الخميس 2018/05/10

آخر تحديث: 05:13 (بيروت)

مدنيو الانتخابات: لماذا خسروا وماذا سيفعلون؟

الخميس 2018/05/10
مدنيو الانتخابات: لماذا خسروا وماذا سيفعلون؟
حازت لائحة كلنا بيروت على 6174 صوتاً (غازي غريب)
increase حجم الخط decrease

كان لافتاً في هذه الانتخابات عدد الحملات المدنيّة التي خاضت المعركة في مختلف الدوائر. بعضها اختار الانضواء في تحالف وطني ببرنامجه المشترك، بينما اختار البعض الآخر العمل على حملات وعناوين سياسيّة مختلفة في دوائر محدّدة. لكنّ اللافت كان وجود حالات وحملات جديدة في المناطق يمكن البناء عليها مستقبلاً، خصوصاً كونها المرّة الأولى التي تخوض فيها هذه الحملات الاستحقاق بهذه الشعارات والعناوين.


كلنا بيروت

حازت لائحة كلنا بيروت على 6174 صوتاً، وتمكّنت خلال الفترة الماضية قبل الانتخابات من التميّز سريعاً بخطابها المباشر في قضايا سياسيّة عدة. وبمجرّد صدور النتيجة عبّر سريعاً رئيس اللائحة إبراهيم منيمنة عن فخره بما تمكّنت الحملة من تحقيقه. فوفق منيمنة، لم تكن كلنا بيروت حملة انتخابيّة، بل حالة سياسيّة مدنيّة، "رغم كل ما واجهته من تهميش واقصاء".

ووفق ميشال دويهي، وهو أحد مؤسسي الحملة، اللافت بالنتيجة في بيروت الثانية أنّ الحملة تمكّنت من تمثيل حالة متميّزة وحديثة في الدائرة. فبين لائحتي السلطة (تيار المستقبل مقابل الثنائي الشيعي)، ولائحة فؤاد مخزومي، "الذي لا نعدّه حالة سياسيّة"، ومحافظة كل من الجماعة الإسلاميّة والأحباش على حجمهما في الدائرة، تمكن نحو 6 آلاف صوت من إظهار "مؤشّر إلى حالة مدنيّة وخيار جديد في بيروت الثانية. وهي حالة واضحة في السياسة اليوم". يذكّر دويهي بقدرة هذه الحالة على الظهور، رغم محدوديّة القدرة الماديّة التي انعكست في ضعف الحضور الإعلامي، وهجمة الشائعات الشرسة التي تعرّضت لها الحملة منذ بداية التحضير للائحة.

صور الزهراني.. معاً
في دائرة صور- الزهراني تداعت مجموعة من الناشطين المدنيين والمستقلين الديمقراطيين منذ فترة لتأسيس حملة صور الزهراني.. معاً. ووفق ناشطين في الحملة، فإن طموحهم تعدّى مجرّد تأسيس "مجتمع مدني" محلّي في الدائرة، بل أرادوا للحملة أن تكون بحد ذاتها خياراً سياسياً ديمقراطياً ومدنياً ببرنامجها وتطلّعاتها.

واجه الحملة، وفق الناشطين، مستويان من التحدّيات. أوّلهما طبيعة المنطقة التي لم تفرز بعد الحرب شعوراً لدى الناخبين بإمكانيّة خوض معارك سياسيّة وانتخابيّة فعليّة. وتمكّن الثنائي الشيعي المهيمن عليها من اعطاء المعارك الانتخابيّة طابع المعركة على المقاومة والعناوين السياسيّة الكبرى التي تخص الطائفة الشيعية. أمّا المستوى الثاني من التحديات فتعلّق بحداثة تجربة صور الزهراني.. معاً، إذ بدأ الناشطون العمل على حملتهم منذ وقت قصير، في ظل "تصحّر سياسي" في الدائرة وعدم وجود قوى انتخابيّة فعليّة فاعلة. فحتى القوى اليساريّة الموجودة قد تملك الحضور التنظيمي، لكنّها لا تملك القدرة الانتخابيّة الكافية. ويعترف الناشطون في الحملة بأنّهم استهلكوا كثيراً من طاقتهم في "معركة" توحيد القوى "حرصاً على وجود لائحة واحدة للمعارضة في مواجهة اللائحة الواحدة للسلطة". فكان ذلك "على حساب الاستعداد التقني للمعركة الانتخابية". و"لا ندم على ذلك"، يقول الناشطون، إذ إن "التوحيد هدف بحد ذاته، بل أن تشكيل لائحة إنجاز بحد ذاته".

واجه الناشطون خلال حملتهم مشاكل أساسيّة تتعلّق بمحدوديّة التمويل. ما انعكس بضعف القدرة على الظهور الإعلامي. واستفاد الخصوم من هذه النقطة لمحاصرة الحملة. وحتّى العمل الانتخابي العادي تحوّل في الدائرة إلى تحدٍ أمني مع التعدّيات على أعضاء الحملة، بينما تغاضى الإعلام عن تغطية هذه الأحداث. وكذلك القوى الأمنية والمؤسسات القضائية.

لم تصل الحملة إلى عتبة الحاصل الانتخابي بحصولها على نحو 11500 صوت. وهو ما لا يعبّر عن قدرة الحملة بقدر ما يعبّر عن الهامش المسموح لها للعمل. لكنّ الإنجاز الأهم، وفق ما يقول الناشطون فيها، جمع هؤلاء الأفراد والقوى للاستمرار بعد 6 أيّار لمراكمة الحضور في الدائرة. فالمطلوب بالنسبة إليهم إنعاش العمل السياسي والمدني في الدائرة. "تماماً مثلما كان في الانتخابات، من القاتل للقوى السياسية الديمقراطية أن لا تحضر أو أن تترك الساحة السياسية والانتخابية للتزكية".

مدنية
في دائرة الشوف- عاليه تمكّنت لائحة مدنيّة من الحصول على 2916 صوتاً، بينما حصلت لائحة كلنا وطني على نحو 9987 صوتاً. ما خلق سجالاً على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص قدرة اللائحتين على تحقيق خرق لو تمكّن الناشطون من توحيد اللائحتين في لائحة واحدة خلال فترة التفاوض لتشكيل اللوائح.

بالنسبة إلى المرشّح على لائحة مدنيّة مارك ضو، من المؤكّد أن توحيد جهود المجتمع المدني كان سيحقق خرقاً، لكن الشرط الأساسي لهذه المسألة "كان وسيكون دائماً وجود لائحة مستقلّة عن مشاريع مشبوهة وأحزاب لا شرعيّة لها". ويشير ضو إلى أنّ تجربة مدنيّة أثبتت أن "طرحاً سياسياً متماسكاً وفريق عمل متجانس، وخطاب واعٍ ومسؤول، عوامل قادرة على كسب ثقة آلاف من المواطنين في الشوف وعاليه من دون أي تحالفات وطنية أو دعم حزبي أو تمويل خارجي أو تحريض طائفي".

وبمعزل عن قرار مدنيّة بعدم التحالف مع كلنا وطني في هذه الدائرة، يترقّب الجميع اليوم مستقبل الحالة التي خلقتها هذه الحملة، خصوصاً أن حجم أصواتها يعكس قدرة الناشطين الذاتيّة من دون التحالف مع أي حزب من الأحزاب الناشطة في المنطقة أو في المجتمع المدني.

كلنا وطني
من جهة لائحة كلنا وطني في دائرة الشوف- عاليه، برزت حملة لحقي ضمن التحالف كإحدى المجموعات الجديدة التي ظهرت إلى العلن في هذه الانتخابات في الجبل. يشرح الناشط فادي ناصرالدين، وهو أحد مؤسسي المجموعة، أنها تكوّنت بدايةً باسم شوفنا في منطقة الشوف، قبل أن يتم دمج الشوف مع عاليه في دائرة واحدة بحسب القانون الجديد.

مع دمج الدائرتين توقّع الناشطون الانطلاق من حاصل انتخابي، خصوصاً أن المؤسسين كانوا من الناشطين الذي امتلكوا حضوراً قوياً في مختلف المجالات في منطقتي الشوف وعاليه. لكنّ اقتراب الاستحقاق الانتخابي حمل معه تزايداً في مستوى الشحن المذهبي. ما أثار لدى فئة من الناخبين هواجس معيّنة. ومن ناحية أخرى، أدّى عدم توحّد لائحتي كلنا وطني ومدنيّة إلى تقليص القدرة على تحقيق خرق، في رأي ناصرالدين.

ستعمل الحملة في المرحلة المقبلة على الانطلاق من الأصوات التي تمكّنت من الحصول عليها للتعرّف إلى الناخبين والمؤيّدين، والبناء على هذه الحالة والإعداد للمستقبل، خصوصاً أنّ هناك أرضيّة حاضرة لهذه الحالة.

لا يمكن الحديث عن ظاهرة الحملات المدنيّة في هذه الدورة من دون التطرّق إلى الحالة التي شكّلها تحالف وطني، الذي إنضوت تحت مظلّته حملة لحقّي. إذ تمكن تحالف وطني من تشكيل 9 لوائح في دوائر مختلفة. ضمّت هذه اللوائح مجموعات عديدة مثل لحقي، حزب سبعة، حملة طلعت ريحتكم، مواطنون ومواطنات، وغيرها من الحملات الشبيهة. كما عمل التحالف في دوائر معيّنة على إنضاج تفاهمات محليّة مع قوى ناشطة أخرى مثل الحزب الشيوعي اللبناني في جبل لبنان.

وبمعزل عن السجال الذي جرى حول طبيعة هذا التحالف، تمكّنت لوائح كلّنا وطني من الحصول على نحو 38 ألف صوت في الدوائر التسع، توزّعت على الشكل التالي: بيروت الأولى (6842 صوتاً)، طرابلس (680 صوتاً)، الشمال الثالثة (2533 صوتاً)، جبيل- كسروان (2526 صوتاً)، المتن (5027 صوتاً)، بعبدا (4902 صوتاً)، الشوف- عاليه (9987 صوتاً)، الجنوب الثالثة (2262 صوتاً) وزحلة (1599 صوتاً).

نحّاس: يراكم على تجربته
في المتن، كانت لافتة النتيجة التي حققها الوزير السابق شربل نحّاس، الذي خاض المعركة ضمن لائحة كلنا وطني. تمكّن نحّاس من نيل الحصّة الأكبر من الأصوات التفضيليّة الذي ذهبت لمصلحة اللائحة، إذ حصل على 2680 صوتاً تفضلياً منفرداً. وهو ما يمكن اعتباره نتيجة لافتة، خصوصاً أنّها تفوق عدد الأصوات التفضيليّة التي حازها المرشّح الفائز عن المقعد الماروني الياس حنكش. ويمكن القول إنّ نموذج معركة نحاس في الدائرة يعبّر عن تطوّر حالة سياسيّة راكم عليها نحاس خلال السنوات الماضية، من خلال "مواطنون ومواطنات في دولة".

بغض النظر عن النتائج في جميع الدوائر، يدرك الجميع ضرورة استثمار هذه النتائج التي حققتها المجموعات المدنيّة للبناء عليها والعمل خلال السنوات الأربع المقبلة، تحضيراً لإستحقاق 2022، خصوصاً أن تحضير الأرضيّة من خلال مشاريع سياسيّة غير ظرفيّة أصبح من شروط النجاح في كسب ثقة الناس في أي عمل "تغييري" في المستقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها