الأحد 2017/03/12

آخر تحديث: 00:42 (بيروت)

عون حفر حفرة "النسبية".. من يخرجه منها؟

الأحد 2017/03/12
عون حفر حفرة "النسبية".. من يخرجه منها؟
العونيون ليسوا غافلين عن مخاطر النسبية الكاملة (المدن)
increase حجم الخط decrease

في وجوه العونيين حرج كبير حين يطلب منهم التعليق على محاولة حزب الله فرض قانون النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة. نقاشات الصالونات السياسية العونية، وما يتسرب منها، يتعدى الحرج أحياناً ليعبر عن الموس الذي يبتلعه العونيون، بين التراجع عن مواقفهم السابقة المهددة بالشارع، إن لم تسر القوى السياسية بـ"النسبية"، أو الاقدام على قانون من شأنه أن "يعيد العد".

لكن، كيف تحولت النسبية من مطلب العونيين إلى مقتلهم؟ هل هو خطأ الحسابات، أم اختلافها بين زمن الاتكال على الحليف الشيعي للوصول إلى قصر بعبدا، وزمن الاستناد إلى الثنائية مع القوات لتثبيت الحصة المسيحية في السلطة؟

ثمة من يطرح علامات استفهام حول التحوّلات في العلاقة بين حزب الله والعونيين، والاختلافات الصامتة في نظرة الطرفين الاستراتيجية إلى مستقبل البلد. ومن الواضح لمراقبين أن حسابات التيار الوطني الحر ما قبل وصول مؤسسه إلى بعبدا ليست كما بعدها. ومعركة الرئاسة التي فرضت على عون في السابق أن يتخلى عن الأسس والثوابت التي تحفظ الوجود المسيحي في التركيبة اللبنانية، فنادى الجنرال يومها بانتخاب الرئيس من الشعب، أي من الأغلبية العددية الإسلامية ليصل بأصوات جمهور حزب الله، تحولت اليوم إلى معركة أحجام لتكريس العونية السياسية ودور المسيحيين في مستقبل لبنان.

ليس سراً أن جزءاً كبيراً من العونيين يسأل اليوم بحرقة: ماذا لو وافق رئيس الحكومة سعد الحريري على النسبية الكاملة؟ بعدما كان الوزير جبران باسيل يتحجج بعدم موافقة الحريري عليها. وماذا نكسب كمسيحيين وعونيين من النسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة؟ فالأرقام التي باتت هاجس النقاشات العونية غير مشجعة. لوائح الشطب الجديدة تشير إلى أن إجمالي عدد المقترعين المسيحيين سجل تراجعاً ملحوظاً منذ العام 2009 حتى يومنا هذا، يراوح بين 40% و36%.

وإذا ما وافق المسيحيون عامة، خصوصاً العونيّون (أصحاب المشروع الأول)، على النسبية، فهذا في أحسن الحالات يعني أن عدد النواب المسيحيين، الذين سيصلون إلى البرلمان بأصوات المسيحيين لن يتعدى 45 نائباً. ومن غير المعروف إذا كانت نسبة 36% هي القوة الانتخابية الفعلية للمسيحيين أم أنها مجرد رقم على لوائح الشطب، خصوصاً أن اللوائح تتضمن أعداداً كبيرة من المسيحيين المغتربين، إضافة إلى أن نسبة التصويت لدى المسيحيين عادة ما تكون أقل من نسبتها لدى المسلمين.

في المقابل، يحافظ المسلمون، السنة والشيعة، على أحجامهم في البرلمان، بحيث يمكن أن يوصل كل منهما 37 نائباً (28,5% عدد المقترعين السنة، مقابل 28,3% عدد المقترعين الشيعة)، ويكملون لوائحهم بناخبين مسيحيين. والأخطر، في رأي العونيين، أن النسبية تجعل النواب المسيحيين المنتخَبين بأصوات المسلمين شرعيين من دون أي مجال للتشكيك بتلك الشرعية تحت عنوان "المناصفة المفقودة".

في هذا السياق وحده يمكن فهم أسباب تملص باسيل من مشروع النسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة، مرة ببيع الوهم إلى تيار المستقبل بأنه ضد النسبية الخالصة، لا لكونها تشكل خطراً على العونيين والمسيحيين، بل "كي لا يشعر أحد بالغبن"، على حد قوله. ومرة أخرى بالهروب من هذا القانون عبر استيلاد قانون مختلط "يريح الجميع"، لكن يأتي من خلاله معظم النواب المسيحيين بالأكثرية. وفي هذا السياق أيضاً يمكن فهم رسائل حزب الله "الفجة"، التي وصلت إلى باسيل عبر منظومة إعلامية باتت ترى في شعار "حقوق المسيحيين" ما وصفته بـ"التقوقع الطائفي الذي لن يؤدي إلى إبعاد البلاد أكثر فأكثر نحو إلغاء الطائفية السياسية".

العونيون ليسوا غافلين عن مخاطر النسبية الكاملة. هم يحاولون التملص منها، مع علمهم أن هامش الاعتراض اليوم يختلف عنه في السابق. وإن كانوا هددوا الحريري و14 آذار سابقاً بالشارع، إذا لم يقر قانون انتخابي يراعي "التمثيل المسيحي"، فهم لا يستطيعون اليوم النزول إلى الشارع نفسه بوجه قانون يحميه حليفهم الاستراتيجي حزب الله.

هكذا، تقتصر الاعتراضات العونية حتى اللحظة على تسريبات من هنا وهناك عن تباين بين التيار الوطني الحر والرئيس عون حول النسبية، وأخرى تتحدث علناً عن معارضة باسيل النسبية عندما علم بليونة أبداها الحريري حيالها. ما أدى إلى انكشاف حقيقة الموقف السابق لباسيل. إضافة إلى انتقادات تصل إلى حزب الله، من مسؤولين في التيار خلال مناسبات اجتماعية في قضاء عاليه وكسروان. لتتحجّم علاقة العونية السياسية أو الباسيلية السياسية مع "نسبية حزب الله" في زمن ما بعد الرئاسة إلى أسئلة جدية ووجودية تجد النخبة العونية، حتى اللحظة، حرجاً في التصدي لها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها