الإثنين 2020/01/06

آخر تحديث: 02:31 (بيروت)

جمهور الانتصارات الدائمة.. وماذا بعد؟

الإثنين 2020/01/06
جمهور الانتصارات الدائمة.. وماذا بعد؟
جمهور الانتصارات الإلهية يريد الحرب دائماً (المدن)
increase حجم الخط decrease

جمهور الانتصارات الإلهية في صدمة، في أزمة. مصاب قاسم سليماني ضربهم. "صانع الانتصارات" على دماء كل شعب يطلب كرامة أو حرية، اغتيل. قتلت أميركا جنرال الانتصار على كل ضيعة في سوريا والعراق تجرأت وقالت لا. قضى نحبه مهندس الانتصارات على جثث الآلاف، بعد أن تشارك التنكيل بها مع حلفائه وخصومه في التنظيمات الدينية والقمعية الأخرى.

هذا الجمهور لا يرى كل ذلك. هو بانتظار الردّ على اغتيال شبح جديد من القادة. هؤلاء أشباح طاردهم الأعداء في حياتهم، وسيطوفون اليوم لردّ الاعتبار. وجاءت كلمة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، لتشدّ من وزر هذا الجمهور وتدفعه إلى بذل المزيد من التضحية والإيمان في سبيل هذا المشروع. هو جمهور اعتاد على الهتف للموت والترحيب به. وإذ بقائده يقول "نحن لا نُهزم، عندما ننتصر، ننتصر، وعندما نستشهد، ننتصر". تلخّص هذه العبارة كل الواقع. إذا قتلنا نربح، وإذا قُتلنا نربح. مهما فعلنا أو فُعل بنا، نحن منتصرون. وكأنّ هذا المحور شبه لعبة مبرمجة على الربح فقط، انضموا إلينا فتربحون على الدوام، أينما كان، في الدنيا والآخرة.

شيعة شيعة.. دوماً


هذا الخطاب وما سبقه لا يمكن ترجمته إلا في إطار فائض القوّة وتزكيته. هذا المسار الطبيعي الذي أوشك على الامتلاء، أو ربما الانفجار. ضغط القوة وفائضها لا بد أن ينفجر في لحظة. يمكن للحزب أن يسحق البلد بـ"7 أيار"، والجمهور سيطالب بالمزيد. يمكنه المشاركة في احتلال سوريا وتهجير شعبها بعد أن ضربته المجاعة، والجمهور سيهلّل. باستطاعته إرسال الخبراء والمشرفين على القمع والقتل إلى العراق واليمن، وفائض قوة الجمهور سيتضخّم. سينيّم الخلايا في دول الخليج لجمع المعلومات والاطلاع والجمهور سيصفّق. ماذا بعد؟ سيتحوّل فائض القوة هذه إلى مجموعات على شكل "شيعة شيعة" تعمل على نسف أي أمل.

الحرب.. الحرب
استبق جمهور حزب الله والمحور كلام نصر الله عن الثأر. رفعوا، بقرارات حزبية وفردية، صور سليماني في شوارعهم وفي الفضاء الإلكتروني مع عبارات وصيحات "مرعبهم" و"سنثأر" و"الموت لإمريكا". ومنهم من أحرق العلم الإسرائيلي استنكاراً. هذا جزء من جمهور الانتصارات الإلهية، يريد الحرب دائماً. هو موعود بالانتصار كيفما كان. يريد 7 أيار والحرب وإطلاق النار بمناسبة أو من دونها. وجزء من جمهور هذه البيئة، ما أن التفت إلى أنه بالإمكان المطالبة بحقوق العيش والكرامة اليومية تم لجمه، في لبنان كما في العراق. من حقّه أن يخاف الحرب وأهوالها. لا يريد الموت لأنّ أميركا اغتالت جنرالاً إيرانياً في العراق. لا يريد أن يتورّط في حادث وقع على بعد ما يقارب 1000 كيلومتر، فيما هو عاجز عن إدخال ابنه إلى مشفى يقرب 50 متراً من المنزل، أو إلى مدرسة الحيّ. أو حتى سحب دولار من ماكينة صرف المال في الشارع المقابل.

يريد حزب الله تصوير اغتيال سليماني وكأنه يمسّ كل بيت في بيئته وطائفته والمنطقة كلها. فالحدود كُسرت، والإمبراطورية توسّعت وتمدّدت، في مشهد متكرّر بين سوريا والعراق. قد يكون هذا واقعاً على اعتبار أنّ الهلال شابه على الاكتمال، المواجهة الموعودة باتت على الأبواب. وبدل قتال إسرائيل، سنقاتل أميركا نفسها. فـ"حذاء سليماني يساوي رأس ترامب"، ودماؤه "ستخرج القوات الأميركية من كل منطقتنا". وهو مشهد متكرّر أيضاً، إذ كانت "دماء الشهيد القائد عماد مغنية تشكل بداية لاجتثاث إسرائيل من الوجود كله" (كلمة نصر الله في تأبين مغنية يوم 16 شباط\فبراير 2008). وهو تكرار ينذر بالمزيد من الدماء والمزيد من مآسينا كشعوب لا حول لها ولا قوة في المنطقة كلها. مآسي الحروب أو تسوياتها. لكن إذا كان لا بد من استخدام لغة الأحذية، فمن المفيد القول إنّ حذاء كل طفل سقط في صراعات الإمبراطوريات في المنطقة يساوي كل أنظمتها ورموزها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها