الأحد 2017/02/12

آخر تحديث: 01:01 (بيروت)

حزب الله: "الخطة ب" لترجمة انجازات الميدان السوري

الأحد 2017/02/12
حزب الله: "الخطة ب" لترجمة انجازات الميدان السوري
أسئلة عديدة قد تلقى إجابات بين سطور كلام السيد نصرالله (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

يسود اعتقاد لدى خصوم حزب الله في بيروت، أن وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض لن ينتج إلا خلطاً للأوراق الإقليمية والدولية ولن يكون في مصلحة الحزب وحليفه الإيراني. يأتي الاعتقاد هذا في مرحلة اشكالية بعدما تحول حزب الله تحول من حزب محلي إلى لاعب إقليمي في منطقة حظيت فيها إيران برضا الإدارة الأوبامية، والذي ترجم تعاوناً ثنائياً في أكثر من ساحة اقليمية.

من هنا، اسئلة كثيرة تتردد في بيروت عن حزب الله ما بعد أوباما، وعن دوره المستقبلي في سوريا، والأهم عن سياسته المقبلة في لبنان، خاصة أنه سعى الى استثمار لحظة ذروة تمدده الاقليمي مكاسب داخل النظام اللبناني، وإن كان في المقابل لبوادر عودة التجاذب الايراني الاميركي انعكاساتها غير الواضحة حتى الساعة على الساحة اللبنانية.

يقف حزب الله أمام منعطف سياسي وعسكري، انطلاقاً من خلط الأوراق الدولية، ولاسيما لجهة التحالفات الدولية والاقليمية الجديدة، إضافة إلى السلبية الكبيرة التي أظهرها ترامب تجاه طهران مقابل ما يحكى داخل إدارته عن وجوب الانفتاح مجدداً على دول الخليج بعد فتور ساد العلاقات الأميركية-الخليجية في عهد أوباما.

عسكرياً، يعلم حزب الله جيداً أن "انجازاته" في الميدان السوري لا تعني أن "النصر الاستراتيجي" قد تحقق ما دامت غير قابلة، أقله حتى اللحظة، للاستثمار السياسي. فهذه أميركا بجبروتها، قضت على الجيش العراقي خلال أسبوعين، لكنها خسرت أهدافها الاستراتيجية. وقبل ذلك، احتلت أفغانستان، ثم ما لبثت أن غرقت في الوحول التي سبقها إليها الاتحاد السوفياتي. والمثال الإسرائيلي مازال حاضراً. لم يجد الجيش الأقوى في الشرق الأوسط بديلاً من الانسحاب من جنوب لبنان وغزة. وبالطبع، حزب الله وطهران ليسا أقوى من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وإسرائيل، خصوصاً أن طموحات الحسم العسكري باتت من الماضي.

سياسياً، ينظر حزب الله وحليفه الإيراني إلى الاتفاقات الدولية والإقليمية في سوريا والمنطقة بعين الريبة. فلا الاتفاق الروسي- الأميركي ، ولا الروسي- التركي، ولا التركي- السعودي الذي تكرس في زيارة مولود جاويش أوغلو السعودية، في مصلحة طهران. هذا إضافة إلى الضغط الدولي الذي بدأ يمارس على بشار الأسد، في لحظة البحث عن المرحلة الانتقالية في سوريا، عبر تقرير منظمة العفو الدولية في شأن الاعدامات الجماعية لآلاف المدنيين والأطفال والنساء في سجن صيدنايا، والذي استتبع باستنكارات دولية طالبت بوجوب محاكمة الأسد. ويعبر عدد من الباحثين والمطلعين عن ذلك الضخ الإعلامي المستجد بما يصفونه "الضغط على إيران المتمسكة بالأسد"، خصوصاً أن الخارجية الروسية لم تنفِ حدوث الاعدامات ولم تُكذب التقرير ولم تدافع عن الأسد. وأكتفت موسكو بالقول إن التقرير "يعزز الكراهية بين السورييين".

ليس حزب الله بغافل عن ذلك. هو يرسم بهدوء "الخطة ب" لمحاولة الاستفادة مما يمكن الاستفادة منه قبل أن تعنف المواجهة بين الإيرانيين والأميركيين، والتي تقول أوساط مقربة من الحزب أن "لا مفر منها". وهذه الاستفادة قد تترجم في الداخل اللبناني، وفق الأوساط نفسها، من خلال فرض قانون انتخابي يكرّس صعود "الشيعية السياسية" في النظام اللبناني. ليس إصرار حزب الله في نقاشاته بشأن القانون الانتخابي على القانون النسبي إلا جزءاً من هذا. فهو يعلم أن النسبية من شأنها أن تكبل النائب وليد جنبلاط، وتقضم من كتلة المستقبل عدداً من النواب السنة، ليحظى الحزب بعدها بكتلة سنية من 7 نواب على الأقل هو أحوج ما يكون إليها في المرحلة المقبلة. وهو، أي الحزب، وفق الأوساط نفسها، لن يرضى بشكل من الأشكال بإعادة إنتاج الطبقة الحالية بأحجامها الحالية.

ليس هذا التحدي الوحيد الذي يواجه حزب الله. فالحزب ينظر اليوم إلى الوضع السياسي المأزوم الذي تعيشه إسرائيل بعين القلق. وبحسب الاوساط نفسها، فإن قانون الاستيطان يعبر عن أزمة إسرائيلية داخلية خاصة بعد قرار مجلس الأمن الرافض للاستيطان. الأمر الذي شكل أزمة داخلية لنتنياهو، ووضع ائتلافه اليميني "على صوص ونقطة". والتجارب علمت حزب الله وحماس أن أيّ أزمة إسرائيلية داخلية قد تدفع تل ابيب في اتجاه فتح جبهات عسكرية للهروب إلى الأمام، خصوصاً في ظل خلط الأوراق في المنطقة، لكن هذه المرة من دون معرفة وجهة المعركة المقبلة: غزة أم الجنوب اللبناني؟

تتفاوت التقديرات في بيروت بشأن حزب الله ما بعد أوباما، من دون أن يعني ذلك أن أطرافاً لبنانية عادت لتراهن على الأميركيين.. فـ"لا تلدغ قوى 14 آذار أو ما تبقى منها من جحر مرات ومرات"، على حد وصف أحد أقطاب 14 آذار في أحد مجالسه. لكن، إن كان من المبكر بعد استشراف سياسة ترامب، إلا أن ثمة مؤشرات توحي بأن "العصر الذهبي" الذي عاشه حزب الله والإيرانيون، والذي ترجم رضا دولياً على دورهما في المنطقة، يبدو أنه في طور الأفول. وخلط الأوراق هذا يطرح اليوم إشكالية وجود حزب الله في سوريا، والذي يكاد اخراجه منها يتحول إلى نقطة توافق بين العواصم. هذا التوافق ترافق مع معلومات تفيد بأن الروس يرعون اتفاقات بين الجيش السوري والمعارضة في مناطق عدة وآخرها في سرغايا والقرى المحيطة، حيث تضمن ذلك الاتفاق اخلاء حواجز حزب الله من المنطقة. قد يعني ذلك شيئاً لحزب الله الذي فتح بدوره، وفق المعلومات، الطريق إمام إبرام اتفاقات مع أهالي قرى القلمون لاعادة عشرات آلاف النازحين منهم المقيمين في لبنان إلى قراهم، من دون معرفة أبعاد هذا الاتفاق بعد.

يبقى أخيراً السؤال الأبرز: أين لبنان من الحسابات الاقليمية لحزب الله؟ بالتالي، هل سيحاول الامساك أكثر فأكثر بالملف الداخلي والقرار السياسي، خصوصاً في سعيه للنيل وحلفائه الأكثرية النبيابية في الانتخابات المنتظرة؟ وأين سيقف لبنان الرسمي باختلاف أطيافه التي ائتلفت منذ انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد إذا احتدمت من جديد بين الأميركي والإيراني؟

أسئلة قد تلقى إجابات بين سطور كلام الأمين العام الحزب السيد حسن نصرالله "إذا مش الأحد.. الخميس".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها