاً.

في الأزمة المالية
كيف ترون تعاطي الحكومة الآن مع الاستحقاقات المالية، استحقاق اليوروبوندز على سبيل المثال؟
نحن لدينا موقف من الدفع، ولكن لا نرى أن هذا الأمر يستدعي أن يتحدث به كل الناس. المشكلة أن السلطة لا تواجه الأزمة الحقيقية بخطة توازي هذه الأزمة. هذا ما نرفضه، ونحملهم المسؤولية السياسية في هذا الأمر، من خلال هروبهم إلى الأمام، واعتماد سياسات مخالفة لكل الأعراف، من التقيد بالموازنة إلى مراكمة العجز وغيرها. اليوروبوندز جزء من هذا الأمر، جزء من الإصلاحات التي يجب أن تحصل، خصوصاً أن وقع هذه الإصلاحات ستكون اجتماعية، فالناس ستدفع الثمن، خاصة الفقراء والطبقة المتوسطة. وهؤلاء لا أحد يقيم لهم وزناً. هذه الحكومة إلى اليوم لم تقل موقفها الواضح من هذه الأزمة، ومن بنظرها سيدفع الثمن، والهيكلة الكاملة للدين، دفعة اليوروبوندز لا بد أن تكون في هذا الإطار. والأهم، عليهم أن يقولوا كيف سيحمون الطبقة الفقيرة والمتوسطة. كل هذا يجب أن يتم الحديث عنه ككل وليس بالتجزئة.

على ماذا يجب أن تركز الانتفاضة وأين يجب أن يتركز الضغط الشعبي؟
يجب أن يكون على رفض الصرف من احتياطات مصرف لبنان كي يجنوا الربح. نقول: عليكم أن تصرفوا ما تبقى من الاحتياط من أجل أن نأكل ونشرب ونغطي كلفة الاستشفاء وغيرها من الأشياء المهمة. هكذا الناس تتحدث. والقانون الدولي واضح في هذا السياق. عليهم أن يحموا المودعين قبل أن يحموا الدائنين. الناس تريد ما تبقى من مليارات كي تحيا وتستطيع أن تستمر، ومن أجل خلق فرص عمل. هناك 200 ألف فرصة عمل اختفت في عام 2019، هذه وحدها لو حصلت في أي بلد في العالم لكنا رأينا الناس كلهم في الشارع.

قضية السلاح وموقع لبنان
هناك أزمة اقتصادية وهناك أيضاً أزمة سياسية هي جزء وسبب في ما وصلنا إليه، وهو السلاح غير الشرعي وسيطرة حزب الله على قرار الدولة، كيف ستتعاملون مع هذا الواقع؟
سلاح المقاومة ليس القضية الوحيدة الخلافية بين اللبنانيين، نحن ورثنا مسائل خلافية وائتلافات إقليمية منذ 60 سنة إلى اليوم، ولم يستطيعوا حلها. وبالطبع، لن نحلها اليوم. ما نستطيع فعله هو فصل الأمور عن بعضها البعض، نُكمل النقاش في المواضيع الخلافية عبر طاولة حوار أو نقاشات شعبية. وهذا ما لم يحصل. ونقاش تقويم الدولة اقتصادياً واجتماعياً يجب أن يحصل في مكان آخر. الحلول موجودة. ولكن كلما تأخرنا كلما صعبنا الأمور على أنفسنا. اللبنانيون بأسرهم حين يرون أن هناك حلاً جدياً، سيكونون مستعدين لتقديم التضحيات. ولكن اليوم، هم يطلبون من الشعب أن يضحي من أجل لا شيء.

هل المطلوب فصل الأزمة الاقتصادية والمعيشية عن الأزمة السياسية المتمثلة بسلاح حزب الله، في حين أن جزءاً منها هو بسبب هذا السلاح؟
أين مصلحة لبنان؟ هذا هو السؤال. إن كان لنا مصلحة مع أي محور كان، فلنكن معه. وإن كان من مصلحتنا تحييد لبنان بشكل إيجابي فأيضاً بإمكان أن نلعب هذا الدور. ولكن لا يُمكننا أن نقضي على مصير بلد كامل بسبب اصطفافات. وصلنا إلى طريق مسدود ولا يمكن أن نكمل فيه بأي شكل من الأشكال، بحجة ائتلافات إقليمية.

هل نحن ذاهبون إلى انهيار اجتماعي سيسبب انهياراً أمنياً؟
آمل ألا نصل إلى انهيار أمني. ولكن أنا أنتظر اليوم (عسى أن أكون مخطئة) الذي سيدخل اللبنانيون إلى بيوت السياسيين ويخرجونهم في "البيجامات". أنا هكذا أرى، الناس ستعي وتضع كل هؤلاء في سفينة وترسلهم بعيداً. ولا تنسى، نحن نعيش في بيروت. تخيل الوضع حين تخرج من بيروت نحو الأطراف. غير مقبول الوضع الذي أوصلونا إليه.

إرث آل إده 
لنتحدث عنك قليلاً، لماذا اخترت الكتلة الوطنية؟
لأن هناك مبادئ.

كيف حصل التواصل معك؟
كانوا يتواصلون معي منذ عام 2015 لأنني أعتبر شخصية ناجحة علمية، امرأة بنت نفسها بنفسها وتحب البلد والشأن العام الذي يجري في عروقي. "بروفايلي" كان دائم التداول، ولكن بالنسبة لي الوقوف إلى جانب الرصيف والاكتفاء بالتفرج لم يعد مقبولاً. صار من الضروري أن نتحمل مسؤولياتنا جميعاً. أنا خبيرة اتصالات وانترنت معروفة بالحقول العالمية، وصلت إلى مكان وجدت فيه ألا مجال للبقاء على حياد. علينا أن نضع يدنا مع بعضنا البعض وبناء المجتمع من الأسفل إلى الأعلى. حين نبدأ بالثقة ببعضنا البعض نكون وضعنا أنفسنا على السكة الصحيحة، علينا أن نثق ببعضنا وليس بزعيم الطائفة.

أنت أول امرأة تتولى رئاسة حزب عريق، كيف حصل ذلك؟
عليك أن تسأل زملائي في اللجنة التنفيذية لماذا صوتوا لي. أنا كان لدي الشجاعة لأتقدم بترشيحي والمرأة حين تجد بيئة حاضنة لها، تنطلق.

لم تكوني على علم مسبق بأنهم سيصوتون لك؟
كلا. ترشح ثلاثة زملاء معي وأنا من حالفه الحظ بالفوز.

ماذا يعني لك ذلك؟ وكيف ستستثمرين هذا الأمر من أجل القضايا التي تهم النساء؟
الحمل كبير وأتمنى أن أكون على قدر المسؤولية. أيضاً الحمل السياسي كبير جداً، أي أن آتي بعد آل إده. الحمل ثقيل والمسؤولية كبيرة. سأعمل ليلاً نهاراً من أجل الوصول إلى الأهداف التي رسمناها لأنفسنا. وما يزيدني إصراراً على العمل هو التغيير الكبير الذي حصل بعد 17 تشرين، ولا عودة عن هذا التاريخ الأساسي في مستقبلنا.

لديك أمل؟
ليس فقط لدي أمل، لدي خطة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها