الجمعة 2020/01/17

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

ليلتا القمع والسحل تدشيناً لحكومة مستشاري المستشارين!

الجمعة 2020/01/17
ليلتا القمع والسحل تدشيناً لحكومة مستشاري المستشارين!
ليلة السحل في شارعي المزرعة ومار إلياس أتت لتدشين عهد الحكومة الجديدة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

وصلت الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب. ومن المنتظر أن يتفتّح الدولار كالورود، وتشرق شمس الإنقاذ من الانهيار، حتى لو كنّا في كانون الثاني.

أجمعت قوى السلطة على السير في هذه الحكومة لإنقاذ واقعها ومحاولة انتشال نفسها من الفشل. ومن ليس منها مشاركاً في إعداد التشكيلة وخوض نقاشاتها، منحها الغطاء اللازم قبل ساعات، خوفاً أولاً وأخيراً من تنامي الصرخة والفعل تجاه المصرف المركزي والمصارف عموماً. فجاءت مباركة زعيم المعارضة البرلمانية المفترض، سعد الحريري، في هذا الإطار وبسرعة فائقة حتى لا يسقط أهم أركان السلطة وأحجارها منذ انتهاء الحرب الأهلية. غير أنّ قوى التحالف في 8 آذار، الحاكمة للبلد في برلمانه وحكومته، استغلت "جوكر" سلامة ولعبته فخرجت التشكيلة إلى النور.

فعندما قامت احتجاجات ثورة 17 تشرين بواجبها تجاه المصارف، تكسيراً وتخريباً للردّ على كل الذل اليومي التي يعيشه المواطنون فيها، أحسّت السلطة بـ"قرصة" قوية. كمن أيقظها من سبات الفساد والحكم والتنّعم به. فهبّت مكوّناتها لنصرة بعضها وتغطية تسوياتها، على أمل صياغة تسويات أخرى تعيد التحكّم في النهب وتحاصصه.

ليلة القمع 1
يفضح إعلان التشكيلة كل القمع الوحشي التي شهدته الساحات في الساعات الأخيرة. كان المطلوب من مشاهد القمع في شارع الحمرا أولاً، إخراج ورقة مواجهة المصارف من حسابات الثوار. هذا خط أحمر رسمته السلطة لنفسها منذ عقود. والمسّ بهذه البنوك يعني المسّ بالسلطة شخصياً. وكشف مؤامرة هذه المصارف على الناس يعني انكشاف خطة القيادات السياسية لتجويع المواطنين والضغط عليهم للتخلي عن شعارات الثورة.

نموذج جديد للأنظمة الديكتاتورية التي تبيع شعوبها الأمن مقابل الطعام، والطعام مقابل السكوت عن المطالبة بالحرية. وتقايض هذه الحرية بتشكيل منظومات الطوائف تحت عنوان الخوف من الآخر وصيانة حقوق الطائفة. وهو ما يظهر جلياً في مواقف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، المتضرّر الأكبر من هذه التشكيلة أساساً. إلا أنه سارع إلى لقاء حاكم المصرف، واجتمع بحلفائه القدماء الجدد حوله وتمّ الأمر. لكن على أحد المحيطين بالحريري من فريقه الضيّق أن يهمس في أذنه أنّ هذه التسوية ستضعفه أكثر، لأنّ أبناء بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع يعرفون جيداً أنه شريك هذه السلطة، في الفساد وفي القمع أيضاً، وفي التسوية الأخيرة التي أتت بحكومة حسان دياب.

ليلة القمع 2
وإذا كان المطلوب من ليلة القمع الأولى في شارع الحمرا تحييد سلامة والمصارف، فإنّ ليلة القمع الثانية، ليلة السحل في شارعي المزرعة ومار إلياس، أتت لتدشين عهد الحكومة. كان المطلوب منها إفراغ الشارع من الثوار كيفما كان، تعبيداً لطريقها والتسويق لها بأنها القادرة على تقديم الحلّ. فتم سحل الناس أمام ثكنة الحلو حيث مقر اعتقال ضحايا قمع الليلة السابقة. وتكررت حملات الاعتقال المتلاحقة لكل من يمشي على رجليه في الشارع أو يجلس في المطاعم المجاورة لساحة الاشتباك. ففي عهد الحكومة العتيدة لا مجال للاعتراض، ولفريق السلطة اهتمامات كبرى في المنطقة عليه التعاطي معها والتكيّف مع مفاعيلها. لا يريد التلهي بلقمة عيش المواطنين ومطالبهم التي تدينه. وهذه فرصته الذهبية لإسكات الناس في كل لبنان والتحايل عليهم من خلال هذه التشكيلة الحكومية.

"أعطونا فرصة"
وبعد موجتَي القمع، وربما غيرها من الموجات المقبلة، لسان حال السلطة ومن معها طلب إعطاء فرصة للحكومة حتى تتمكّن من العمل والسير في إنقاذ البلد من الانهيار. هذا ما تقوله كل أفرقائها. بغضون ساعات، ستعيد هذه السلطة اللعب بسعر صرف الدولار، وستعيده درجات إلى الوراء. ستحاول بيع الناس وهم صرف الدولار كخطوة أولى من إيجابيات تشكيل هذه الحكومة العتيدة. ستعمل وفق أجندات الديكتاتوريات وتطبيقها حرفياً. وكل من يبقى في الشارع سيكون فوضوياً يريد الخراب وسيتم سحله مباشرة على شاشات التلفزة.

المطلوب إعطاء فرصة لحكومة تتمثّل فيها القيادات السياسية من خلال مستشاري مستشاريها. يعني حتى السمسرات التي كان ستتمّ في جلساتها ستتطلّب عودة الوزير إلى المستشار الأول ومنه إلى الزعيم، ولنا تخيّل الباقي. 

حكومة تباشيرها السحل في الشوارع، معروف مستقبلها ومسار عملها. إعطاؤها فرصة أشبه بالانتحار. لأنّ سلطتنا ستقمعنا فرادى في بيوتنا أو مجموعين في ساحاتنا، ولذلك ثورة 17 تشرين مستمرة بمطالبها وبشغبها، والـ"هيلا هو" أولها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها