الجمعة 2018/09/21

آخر تحديث: 06:23 (بيروت)

فلسطينيو لبنان قلقون: لا تأشيرات إلى السعودية

الجمعة 2018/09/21
فلسطينيو لبنان قلقون: لا تأشيرات إلى السعودية
القرار يحمل مخاطر جدية على ملايين الفلسطينيين (Getty)
increase حجم الخط decrease

يتجه يوسف، حاملاً وثيقته الفلسطينية الصادرة من لبنان، إلى "جوازات الرحاب" في مدينة جدّة السعودية لاستصدار إقامة لمولوده الجديد. صدمة كانت في انتظاره أنسته فرحته بهذا المولود. أخبره الضابط المسؤول أن الفلسطيني من حملة الوثائق لا يحق له إقامة، أو نقل معلومات "وحتى الوثائق لم تعد تدخل ضمن السيستم (النظام). اذهب وراجع سفارة سلطتك، لاستصدار جواز سفر، من أجل إقامة. وحتى عندما تريد العمل في مكان آخر، والانتقال من كفيل إلى آخر، سيكون ذلك متعذراً". في حديث إلى "المدن"، يؤكد يوسف أنه توجّه إلى السفارة الفلسطينية، ووعدته بأنها تعمل للاستيضاح بشأن القرار.

هو قلق يجتاح اللاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق نتيجة قرار سعودي، غير معلن، بوقف استقبال هذه الفئة على الأراضي السعودية، أياً كان سبب طلب التأشيرة، سواء أكان للعمل، او تأدية الشعائر الدينية. مؤشرات إلى أن دولاً عربية أخرى ستحذو حذوّ السعودية. ما سيترك آثاراً كارثية إضافية على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

يؤكد مدير مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان محمود الحنفي، في حديث إلى "المدن"، أنه "رغم أنه لم يصدر قرار رسمي واضح من وزارة الخارجية السعودية، او أي من السفارات الفلسطينية، يؤكد منع حملة الوثائق الفلسطينية من دخول المملكة، إلاّ أنه من خلال تواصلنا مع مكاتب الحج والعمرة المعتمدة لدى السفارات السعودية، تأكدنا أن الخبر صحيح".

يضيف أن هذا القرار يحمل مخاطر جدية على ملايين الفلسطينيين. "ففي الأردن وحدها هناك أكثر من مليون فلسطيني من فئة حملة الوثائق، وفي لبنان وسورية ومصر والعراق معاً يكاد يقارب العدد المليون لاجئ من هذه الفئة. إذاً، فإننا نتحدث عن ملايين، وذلك ما يوجب التحرك السريع، ونحن نعمل على ذلك، من خلال اتصالاتنا مع جمعيات حقوقية ودولية عديدة".

ويشير الحنفي إلى أن هناك ثلاثة آثار رئيسية مباشرة لهذا القرار، "أولها أنه سيُسبب ضرراً مباشراً للفلسطينيين من حملة الوثائق المقيمين على الأراضي السعودية. ويحدّ من حرية حركتهم، وربما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل كفلائهم، حين يجدون أن هناك إشكالية في وضعهم القانوني. ثانياً، هذا القرار ينتقص من حرية العبادة، من خلال منع حملة الوثائق من ممارسة حقهم في الحج والعمرة. ثالثاً، يستهدف القرار أيضاً اللاجئين الفلسطينيين الباحثين عن فرص عمل في السعودية".

ويعبّر الحنفي عن أسفه لأن الحلول المطروحة تبدو غير واقعية. و"هناك حلاّن مطروحان، فإما أن تُصدر السلطة الفلسطينية أو الدول المضيفة جوازات سفر خاصة، وفي الحالين إن ذلك يتطلّب توافقات بين الدول المضيفة والسلطة الفلسطينية والمملكة العربية السعودية. وهذا يستغرق وقتاً طويلاً، سيضيع من عمر ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين حملة الوثائق". وطالب مدير مؤسسة شاهد الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان بالتدخل العاجل لتعديل هذا القانون.

ويحذر ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة، في حديث إلى "المدن"، من دفع اللاجئين الفلسطينيين للحصول على جواز سفر السلطة الفلسطينية "لأن هذا الأمر، إن حصل، سيسقط صفة لاجئ عن حامل جواز السفر، ويحوّل اللاجئين الفلسطينيين إلى جاليات أجنبية، تخضع جوازات سفرها للتجديد، ما يُعفي الكيان الصهيوني من مسؤوليته المباشرة عن اللاجئين الفلسطينيين، ويريحه من ثقل هذا الملف على المستوى السياسي والحقوقي. ويصبح القرار 194 بالنسبة إليه قراراً ساقطاً ولاغياً بحكم الواقع المستجد. والسلطة الفلسطينية هي سلطة في الضفة وغزة فحسب، ولا يُعتبر حاملو جوازات سفرها جزءاً ممن يحق لهم العودة إلى المناطق المحتلة، التي هُجّروا منها في العام 1948".

ويعبّر بركة عن خشيته من أن هذه الخطوة السعودية تأتي "في سياق التماهي مع صفقة القرن الأميركية، التي تعبّر عن نفسها بمحاولات الغاء الأونروا، وشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، من خلال تقليص أعدادهم، وتوطين بعضهم، وتهجير آخرين إلى بلدان بعيدة". وطالب بركة السلطات السعودية بالتعامل مع حملة الوثائق لأن "هذه الوثائق تعني تثبيت صفة اللاجئ الفلسطيني لحاملها". وطالب السلطات اللبنانية بالتدخل لدى السلطات السعودية لثنيها عن هذا القرار، "لأن ذلك سيحرم اللاجئين الفلسطينيين من حق العبادة وحق العمل".

ويؤكد سياسي فلسطيني نافذ في منظمة التحرير الفلسطينية أن السفارة الفلسطينية في الإمارات أبلغته أن السلطات هناك ستحذو حذوّ السعودية خلال أسابيع قليلة. ما يشير إلى أن الخطوة السعودية لها أبعادها الإقليمية، ولا تنحصر في إطار داخلي أو تقني. وما يعزز ذلك، أن السلطات العراقية هي الأخرى أسقطت قبل أشهر صفة اللاجئ عن الفلسطينيين الموجودين في العراق. يومها، قيل إن هذا الإجراء يأتي في سياق سياسة اضطهاد الفلسطينيين التي تتبعها الأحزاب الحاكمة منذ العام 2003، لكن بعد موافقة بعض الدول الغربية على استقبال عشرات العائلات الفلسطينية من العراق، والخطوة السعودية الأخيرة، تؤكّد، إلى حد كبير، أن كل ذلك يأتي في سياق تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها