السبت 2015/09/05

آخر تحديث: 13:56 (بيروت)

حكي جردي: يا حيف

السبت 2015/09/05
حكي جردي: يا حيف
موت الطفل ثقي أسود في تاريخنا المظلم (الصورة: رسم ستيف دينيس)
increase حجم الخط decrease
ما من طفلٍ يموتُ إلا مظلوما، في كل مرة يحصل ذلك أتأكد أكثر أن السماءَ التي زعموا أنها رُفِعَتْ ذات خلق ما هي إلا ثقبٌ أسود في تاريخنا المظلم والقميء والنتن.

**  **  **  **
صور الطفل السوري الغريق على شواطئ تركيا لم تستفزني ولم تحرّك فيَّ أية مشاعر،
كل الكتابات التي تصدّرت الصحف، كل الفيديوهات التي زيّنت نشرات الأخبار في اليوم التالي، عبرت أمامي دون أن أنتبه لها، بالنسبة لي قد تكون مجرد جهد إعلامي بذله أهل المهنة التي تصعب ممارستَها بنزاهة من أجل إغناء سيرتهم الذاتية،
الإعلامُ في ظلِّ عالمنا الفاجر كذبةٌ مدوِّية لا صدى لها في عقول هذه الشعوب المُخَدَّرة،
وهذا العالم مات منذ زمنٍ سحيق،
وأنا متُّ قبله،
ويشهد أبي الذي يجلس جنب قبري الآن عندما أكتب هذا الكلام.

**  **  **  **
يموت السوريون يوميا في البحر وفي البر،
يموتون من كثرة البرد ومن كثرة الحر،
يموتون من الجوع،
تقتلهم البراميل كلما تلوا سورةَ الحمد،
يموتون بشتى الوسائل وفي كل الأمكنة،
لكنهم ما عادوا يموتون من الخوف،
 
وما عاد واحد منهم يموت على فراشه،
لكن هذا العالم لا يشعر ولا يرى ولا يسمع.

**  **  **  **
عاش السوريون غرباء في وطنهم، وها هم يموتون اليوم غرباء في أربعة أصقاع العالم.

**  **  **  **
الإيسلنديون الذين تحدوا قرار حكومتهم بالأمس وأعلنوا استعدادهم لاستقبال عائلات سورية في بيوتهم هم أشرف من كل هذا الإسلام الممتد من الماء إلى الماء ومن الرمل إلى الصحراء.

**  **  **  **
حتى الآن لا تستقبل دول شبه الجزيرة العربية اللاجئين السوريين، بالرغم من أن الصقور فيها يمدون المذبحة الحاصلة في سوريا بما تيسر لهم من مال وسلاح وإعلام، وبالرغم من أن الهاربين من جحيم الحرب الدائرة هناك هائمون على وجههم في البر والبحر، وبالرغم من أن تلك الأرض تحوي بين جنباتها الكعبة التي يتجه إليها مئات الملايين من المسلمين كل ساعة، لكن الذين يستمتعون بأموال الحج السنوية وخيرات النفط ويحثون الناس على اداء الصلوات في أوقاتها لا يرون مرضاة الله في فتح أبوابهم لأولئك الذين لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا في كنف نظام صادر كل حقوقهم ولم يسمح لهم يوما إلا بالرعي فوق بعض الأراضي السورية.

**  **  **  **
السعودية تشد عزائم أهل السنة في بلاد الشام، وإيران تبارك أفعال آل البيت في أرض السيدة زينب، أما القدير فقد نأى بنفسه عن كل ما يجري حتى الآن، لكنه يعد المسلمين بموقف واضح وحازم عندما يتبيّن الرابح في هذه المذبحة.

**  **  **  **
يتجه السوريون إلى أوروبا وأميركا بلاد "الفسق والفجور والإشراك بالله" هربا من نعيم رسالة خاتم الأنبياء:
عاش الإسلام في السعودية وإيران،
عاش القرآن،
عاش المرشد سليل النبي وعاش الملك خادم الحرمين الشريفين،
عاشت الحرب التي ما تزال مستعرة،
عاشت المذبحة،
وليسقط السوريون، فردا، فردا، حتى آخر عصفور فيهم.

**  **  **  **
في البدء اقتلع النظام السوري أظافر التلامذة الصغار في درعا، وحين انتفض الشعب السوري محتجا، اجتمعت كل دول الأرض واتفقت على اقتلاع أظافره.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها